الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إليون ماسك « 8 جيجا »

تقول الأسطورة اليونانية إن الإله زيوس عهد إلى «بروميثيوس» بخلق البشر، وأخيه «أبيمثيوس» بتشكيل الحيوانات، إلا أن بطء «بروميثيوس» الشديد فى إنهاء مهمته، جعل أخاه يستهلك كل الموارد المتاحة من المهارات وأسلحة الدفاع عن النفس من القرون والأنياب، فى تشكيل الحيوانات، ولم يبق شىء للإنسان، ما جعلها تتفوق على البشر، لكن بروميثيوس لم يستسلم، وسرق للبشر الكثير من المهارات الإبداعية والذكاء من آلهة الأوليمب، بما يحفظ للبشر تفوقهم على كل المخلوقات.



 

ذلك الصراع الأسطورى حدث على أرض الواقع ولكن بصورة مختلفة، ففى العام 2017 بدأ تحد بين اثنين من عمالقة التكنولوجيا فى العالم، إيلون ماسك، مؤسس شركة تسلا، ومارك زوكربيرج، مؤسس الفيس بوك، حول قدرة الروبوتات على التفوق على البشر.

«ماسك» أعلن أن الذكاء الاصطناعى يشكل تهديدًا وجوديًا للجنس البشرى، وهو ما وصفه زوكربيرج بأنها «وجهة نظر غير مسئولة إلى حد كبير».

من خلال تبادل التصريحات بين عملاقى التكنولوجيا، أصبح الصراع بينهما معلنًا، «ماسك» يرى أن تطوير مهارات البشر أهم للسيطرة على تفوق الذكاء الاصطناعى، فيما يرى «زوكربيرج» أن تطوير الروبوتات أكثر منطقية حتى لو على حساب الإنسان، وكل منهم يمضى فى طريقه.

وقبل أيام أعلن ماسك للمرة الأولى، عن توصل شركته لرقاقة تزرع فى الدماغ تربطه بالكمبيوتر، ويقول إنها ستسمح مستقبلاً بمنح قدرات إضافية خارقة على الرؤية والسمع، وحتى التحكم بالمشاعر وتخزين الأحلام والأفكار، فيما يعتبر الخطوة الأولى فى انتصار رؤيته على «زوكر بيرج».

 

شريحة «ماسك»

يعتقد إيلون ماسك والموظفون فى شركته «نيورالينك» المتخصصة فى علم الأعصاب، والتى تبلغ من العمر أربع سنوات، أن الشرائح الذكية، التى تطور من مهارات الإنسان ستلقى انتشارًا كبيرًا فى المستقبل القريب.

وقبل أسبوع نشر «ماسك» عرضًا توضيحيًا، لمناقشة عمل الشركة فى زراعة شرائح إلكترونية بالدماغ البشرى موثوقة وقليلة التكلفة، وأعلن أنه يعتقد أن المستهلكين حول العالم سيطالبون بها فى المستقبل القريب، ووصف الشريحة الجديدة قائلًا: «من نواحٍ كثيرة ، يبدو الأمر أشبه بساعة صغيرة فى جمجمتك، بأسلاك صغيرة».

ورغم وصف الحدث بأنه عرض توضيحى للمنتج، فإنه إلى الآن لا يوجد أى شىء يمكن شراؤه أو استخدامه من شركة «Neuralin»، نظرًا لأن معظم الادعاءات الطبية للشركة لا تزال محل دراسة.

ولم تكن Neuralink أول من يعتقد أن شرائح الدماغ الذكية، يمكن أن توسع أو تعيد القدرات البشرية، إذ بدأ الباحثون وضع مجسات فى أدمغة المصابين بالشلل، فى أواخر التسعينيات، لإظهار الإشارات التى تسمح لهم بتحريك أذرع الروبوت أو مؤشرات الكمبيوتر، ولمؤسسة «داربا» التابعة للبنتاجون تجاربها أيضًا فى ذلك المجال منذ سنوات.

وفى المقابل تقول Neuralink إنها تأمل فى تطوير الدمج بين الدماغ والحاسوب لدرجة يمكن تركيبها فى مكتب الطبيب فى أقل من ساعة، إذ أشار ماسك إلى الأشخاص الذين يتحكمون فى أجهزة الكمبيوتر بإشارات الدماغ، قائلًا:«هذا فى الواقع يعمل، لكنه ليس شيئًا يمكن للشخص العادى استخدامه بفعالية لكن الأمر سيكون أسهل وأشمل من خلال الشريحة الذكية الجديدة».

تجنب ماسك إعطاء جداول زمنية محددة، بشأن وقت محدد، لاختبار نظام Neuralink على البشر.

وحتى الآن، بعد أربع سنوات من تكوينها، لم تقدم Neuralink أى دليل على أنها تستطيع علاج أمراض مما تزعم مثل الاكتئاب، أو الأرق، من الأمراض التى ذكرها ماسك، كما أن إحدى الصعوبات التى تواجه الشركة هى إثبات كفاءة الأسلاك الدقيقة التى تصل بين الشريحة والعقل البشرى، والتى قد تتسبب مع الوقت في تآكل للخلايا العصبية للدماغ، وهى المشكلة التى قد تستغرق سنوات لحلها.

