الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل تحسم حزمة الإنقاذ الاقتصادى الانتخابات الأمريكية مبكرًا؟ خناقة الـ «تريليون دولار»!

تدور رُحَى معركة جديدة بين الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب والديمقراطيين بالكونجرس الأمريكى، حول حزمة تحفيز جديد للاقتصاد المتداعى، أمام الانتشار الواسع لفيروس «كورونا».



وتشمل خطة التحفيز الاقتصادى خفض قيمة المساعدات المالية للعاطلين عن العمل، إلى 400 دولار أسبوعيّا، بينما يرفض الديمقراطيون ذلك الطرح متمسكين بصرف 600 دولار للمواطنين؛ ماجعل الخلاف يندرج ضمن معركة تكسير العظام بين الحزبين لحسم نتائج الانتخابات المقبلة. 

فكيف تؤثر تفاصيل هذه الحزمة الاقتصادية التى تُقدّر بتريليون دولار، على نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة؟

تحديات قانونية

تواجه حزمة التحفيز الاقتصادى التى اقترحها البيت الأبيض، عددًا من التحديات القانونية؛ لأن الدستور الأمريكى يمنح الكونجرس سُلطة الفصل فى إنفاق الأموال الاتحادية، إضافة لفشل المفاوضات بين الحزبين (الجمهورى والديموقراطى) على خلفية إصرار الديمقراطيين إدخال تعديلات على الخطة، تشمل توفير مساعدات للمهاجرين غير الشرعيين، والإفراج عن السجناء والمعتقلين من المهاجرين.

وفى المقابل، وقّع الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أوامر تنفيذية تضمنت تجديدًا جزئيّا لإعانات البطالة لعَشرات الملايين من الأمريكيين، الذين فقدوا وظائفهم بسبب جائحة «كورونا»، تضمنت خفض منحة الإعانة من 600 إلى 400 دولار أسبوعيّا، وأبدى «ترامب» قناعته بأن هذا الإجراء سيدفع العاطلين عن العمل إلى البحث عن وظائف جديدة.

كما وجّه ترامب بمنع أصحاب العقارات من طرد مستأجريها فى حال عجزهم عن سداد الديون، بالإضافة إلى اعتماد الدفع المؤجل للقروض الدراسية، فضلًا عن تعليق جمع ضرائب على الرواتب. مشيرًا إلى أن التعليق سيُطبق على الأشخاص أصحاب الدخول التى تقل عن 100 ألف دولار سنويّا.

صراع الانتخابات

 

أخذت خطة التحفيز الاقتصادى بُعدًا آخر؛ نظرًا لقُرب موعد الانتخابات الأمريكية، المقرّر لها أن تُجرَى فى 3نوفمبر المقبل، وبالتالى؛ فإن نجاحها من المفترض أن يساعد فى إعادة انتخاب ترامب لفترة رئاسية ثانية.

وعلى خلفية الصراع على الانتخابات، اتهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الديمقراطيين وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب، نانسى بيلوسى، وزعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ، تشاك شوم، بأنهم «يحتجزون المساعدات المخصصة إلى الأمريكيين المتضررين جراء جائحة فيروس كورونا كرهينة».

وأشار ترامب إلى أن الديمقراطيين حاولوا إدراج عدد من الملفات على أچندة المفاوضات بين الكونجرس والبيت الأبيض، منها تقديم تحفيزات مالية إلى المهاجرين غير الشرعيين والإفراج عن السجناء والمهاجرين غير الشرعيين المعتقلين، متسائلًا إذا كانت لهذه الاقتراحات أى علاقة بمساعدة اقتصاد الولايات المتحدة ومحاربة «كورونا».

واتهم الديمقراطيين بتقديم «الأچندة اليسارية المتطرفة التى لا علاقة لها بجائحة الفيروس الصينى» على مصالح المواطنين. مشددًا على أنهم «لا يريدون مساعدة الشعب».

وحمّل ترامب، الديمقراطيين، مسئولية تقديم تعديلات على القوانين الخاصة بالتصويت فى الانتخابات المقبلة، التى تفتح مجالًا أمام التلاعب بنتائج الانتخابات، بما يشمل التراجع عن إجراءات التحقق من هوية الناخبين وصحة التوقيعات وتنظيم التصويت عبر البريد.

وتابع: «هل تعرفون ما هو الهدف وراء ذلك؟ إنه الاحتيال، وهم ينوون محاولة سرقة الانتخابات لأن هذه هى الطريقة الوحيدة بالنسبة لهم للفوز فيها».

وأثارت تحركات ترامب لانتزاع إجراءات المساعدات من أيدى الكونجرس، انتقادات من بعض الديمقراطيين، ممن يحاولون إعطاء العاطلين عن العمل 600 دولار أسبوعيّا، وهو ما يرفع قيمة الحزمة لأكثر من تريليون دولار، ويجعلها تقترب من قيمة الحزمة السابقة التى كانت تصل إلى 2.2 تريليون دولار.

