الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هارى بوتر.. كلاكيت تاسع مرة!

فى 20 مارس الماضى، وصلت الإيرادات العالميّة للجزء الثانى من سلسلة (Fantastic Beasts)، والتى تعتبر «بادئة، Prequel» لسلسلة الفانتازيا (هارى بوتر)، لأكثر من 650 مليون دولار مقابل ميزانية بلغت 200 مليون دولار. ورغم أن هذه الأرباح كبيرة جدًا مقارنة بالميزانية التى خُصِّصت للفيلم؛ فإنها سُجلت فى شباك التذاكر كأقل إيرادات فى تاريخ عالم (هارى بوتر).



هذا العالم الشهير باسم Wizarding World أو عالم السحرة، والذى ظهر للنور لأول مرة على الورق عام 1997 وعلى الشاشة الكبيرة عام 2001 بفيلم (حجر الفلاسفة The Philosopher>s Stone)، والذى قررت صانعته الروائية البريطانية «جى. كيه. رولينج» أن تكون نهايته تزامنًا مع صدور الجزء الثامن من السلسلة وآخر أفلامها (مقدسات الموت Deathly Hallows) الذى طُرح فى دور العرض عام 2011، وحقق إيرادات فاقت المليار ونصف المليار دولار عالميًا، لتصل الأرباح الكلّية لهذه السلسلة - وقت العرض- إلى نحو 7.9 مليار دولار، وتحتل المرتبة الثالثة فى قائمة أكثر سلاسل الأفلام ربحًا فى التاريخ. 

لكن فى 2013، أعلنت شركة «وارنر بروس»-المالكة لعلامة «هارى بوتر» السينمائية - أن «رولينج» أعطتها الضوء الأخضر لإنتاج أفلام أخرى ضمن هذا العالم، وأنها بالفعل تعكف على كتابة سيناريو فيلم جديد كأول تجربة لها من هذا النوع.

وبالفعل وفى 2016 طرحت الشركة الجزء الأول من سلسلة (Fantastic Beasts) والتى تقع أحداثها فى مدينة نيويورك الأمريكية، قبل نصف قرن من ولادة «هارى بوتر»، فيما بلغت أرباحه حوالى 800 مليون دولار.

هذه الأرباح كانت بمثابة خسارة كبيرة مقارنة بأرباح السلسلة الأصلية، ذلك أنه وبحسب النقاد، حققت تجربة «رولينج» ككاتبة سيناريو فشلاً ذريعًا وقوبل الفيلم بموجة انتقادات شديدة أغلبها ركز على السيناريو ومعالجته ورسم الشخصيات الرئيسية وتمثيل «جونى ديب» المفتعل، ورغم ذلك أصرت «رولينج» أن الفيلم جيد على المستوى الدرامى، وسرعان ما أعلنت أنها بصدد خلق سلسلة جديدة مقتبسة عن (Fantastic Beasts)، وهو بالفعل ما حصل حينما طرح الجزء الثانى، والذى فشل أكثر من سلفه للأسباب نفسها.

كل هذه الأمور، إضافة إلى التصريحات السياسية والاجتماعية المثيرة للجدل، جعلت «رولينج» تواجه حتى الآن سيلًا من الانتقادات والاتهامات، والتى أثرت للغاية فى شعبيتها لدى عشاق عالم «هارى بوتر»، خاصة فى ظل تنامى التيار اليسارى داخل الولايات المتحدة والمتمثل فى موجة «الصوابية السياسية» التى تؤثر بشكل كبير على صناعة السينما وتحديد توجهاتها.

الأسبوع الماضى، كُيلت انتقادات عارمة لـ«رولينج» بعد انتشار أخبار حول استعدادها لإحياء أفلام «هارى بوتر»، وتعكف فى الوقت الراهن على كتابة جزء تاسع من السلسلة الأصلية وأن «وارنر بروس» دخلت فى مفاوضات مع أبطال الأفلام القديمة وبالتحديد «دانيال ريد كليف»، مؤدى شخصية «هارى بوتر»، و«إيما واتسون» مؤدية شخصية «هرموينى جرينجر» و«روبرت جرينت» مؤدى شخصية «رون ويزلى». 

ووفقًا لصحيفة «نيويورك ديلى تايمز» فإن «وارنر بروس» تريد إنهاء المفاوضات مع «رولينج» على الأقل قبل نهاية العام الجارى، خاصة أن «ريد كليف» لا يزال مرحبًا بفكرة عودته إلى أداء «هارى بوتر»، حيث قال مؤخرًا إن مسألة إعادة إحياء السلسلة أمر حتمى.

وفى سبتمبر الماضى، نشرت «رولينج» عبر حسابها الرسمى بموقع «تويتر»، تغريدة غامضة أرفقتها بـ«هاشتاج» يحمل اسم «هارى بوتر» وآخر بعنوان «الطفل الملعون» وهو عنوان مسرحيتها (The Cursed Child)، والتى تعتبر تتمة على الجزء الثامن من السلسلة، وهو ما فتح الباب لتكهنات واسعة أن المؤلفة البريطانية منكبة بالفعل على كتابة سيناريو جديد يعالج قصة المسرحية دراميًا.