كان الهدف الأساسى لعرض الشريحة هو إثارة الحماس حول تلك الشريحة، وتشجيع فريق ماسك من المهندسين فى الشركة، فضلًا عن بناء قاعدة جماهيرية، كوسيلة لجمع المال، ورفع سعر أسهم الشركات، إذ يتحدى «ماسك» سعر سهم شركته الحقيقى، بنفس الطريقة التى فعلها مع شركته «تسلا» لصناعة السيارات الكهربائية.

 

الترويج للشريحة الجديدة

فى التغريدات التى سبقت الحدث، وعد ماسك المعجبين بتقديم عرض مذهل لأعصاب إلكترونية تنطلق داخل الدماغ، وبعد دقائق من البث المباشر، رفع المساعدون الستارة لتكشف عن ثلاثة خنازير صغيرة فى سياج.

احتوى دماغ أحد الخنازير على شريحة ذكية، وأصدرت مكبرات صوت مخفية لفترة وجيزة نغمات رنين، قال ماسك إنها تسجيلات للخلايا العصبية للحيوان، تنطلق فى الوقت الفعلى. وبالنسبة لعلماء الأعصاب، لم يكن هذا شيئًا جديدًا، فداخل مختبراتهم يُسمع طنين وفرقعة النبضات الكهربائية المسجلة من أدمغة الحيوانات، وبعض أدمغة البشر منذ عقود.

آلة خياطة الأعصاب

وقبل عام قدمت شركة Neuralink روبوتًا لآلة الخياطة القادر على غرس ألف قطب كهربائى شديد الدقة فى دماغ القوارض، هذه المجسات هى التى تقيس الإشارات الكهربائية المنبعثة من الخلايا العصبية.

وظهر ماسك بجانب نموذج أولي محدّث من تلك الروبوتات المختصة بخياطة التوصيلات العصبية، مغطى بخوذة بلاستيكية بيضاء ناعمة، بشكل أكثر أناقة من سابقتها، التى استخدمت على فئران التجارب.

 

نقل إشارات المخ

وربما كان التطور الأكثر إثارة للاهتمام خلال عرض ماسك، هو ما أسماه «الرابط»، وهو قرص بحجم الدولار الفضى يحتوى على رقائق كمبيوتر، ويقوم بضغط الإشارات المخية، لنقلها لاسلكيًا إلى أجهزة الكمبيوتر، التى من المفترض أن يتحكم بها البشر مستقبلاً، وسمك هذا الرابط هو تقريبًا نفس سمك جمجمة الإنسان.

وقال ماسك إنه يمكن أن يزرع بدقة على سطح الدماغ، من خلال حفر ثقب يمكن بعد ذلك أن يُغلق، مضيفًا: «يمكن أن يكون لدَىّ شريحة Neuralink مزروعة الآن ولن تعرف».

وقال ماسك خلال العرض أنه يمكن شحن الرابط لاسلكيًا، واقترح ماسك أن يقوم الأشخاص فى المستقبل بتوصيل التيار قبل أن يناموا لشحن روابطهم الإلكترونية وتلك مشكلة أخرى، فجميعًا نعانى من الشواحن مع الأجهزة المختلفة كالسخونة والتلف ونخافها فما بالك عندما يقوم هذا الشاحن بشحن شريحة داخل العقل البشرى، يعتقد ماسك أن الرابط يحتاج أيضًا إلى أن تكون سهلة التركيب والإزالة، حتى يتمكن الأشخاص من الحصول على شرائح إلكترونية جديدة خاصةً مع التطورالتكنولوجى السريع لن ترغب فى أن تظل عالقًا مع الإصدار القديم من روابط الدماغ إلى الأبد مما سيضعنا أيضًا أمام مشكلة أخرى، من يقرر أخلاقيات استخدام تلك الشرائح فى الأعمال اليومية بمعنى أصح أنه إذا ما أصبحت حقيقة سيكون من يملك المال لشراء تلك الشرائح هو الأقوى والأذكى.

من غير الواضح مدى جدية الشركة فى علاج الأمراض التى تم عرضها، فدائمًا ما كان ماسك أثناء العرض يبتعد عن الطب ويعود للقدرات الخيالية الأكثر مستقبلية التى سيمتلكها مستخدمو تلك الشرائح، واصفًا ذلك بالهدف العام للشركة.

ويعتقد ماسك أنه يجب على جميع الناس الاتصال مباشرة بأجهزة الكمبيوتر، لمواكبة الذكاء الاصطناعى، مضيفًا: «على مستوى الأنواع، من المهم معرفة كيف نتعايش مع الذكاء الاصطناعى المتقدم، بحيث يتم التحكم فى مستقبل العالم من خلال الإرادة المشتركة لشعوب الأرض، قد يكون هذا هو أهم شىء تحققه الشريحة الجديدة».

فى السياق نفسه، قال جراح الأعصاب الذى يعمل مع الشركة «ماثيو ماكدوجال»: إن الشركة كانت تفكر فى تجربة الزرع على الأشخاص المصابين بالشلل، للسماح لهم بالكتابة على جهاز كمبيوتر، أو تشكيل الكلمات، لكن طموح ماسك ذهب به بعيدًا إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أنه على المدى الطويل يمكن استعادة حركة الجسم بالكامل.