وعلى الجانب الآخر، يرى الجمهوريون أن إصرار الديمقراطيين على رفع قيمة المساعدات يأتى من قبيل دفع رشوة انتخابية للأمريكيين؛ لإسقاط ترامب فى الانتخابات على حساب الاقتصاد، الذى يمر بأكبر فترة ركود منذ الكساد الكبير فى ثلاثينيات القرن الماضى.

 

أوضاع كارثية

يمر الاقتصاد الأمريكى بفترة عصيبة تُعَد الأسوء منذ الأزمة المالية العالمية فى 2008م؛ نتيجة تداعيات انتشار «كورونا» وقيود غلق الأنشطة الاقتصادية، التى بدأت فى مارس الماضى؛ حيث فقد نحو 30 مليون شخص وظائفهم، وأفاد مكتب التحليل الاقتصادى بوزارة التجارة الأمريكية مطلع الشهر الجارى، بانخفاض إجمالى الناتج المحلى الأمريكى فى الربع الثانى، وفقًا للتقييم الأول، بنسبة قياسية بلغت 32.9 % على أساس سنوى.

وأقرت الإدارة الأمريكية فى بداية الأزمة حزمة للتحفيز الاقتصادى بلغت أكثر من 2.2 تريليون دولار؛ لمساعدة الأسر والشركات على مواجهة تداعيات الوباء، فيما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أن عجز الميزانية الاتحادية ارتفع فى مايو الماضى إلى 399 مليار دولار مقارنة بمايو 2019م.

ومع انخفاض الإيرادات بنسبة 25 %، يصل إجمالى العجز المالى منذ بداية السنة إلى 1.88 تريليون دولار، متجاوزًا عجز ميزانية 2009م القياسى البالغ 1.4 تريليون دولار، إضافة لنمو الدَّيْن الحكومى الأمريكى منذ مطلع العام الجارى بنحو تريليونَى دولار، ولأول مَرّة فى التاريخ تجاوز مستوى الـ25 تريليون دولار. 

ويُرجع الخبراءُ هذه الزيادة الحادة فى عبء الديون الأمريكية، إلى الإنفاق الحكومى الواسع لمواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة «كورونا»، كما يتوقع فى ظل مستويات الإنفاق الحالية، أن يصل عجز الميزانية الأمريكية إلى 18 % من حجم الناتج المحلى الإجمالى، وذلك للمرّة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.

أثارت الخطوات التى اتخذها الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بطباعة وضخ النقود فى الاقتصاد، المخاوف من أن إمكانية زيادة التضخم وإضعاف الدولار، وهو ما حدث مؤخرًا، وأدى إلى زيادة غير مسبوقة فى أسعار الذهب.

 

الأوراق الرابحة

يرى «ترامب» أنه لا يمكن أن يُهزَم فى الانتخابات المقبلة إلّا من خلال الاحتيال وتزوير الانتخابات التى يخطط لها الديمقراطيون، عبر إجراء التصويت بريديّا، ما يجعل الديمقراطيين يُصرون بشدة على تشديد إجراءات الإغلاق لكثير من الولايات التابعة لهم بدعوى مكافحة انتشار «كورونا»، رُغم التبعات الكارثية على الاقتصاد. 

ويملك «ترامب» عددًا من الأوراق التى تؤهله لحسم الانتخابات، بحسب العديد من الخبراء، رُغم تراجعه فى معظم استطلاعات الرأى عن منافسه «جو بايدن»، إذ أكد خبير الاقتصاد الدولى، «طلال أبو غزالة»، أن هناك عدة تحليلات عبر وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية، تشير إلى أن الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة تمامًا عن الانتخابات السابقة فى أمريكا والعالم.

وأشار إلى أن عملية التصويت عبر البطاقة البريدية ستجرى بطريقتين، تختار كل ولاية من الولايات الطريقة التى تناسبها. موضحًا أن الطريقة الأولى هى إرسال الدوائر الحكومية رسائل بريدية لكل ناخب مسجل لإجراء التصويت وإرسال ورقة انتخابه إلى الجهات الرسمية عبر البريد الإلكترونى أيضًا.

وأضاف إن الطريقة الثانية هى أن يطلب من كل ناخب مسجل إرسال طلب بريدى للدوائر الحكومية لاستلام بطاقة انتخاب ليقوم بإرسالها بعد التصويت. مشيرًا إلى أن كل المؤشرات تؤكد بقاء الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض.

فى السياق نفسه، يؤكد الخبراء أن استباق رفض الرئيس دونالد ترامب لنتيجة الانتخابات إذا تمت بهذه الطريقة واعتبار أن الديمقراطيين سيقومون بتزويرها، يجعل إمكانية خسارته غير مقبولة وغير متوقعة؛ خصوصًا أن القاعدة الشعبية المؤيدة له تُهدد بإشعال حرب أهلية حال خسارته.