
محمد جمال الدين
التزييف الحقيقى للتاريخ
منذ أيام خرج علينا نَفَرٌ من بعض أرزقيّة الخارج؛ ليُحَدّثنا عن تزييف التاريخ وإنكار المعلوم منه، مُذكرًا أمثاله من معارضى الخارج بضرورة تذكّر أحداث رابعة العدوية التى يرى بسلامته أن ذكراها السابعة أصبحت أكثر شحوبًا فى الذاكرة الجمعية لجماعته الإرهابية، مُعتبرًا إياها بأنها تُعَد حلقة دامية من أهم حلقات التغيير السياسى فى مصر، الذى تناسَى هو وجماعته المُجرمة أن حلقات هذا التغيير الدامى هم من ابتدعوها وتفننوا فيها، منذ تأسيس الجماعة على يد مرشدها «حسن البنا»، وهى متورطة فى العديد من أعمال العنف والاغتيالات السياسية، فمن منتصف عَقد الأربعينيات مِن القرن الماضى حتى الآن تم اغتيال كبار رجال الدَّولة والسياسيين بخلاف العديد من القضاة والضباط وغيرهم من المواطنين المسالمين، جرائم تحقق لهم غاياتهم؛ لإيمانهم بأنهم وحدهم فقط مَن يملكون الحقَّ المُطلق، طبقًا لنظريتهم السياسية الخاصة بهم (مَن ليس معنا فهو ضدنا)، التى استخدموها فى تنفيذ جرائمهم الوقحة، مثلما حدث أمام قصر الاتحادية، حينما لم يرقَ لقادة الجماعة المجرمة توافُد آلاف المتظاهرين على (قصر الاتحادية) احتجاجًا على الإعلان الدستورى الذى أقرّه «محمد مرسى العياط»، فأمرت أعضاءَها بالتوجُّه إلى القصر الرئاسى، وفَضّ الاعتصام والاعتداء على المتظاهرين بالضرب والسّحل، ما أسفَر عن مقتل 10 أشخاص، من بينهم الزميل الصحفى «الحسينى أبوضيف»، وإصابة أكثر من 700 شخص، ناهيك عن جرائمهم فى الإسكندرية بإلقاء المعترضين عليهم من فوق الأسطح، والعريش التى قتلوا فيها المُصلين فى المَساجد، وباقى محافظات مصر التى شهدت جرائم يُندَى لها الجبين ولا تَمُتُّ للإسلام بصلة، هذا بعض من جُل من نهج جماعتك أيها المرتزق، التى تربت وتعلمت وأدمنت استعراض القوة والتلويح بالعنف، بل استخدامه ضد كل مَن يعترض سبيلهم، وبَعد ذلك تأتى وتتحدث عن رابعة العدوية وتزييف التاريخ والتغيير السياسى الذى لا تعلم عنه أنت وجماعتك الدموية شيئًا، رابعة التى تَعرّضَ فيها مواطنون مسالمون تواجدوا داخل أو بمحيط الاعتصام لأسباب مختلفة لحالات تعذيب واستعمال قسوة من قِبَل مَن كانوا يتولون تأمين الاعتصام، رابعة التى كان يُقتاد فيها الضحايا إلى أماكن غير معلومة داخل الاعتصام ليتم بداخلها التحقيق معهم للشك فى علاقتهم بأجهزة الأمن أو كونهم مدفوعين من قِبَلهم، تحت وابل من الضرب المُبرح بوسائط مختلفة خلفت آثارَ تعذيب لا يمحيها الزمنُ، أثبتت فى المَحاضر الرسمية وقتها، أيها المتباكى على رابعة التى كانت مدججة بالسلاح والبلطجية الذين ينتمون إليك وإلى جماعتك، والتى شهد فيها العالم أكبرَ فيلم كارتون تمَثل فى الجثث التى تفيق من ثباتها وتتحرك وهى فى كفنها بمجرد انتهاء تصويرها، ثم تعود أنت ومَن على شاكلتك لتتحدث بعد ذلك عن تزييف التاريخ وغسيل المواقف واستفاقة الضمير، مطالبًا إيّانا بالاعتذار عن الدماء التى أهدرت، فى وصلة من الكذب الصريح المستند على دول تجزل لك ولأمثالك العطاء، كى تستروا بها جرائمكم وجرائم جماعتكم فى حق هذا الوطن، تلك الجرائم التى أفرزت لنا فى النهاية أثناء فترة حُكمكم السوداء مجلسًا نيابيّا خائنًا شرَع لبيع تراب البلد، مجلسًا ملتحفًا ومتسترًا بلحَى كثيفة لتوهمنا بصلاحهم وتقواهم، وهم فى الحقيقة لا يتحركون إلّا لإشباع رغباتهم وشهواتهم الجنسية، سواء على الطرُق السريعة أو فى ارتيادهم للحانات والبارات التى تعرفها جيدًا أيها المرتزق، يا مَن تُسَبَحُ ليل نهار أنت وشقيقك بمَن اختار كذبًا أن يربط البحث والعمل الأكاديمى المُمَنهج بنضال حقيقى على الأرض وفى الشارع وبين الناس، يتلقى معهم هراوات غليظة (كما تدّعون) من أمن الاحتلال الصهيونى لفلسطين فيحوّل ذلك إلى خبرة حقيقية فى كيفية صهر الفكر الإنسانى بالثورة، رُغْمَ أنه فى الحقيقة تعاونٌ مع مَن وضع يده فى يد مَن يهدم وطنَه ويقتل ويغتصب حقوق أبنائه، مُعلنًا الانشغال الحقيقى لا الزائف، بهموم هذه الأمة ليكون بهم ومعهم، ضد كل قُوَى الاستبداد مَهما طالت واستطالت هذه القُوَى، فى حين أن سيده وتاج رأسه الأمير المُفدّى يستبد بأبناء وطنه، وسَحَبَ تعسفيّا جنسية دويلته من أبناء قبيلة «الغفران» بأكملها وحرمهم من حقوقهم الأساسية، وحقوقهم فى العمل اللائق، والحصول على الرعاية الصحية والتعليم، والزواج وتكوين أسرة، وحُرية التنقل وفتح حسابات فى البنوك أو الحصول على رخص قيادة، هذا بخلاف حرمانهم من دعم الغذاء والطاقة والرعاية الصحية المجانية..
كلمة أخيرة لك أيها المرتزق الهارب أمثال «إردوغان» الذى تُسَبّحون بحَمده وتقواه، والأمير إيّاه الذى يصرف عليك وعلى شقيقك ويوفر لكم الملاذ الآمن، سيتخلون عنك وعن أمثالك فى القريب العاجل، وقتها من المؤكد أنك ستبحث عن منهجية أو حيل أو غسيل مواقف أخرى لتضمن لك البقاءَ والوجودَ، وعدمَ تزييف التاريخ الذى تتشدق به بمداد قلمك المسموم.