الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصر والصراع العالمى فى الإعلام والفن الجديد

الفنون الجديدة هو المفهوم الذى يطرح نفسه الآن بقوة ورسوخ فى كل أنحاء العالم، وهو مصطلح واقعى بسيط يتزامن ويتكامل مع مفهوم الإعلام الجديد.



وإن كان المحرك الفاعل لتلك الموجة من الفنون الجديدة التى يجب الانتباه إليها فى مصر والوطن العربى، هو مفهوم الإعلام الجديد الأكثر رسوخًا وصاحب السبق فى التغيير النوعى فى وسائل الاتصال الإعلامى والفنى.

 

ولعل الصفات المشتركة الأساسية بين الموجة الجديدة فى الإعلام والفن واضحة للغاية، إلا أنها تطرح أسئلة كثيرة مهمة.

فرغم اللا تزامنية بمعنى مقدرة الفرد الطبيعى المعاصر أن يختار زمان ومكان التفاعل مع الموجة الجديدة عبر الشبكة الدولية للمعلومات وعن طريق استخدام أبسط الأجهزة التكنولوجية مثل التليفون المحمول والشاشات الذكية.

إلا أن سؤال اختيار مكان وتوقيت إطلاق الصور والأفكار يبقى بيد عدد من النخب والمدن المؤثرة.

ورغم تفاعلية الموجة الجديدة، فإن أحد أطراف التفاعل يملك الإمكانيات المعرفية والتكنولوجية الأكثر تطورًا والأقدر على التأثير والترويج للصور والأفكار والمشاعر.

من المؤكد أنها موجة ذات طابع عالمى سريع الانتشار وشديد الحيوية والمرونة.

لكن السؤال المطروح: مَن العقل المفكر والمدبر، وهل لايزال هو ذلك العقل المركزى الذى كان صاحب التأثير الأكبر فى الإعلام والفنون ذات الطابع التقليدى؟

بالتأكيد تبقى هى أمريكا ومركز التأثير فى دوائر العقل الغربى.

ولعل الصراع الدائر حاليا حول ضرورة إلغاء عمل تطبيق «تيك توك» الصينى فى الولايات المتحدة الأمريكية هو أحد تجليات الصراع على مراكز التأثير فى الرأى العام العالمى والتأثير فى العولمة بمعناها الفكرى وصياغة احتياجات الإنسان المعاصر حول العالم ورغباته.

ويقف وراء هذا الصراع شعور قوى بالمنافسة الصينية الإعلامية الفنية بعد المنافسة الاقتصادية فى السوق العالمية.

إن نيويورك الابنة الشابة القوية الحية لمدينة لندن العجوز الوقورة هى مركز الشركات متعددة الجنسيات فى الاقتصاد والثقافة.

مما يجعل العواصم المتعددة حول العالم عبر التراكم الكثيف لا تجد فرصة حقيقية للاختيار، بينما تصبح ثقافة الجماهير العامة مكبلة بطريقة حياة جديدة عبر التجارة والإعلام والفنون الجديدة.

من طريقة ارتداء الملابس إلى طريقة تناول الطعام، وترتيب المنازل وغرف المعيشة حول العالم.

مما يجعلنا أمام السؤال المصرى والعربى المهم، وهو: كيف يمكن لنا الحفاظ على الثقافة الوطنية كطريقة تفكير وكأسلوب حياة فى ظل ما يدور حولنا من تغيير كثيف يستخدم الشركات متعددة الجنسيات فى الاقتصاد والأفكار والمشاعر والاحتياجات الإنسانية، وفى القلب من كل ذلك الإعلام والفن الجديد.

ولهذا فما أحوجنا الآن لتصور نظرى ثقافى فى مجالى الفن والإعلام يمكن تحويله إلى سياسات على أرض الواقع، كضرورة للإبقاء على الثقافة القومية، حفاظًا عليهما من الاندماج فى الهوية اللا قومية فى ظل تيار العولمة الجارف.

وفى هذا الشأن يحتاج الإعلام الجديد والفن الجديد فى مصر لامتلاك طرق وأدوات ومنصات ووسائل يمكن من خلالها المشاركة فى صنع الثقافة العالمية والتفاعل مع مراكز الأفكار والصور الكبرى جنبًا إلى جنب مع مخاطبة الداخل، فى إطار توازن فى صنع سياسات ثقافية تحافظ على الهوية وتتفاعل مع النظام العالمى القائم.

والأكثر إدهاشا وربما يخجل الكثير من الكتاب أن يصرحوا به، هو احتياجنا إلى الحفاظ على المنتج الثقافى والإبداعى التقليدى للعقل الأوروبى الذى تفاعل تفاعلاً مثمرًا خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين مع الثقافة القومية.

فسؤال الذات الثقافية الأوروبية سؤال مطروح بقوة فى ظل القيم الجديدة للإعلام والفنون ذات الطابع الجماهيرى السهل والمسلى جدا، والعامل فى الرغبات الأساسية للبشر.

فمع حضور القرن الحادى والعشرين تغيرت مراكز القوة المعرفية فى الإعلام والفنون بتراجع لصالح الغرب الأمريكى الجديد، وظهر واضحا التفاوت والتمييز بين المدن الأمريكية والأوروبية، خصوصًا مع ثقافة الانفتاح الكبير للحريات الشخصية وإمكانية قيام الفرد بعملية إنتاج الأفكار والصور وترويجها عبر التطبيقات الحديثة بسهولة ويسر فى التكلفة وفى الترويج، فى عالم أصبحت مراكز القوة فيه تسمح بحضور واضح للقوة المعلوماتية والمعرفية.

ولذلك فالقوة الثقافية المصرية ضرورة لا رفاهية، وتعد فى تقديرى الأولية الهامة فى عمل المؤسسات المختصة فى الفنون والإعلام هى رصد وتحليل الحركة الأدائية التى تحدث فى المجتمع، الصور والسلوك والمشاهد اليومية فى أدق تفاصيلها، المشاهدات، أبرز طرق تناول الطعام وأنواعه والأزياء وملامحها، تخطيط المدن، التجمعات السكنية، طرق التسلية والترفيه، وما إلى ذلك من عناصرمهمة لسلوك البشر وانفعاله وتفكيره، وردود أفعاله واهتماماته وهو أداء يحمل طابع المسرحية والتمثيل والاحتفال وارتداء الأقنعة، وخلط السلوك والصور بين الواقع الحقيقى والافتراضى.

ولا أمل فى هذا الصدد من ضرورة ذكر الحفاظ مع التطوير للفنون الشعبية والتراثية المصرية والحفاظ على مؤسسات الإنتاج التقليدى فى الإعلام والفنون، والنظر الجاد فى علاقتها بالإعلام والفن الجديد، وهو دائرة صراع كبيرة فى عالمنا المعاصر.>