التغريدة بالإضافة إلى تقرير «ديلى تايمز»، عززا من مصداقية الأخبار التى تتحدث عن المشروع الجديد، لكن الذى ينفى صفة الشائعات عن تلك الأخبار هو حقيقة أن «رولينج» كانت قد أعلنت فى 2016 وتزامنًا مع طرح الجزء الأول من (Fantastic Beasts)، أن «وارنر» ستضخ 5 أفلام أخرى فى عالم «هارى بوتر»، وكان من المقرر أن تطرح الشركة الجزء الثالث من السلسلة الجديدة فى نوفمبر العام الجارى، إلا أن المشروع تعطل لأن «وارنر بروس» بصدد طرح فيلم ضخم مقتبس عن سلسلة روايات الفانتازيا (كثبان) الشهيرة التى كتبها الروائى الأمريكى المخضرم الراحل «فرانك هربرت» عام 1965.

لكن مسألة اقتباس الجزء الجديد من مسرحية (The Cursed Child)، أمر أثار تخوفات كثيرة لدى قطاع عريض من الجمهور، وذلك لفشل تجربة «رولينج» فى كتابة السيناريو ولأنها لا تزال تواجه اتهامات بأنها تستغل نجاح اسم «هارى بوتر» والتربح من ورائه من خلال إصرارها على تأليف وإنتاج مزيد من الأفلام ضمن هذا العالم، ولأن المسرحية نفسها ليست-نظريًا - من تأليفها.

فى 2013، وبعد أن أعلنت «رولينج» فى 2011، أن قصة «هارى بوتر» انتهت بالفيلم الثامن، أثارت الروائية البريطانية جدلًا واسعًا حينما قالت إنها ستعرض مسرحية تركز على حياة «هارى بوتر» قبل دخوله مدرسة السحر، وبعدما تعرضت لانتقادات أعلنت فى 2015 أن المسرحية ستركز على «ألبس» نجل «هارى بوتر» الذى يحاول الرجوع بالزمن، وبالتحديد لأحداث الجزء الخامس من السلسلة الأصلية، لإنقاذ صديق والده «سيدرك جودرى» الذى مات على يد الشرير الرئيسى فى هذا العالم «لورد فولدمورت»، وذلك بعد انقضاء أكثر من 20 عامًا.

لكن بحلول عرض المسرحية فى يوليو 2016 ونشر نصها فى كتابٍ حقق مبيعات هائلة، تفاجأ الجمهور أنها من تأليف «جاك ثورن» و«جون تيفانى» بإشراف من «رولينج» وبأن أدوار «هارى» و«هرموينى» و«رون» كانت هامشية تؤثر بالكاد فى القصة، رغم أن الأول أصبح ناظر مدرسة «هوجورتس»، والثانية أصبحت وزيرة السحر، والثالث يشغل وظيفة قيادية فى الوزارة.

وبعيدًا عن أن قصة المسرحية التى لا تضيف شيئًا إلى ما يعرف بـCanon وهو مصطلح يعنى حرفيًا القاعدة أو المقياس، ويطلقه الوعى الجمعى الثقافى، خاصة الأمريكى، على قاعدة البيانات الخاصة بأى أعمال أدبية كبيرةعلى غرار عوالم (سيد الخواتم، صراع العروش وحرب النجوم).. إلخ، إلا أن الجمهور رأى أن القصة نفسها تعانى من ضمور حاد على مستوى السرد الدرامى. 

بيد أن النقاد شبهوا أحداث المسرحية بمسلسلات الـSoap opera المبتذلة والأفلام التى تركز على حياة المراهقين فى المدارس الثانوية، فعلى سبيل المثال، الخط الزمنى للقصة ليس متصاعدًا على غرار السلسلة الأصلية، فلا نرى تطور شخصية «ألبس» خلال سنوات دراسته الأولى ولا تحدث له مغامرات شيقة كالتى حدثت مع أبيه حينما كان طفلاً، بل تقفز الأحداث بشكل متسارع ومتسرع دون أى اعتبارات درامية، وذلك بهدف الوصول إلى مركز الحبكة الرئيسى، وقد أثّر هذا على غياب عناصر شديدة الحسم فى أى بناء درامى، مثل الحدث الصاعد أو الصراعات الثانوية أو الحبكات الموازية.

كما أن جميع أحداث الفصل الأول لا تسلط الضوء سوى على «ألبس» ومحاولة تحقيق ذاته بين زملائه وتملصه من اسم أبيه، وهو ما ينبثق عنه خط درامى شديد الميلودرامية واللا معنى يدور فى فلك توتر العلاقة بينهما، ناهيك عن بعض المشاهد الاعتباطية كالحوار الطويل بين «هارى» و«هرميونى» التى ظلت من خلاله تقنع «هارى» بأن يأكل بعض الحلوى! 

إلا أن من جملة الأمور الرئيسية التى أخذها النقاد والجمهور على القصة، هو أن «رولينج» و«ثورن» و«تيفانى» أقحمواعناصر درامية وقواعد لا تنتمى لـCanon عالم «هارى بوتر»، حيث إنها استخدمت فكرة السفر عبر الزمن والأزمنة المحتملة والأكوان الموازية، فأصبحت فصول المسرحية عبارة عن محاولات فاشلة لإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه بسبب خطأ طفولى حدث بالصدفة، تمامًا كما حصل فى أفلام مثل (The Butterfly Effect) و(Back to the Future).