السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الجائحة التى كشفت معادن النجوم!

عندما عادت الحفلات الموسيقية مَرّة أخرى بعد فترة توقُّف طويلة بسبب فيروس «كورونا»، تعالت بعض الأصوات الغاضبة من القرار، ورُغم اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية؛ فإن حجة داعمى هذا الرأى تكمن فى أنه لا مجال للترفيه فى ظل وجود فيروس «كورونا»، وإن عودة الحياة إلى طبيعتها لا بُد أن تتم فى أضيق الحدود، وألا يشمل الحفلات، والعروض الفنية، غافلين بذلك عن فئة لا يستهان بها من أعضاء الفرق الموسيقية، من عازفين الآلات، والكورال، والمطربين، وغيرهم، والذى تعد تلك الحفلات هى مصدر رزقهم الوحيد، ما اضطر بعضهم إلى البحث عن عمل آخر يغنيه عن ذُل السؤال.. وفى السطور التالية تلقى «روزاليوسف» الضوءَ على تلك الأزمة، التى كشفت معادن النجوم، فبعضهم مد يده بالمساندة لفرقته، والبعض الآخر خذلهم.



 

> مساندة وتخلى

يصف «أحمد عبدالعزيز»، الموزع الموسيقى وعضو نقابة المهن الموسيقية وقائد إحدى الفرق الموسيقية، الأزمة، فيقول: «الوسط الموسيقى فى معاناة شديدة ومشكلات عدة بسبب التوقف عن إقامة الحفلات الغنائية والأفراح وكل النشاطات الأخرى التى شهدت توقفًا تامّا منذ خمسة أشهُر، فى حين أن هذا التوقيت تحديدًا من كل عام يكون ذروة النشاط الفنى، الذى يعيش الجميع من مردوده المالى طوال العام، ما دفع العديد لشكوى معاناتهم على شبكات التواصل الاجتماعى ودفع المطرب «عبدالباسط حمودة» لعمل ڤيديو يطالب النقيب «هانى شاكر» بإيجاد حل للمتضررين، وكان للنقابة أيضًا بعد ذلك دور فصرفت لبعض الأعضاء مبلغ دعم مالى يُقدر بـ 1500جنيه على ثلاث دفعات تُصرف بقيمة 500 جنيه شهريّا كمساندة، ورُغم ضآلة هذا المبلغ وكونه لا يُسمن ولا يُغنى من جوع؛ فإنه جهد مشكور للنقابة؛ خصوصًا مع المقارنة بعدد الأعضاء الذى يقدر بعشرات الآلاف، لاسيما أنها الجهة الوحيدة على مستوى محافظات مصر كلها التى ينتسب إليها كل الموسيقيون.. والفرق الموسيقية ثلاث فئات،أحدهم يلعب الموسيقى خلف النجوم، والثانى يعمل فى الفنادق، وفى الملاهى الليلية، وغيرها من أماكن الترفيه والمناسبات والاحتفالات، ونوع آخر يعمل باليومية، وهم الفئة الأكثر تضررًا، وكنت أتمنى من كل النجوم أن يتعاونوا مع النقابة وأن يتحمل كل نجم فرقته الموسيقيه ولا يتخلى عنها فى هذه الظروف وبالتنسيق أيضًا مع النقابة حتى تستطيع هى بدورها تقديم الدعم لباقى الأعضاء، مع الأخذ فى الاعتبار أن النجم يتقاضى فى الحفل الواحد مئات الآلاف والعازف يتقاضى ألفَى جنيه، والنجوم لديهم العديد من مصادر الدخل سواء من خلال الظهور الإعلامى أو من وسائل التواصل الاجتماعى وخلافه، وبالتالى مستوى الفنان المادى يسمح له بذلك والضرر لا يقع عليه، أمّا العازف فليس له سوى مصدر رزق واحد وهو عمله مباشرة فى الحفلات».

> جشع وعطاء 

ويتحدث «محمود البحرى»، عازف أوكورديون، عن معاناته وما عاشه خلال الأشهُر الماضية ويقول: «أعزف خلف بعض النجوم الشعبيين مثل الفنان عبدالباسط حمودة، وأعزف أيضًا فى أحد الملاهى الليلية فى شارع الهرم، ولم أتوقع يومًا أن أتوقف عن العمل كل هذا الوقت، ولم أتوقع أيضًا أن أدين بمبلغ 25000 جنيه، فالأشهُر الماضية عانيت فيها بشدة وتفاقمت المشكلات فى حياتى ووضعت زوجتى أصغر أطفالى، فى حين أننى كنت معتادًا أدخل فى جمعيات شهرية، أتقاضى منها مبلغًا من المال لأنفق منه على أسرتى طوال السنة، وفجأة انقلبت الدنيا، وفى تلك الأزمة ظهرت معادن العديد من الفنانين، فالفنان «عبدالباسط حمودة» أعطى كل عضو من فرقته (6 آلاف جنيه) شهريّا، والفنان «بهاء سلطان» أعطى كل شخص يعمل معه (4 آلاف جنيه) رُغم المشاكل الإنتاجية التى يعانى منها وتوقفه عن الغناء، والفنان «رضا البحراوى» أعطى راتب (5 آلاف جنيه) للفرد، رُغم أنه شاب صغير، أمّا الفنان «محمود الليثى» فأعطى كل عضو فى فرقته (300جنيه) فى حين أن دخله الشهرى لا يقل عن (3 ملايين جنيه) وكان يوميّا يقيم ثلاث وأربع فقرات فى أماكن مختلفة يتقاضى منها ما لا يقل عن (200 ألف جنيه) يوميّا، والنقطة الأخرى التى نعانى منها منذ سنوات ولا تقل أهمية هى وضع الفرق الموسيقية فى الملاهى الليلة وحقوقهم الضائعة، فمن المتعارف عليه أن الفرق تتقاضى أجرًا زهيدًا جدّا من أماكن العمل ثم تحصل على ثلث الأموال التى يتم إلقاؤها على المسرح أثناء العروض (الكييت)، ومنذ سنوات اتفق أصحاب تلك الملاهى على احتساب أجور يومية أعلى قليلا ولكنها ثابتة لكل العاملين فى الفرق الموسيقية نحو 2500 جنيه فى اليوم للفرقة، وأن يكون كل المكسب لأصحاب المكان الذى لا يقل عن 4 أو 5 ملايين، وعلى المتضرر ترك العمل، وعدد قليل جدّا من نجوم الغناء الذين لهم شعبية كبيرة وجمهور من المترددين على تلك الملاهى مثل المطرب «أمير عبدالله» والمطرب «ضياء» هم من يستطيعون أخذ نسبتهم المتعارف عليها بشكل عادل نظرًا لشهرتهم، والنقابة التى تأخذ منّى فى كل يوم عمل وصل بـ(300 جنيه) عندما تدخلت لم تستطع وضع حد لجشع أصحاب المحلات أو المحافظة على حقوق العازفين، وأنا أطالب النقيب بحل أزمتنا وإعطائنا حقوقنا الضائعة».

>  أقل المتضررين

ويُعتبر الأعضاء العاملون فى نقابة المهن الموسيقية هم الفئة الأقل ضررًا بين الموسيقيين، وعنهم تحدّث «وليد حسن»، عازف قانون وموظف بدار الأوبرا المصرية، فقال: «نجلس فى منازلنا منذ أن أرسلت لنا «د.إيناس عبدالدايم» خطابات بضرورة وقف العمل تمامًا بسبب الأزمة، وظللنا هكذا كغيرنا من الناس طوال الأشهُر الماضية، ولم نعُد للعمل سوى منذ فترة قصيرة، والحمد لله بدأنا مجددًا فى استعادة نشاطنا وأقمنا حفلات غنائية فى دار الأوبرا المصرية مع أخذ الإجراءات الاحترازية، وخلال الأيام القليلة الماضية النقابة أعطت 500 جنيه لكل عازف كنوع من الدعم بسبب الأزمة وهناك المزيد من الدعم سنحصل عليه خلال الأشهُر المقبلة، وطبعًا عدد الأعضاء كبير جدّا ومن الصعب أن نتوقع من النقابة أن تعطى أكثر من ذلك، ونحن الحمد لله من أقل المتضررين فى مجالنا، فأنا موظف بالدولة وأكاديمى وعضو عامل فى النقابة، ومع التأثر السلبى المادى والمعنوى الذى حدث لنا إلّا أن أكثر المتضررين من الأزمة هم من يعملون باليومية أو لا ينتمون لمكان عمل يصرف لهم أجورًا ثابتة، أتمنى من الله أن يُصلح حال الجميع وتنتهى الأزمة على خير».

> إمكانيات النقابة

وعقّب «أحمد رمضان»، سكرتير عام النقابة وأحد أعضاء المجلس، على كل ما وصفه أطراف الأزمة بأن النقابة قامت بكل دورها تجاه أعضائها على أكمل وجه، وقدمت الدعم المالى للعمالة غير المنتظمة، ومن يعملون باليومية، وقدمت الدعم المالى أيضًا للأعضاء العاملين الذين يعملون بالمدارس والجامعات والقطاعات الفنية المختلفة، فقال: «مَهما كان الرقم الذى أخذوه بالطبع لن يكفى كل احتياجاتهم، ولكن النقابة قدّمت ما تستطيعه فى حدود إمكانياتنا المتاحة؛ خصوصًا أننا نلتزم شهريّا بمبالغ مالية ضخمة جدّا كمعاشات ومصاريف علاج، سواء أمراض مزمنة أو فواتير المستشفيات وغيره، وكلها التزامات مالية على النقابة وتكلفة كبيرة تقدر بالملايين، وفى الوقت نفسه النقابة لم يدخل لها جنيه واحد منذ خمسة أشهُر ولا يوجد أى إيرادات، وهذا مؤشر خطر جدّا، والفئة الوحيدة التى لم تحصل على الدعم هم الأعضاء المنتسبون لأنهم حاصلون على تصاريح لمزاولة المهنة فقط، والعضو المنتسب هو شخص حاصل على تصريح مزاولة المهنة بشكل مؤقت لأنه بالفعل لديه مهنة أخرى غير الموسيقى والغناء، ومن الممكن أن يكون الشخص مهندسًا، أو طبيبًا، أو محاميًا، ويمارس الموسيقى كنوع من أنواع الهوايات والنقابة غير مسئولة عنهم، وبغض النظر عن اعتراض وتذمُّر بعض الأعضاء فهذا وضعٌ عام على العالم كله، ونحن وبعض المجالات الأخرى كالسياحة مثلا لن نستطيع القيام بنشاطنا بسهولة حتى تعود الحياة لطبيعتها»

. ويستكمل «رمضان»: «هناك بعض الفنانين الذين قدّموا بالفعل الدعم المالى إلى فرقهم ولكن النقابة لا يمكنها أن تجبر أحدًا على شىء، فهذا شىء ينبع من الشخص نفسه ولا يوجد قانون يجبر شخصًا على الالتزام بشخص آخر، وبالنسبة للملاهى الليلية فنحن حاولنا كثيرًا أن يحصل كل العاملين فيها على مستحقاتهم وطالبناهم بعدم قبول العمل إلا بعد الاتفاق على الأجر الذى يحصلون عليه كما هو متعارف عليه فى نظام العمل، إلّا أن البعض (بيلفوا من ورانا) ويتنازلوا عن حقوقهم مجددًا».>