الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خرائط التنمية من العلمين للسلوم

سعت الدولة، طوال سنوات عدة لتنفيذ مشروع قومى يقدر على استيعاب الكثافة السكانية العالية المتمركزة فى وادى النيل الضيق وجذبها لبراح شاطئ المتوسط البديع، لكن كان الفشل مصيرًا لتلك المحاولات.. ولأول مرة فى سنوات قليلة نجد أنفسنا أمام مشروع متكامل لتنمية الساحل الشمالى الغربى.. المشروع الذى يعد من أبرز المشروعات التى توليها الدولة اهتمامًا كبيرًا ليصبح مؤهلًا لجذب الاستثمار وتنشيط السياحة، إضافة لحل مشكلة الزيادة السكانية.



 

ويعد أبرز هذه الخطوات إصدار قرار بضم ٧٠٧ آلاف فدان فى الساحل الشمالى الغربى لصالح هيئة المجتمعات العمرانية، للشروع فى إنشاء مدن جديدة من الجيل الرابع على غرار مدينة العلمين الجديدة.

يقضى القرار الجديد على العشوائية والشواطئ المغلقة، فى سبيل إنشاء مجتمعات ومدن مليونية حضارية بها كل الأنشطة؛ تجارية صناعية زراعية سياحية، كما تتوفر بها شبكة مواصلات حديثة من قطارات وترام وأتوبيسات نقل عام، ما يجعلها تتحول من مجرد منتجعات مغلقة تعمل لعدة أشهر فقط فى العام، لتصبح بقعة جديدة بها كل مقومات الحياة.

البداية الحقيقية

رغم انطلاق مشروع تنمية الساحل الغربى فى عام 2017؛ فإن بدايته الحقيقة كانت قبل أيام، بعدما وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بإعادة تخصيص 4 قطع أراض ناحية الساحل الشمالى الغربى لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لاستخدامها فى إقامة مجتمع عمرانى جديد عليها.

وقال مجلس الوزراء، فى بيان له، إن تخصيص الأراضى للهيئة يأتى فى إطار المخطط الاستراتيجى المتكامل والتفصيلى لتنمية منطقة الساحل الشمالى الغربى من العلمين حتى السلوم.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، على الأهمية الاقتصادية والتنموية التى تحظى بها منطقة الساحل الشمالى الغربى التى تعد منطقة جذب للعديد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لافتاً أنه من المقرر أن تشهد إقامة تجمعات عمرانية، ومشروعات للتنمية الزراعية والسياحية.

فى السياق نفسه، عرض د. عاصم الجزار، وزير الإسكان، الموقف الحالى لأعمال اللجنة، حيث أوضح إجراءات نقل الولاية لصالح هيئة المجتمعات العمرانية، وذلك فى عدد من قطاعات التنمية الرئيسية، وهى: قطاع (العلمين الحمام) بمساحة 38 ألف فدان، وقطاع سيدى عبدالرحمن بمساحة 17 ألف فدان، وقطاع (الضبعة النجيلة) بمساحة 451 ألف فدان، وقطاع (النجيلة السلوم) بمساحة 244.5 ألف فدان.

وأوضح «الجزار» أنه تم الانتهاء من ترسيم حدود المساحات التى سيتم نقل ولايتها إلى الهيئة، وتولى المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة إرسال مسودة مشروع القرار الجمهورى لنقل الولاية لاستصدار القرار.

تفاصيل المشروع

يعد مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى، هو المشروع القومى الثالث من سلسلة المشروعات القومية للتنمية على مستوى الجمهورية؛ التى حددها المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية 2052، والتى أخذت الحكومة فيها خطوات جادة خلال الفترة الأخيرة، وأولها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ثم المثلث الذهبى للتعدين فى الصحراء الشرقية.

 ويتزامن المشروع مع الخطة التى تنفذها الحكومة لترسيم الحدود المستقبلية لمحافظات الجمهورية، لتوفير فرص تنموية واستثمارية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة تستوعب الزيادة السكانية المتوقعة فى العقود القادمة، ومن المخطط إضافة 3 محافظات جديدة وهى: وسط سيناء، محافظة الواحات، ومحافظة العلمين.

ويمتد نطاق الساحل الشمالى الغربى، من العلمين وحتى السلوم لمسافة نحو 500 كم، بنطاق وظهير صحراوى يمتد فى العمق لأكثر من 280 كم، ليشغل مساحة تقارب الـ160 ألف كم2.

وترجع أهمية هذا النطاق التنموى إلى تفرده وتميزه بوجود جميع موارد ومقومات التنمية الموزعة بجميع أنحاء الجمهورية، لتتركز فى مكان واحد هو الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى.

ومن المتوقع أن تستوعب منطقة الساحل الشمالى الغربى بما تمتلكه من موارد مختلفة الزيادة السكانية خلال الـ40 عامًا المقبلة، والتى تقدر بحوالى 34 مليون نسمة، كما ستولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو 11 مليون فرصة عمل، حتى سنة الهدف 2052، إذ يتضمن المخطط الاستراتيجى للساحل الشمالى الغربى تحديد 6 قطاعات رئيسية للتنمية وهى: العلمين والحمام، سيدى عبد الرحمن، الضبعة، رأس الحكمة، شرق مطروح، غرب مطروح، النجيلة، والسلوم.

كما حدد المخطط المناطق ذات الأولوية المتمثلة في: قطاع غرب سيدى عبد الرحمن، قطاع جميمة، قطاع غرب الضبعة الجلالة - الزيتونة، قطاع فوكه، قطاع رأس الحكمة، قطاع علم الروم، منطقة كليوباترا، قطاع غرب مطروح، وقطاع عجيبة.

لم يقتصر المخطط على مجرد إنشاء عمرانى لاستيعاب الزيادة السكانية فقط، إذ قررت الحكومة نقل الطريق الساحلى الدولى والأراضى المكتسبة بإنشاء الطريق الدولى الجديد فى مرحلته الأولى بإجمالى مساحة مضافة 358 ألف فدان، لخدمة الأنشطة المقترحة على محاور التنمية فى مجالات التنمية الزراعية، والتنمية الصناعية واللوجستية، والتنمية السياحية، والتنمية العمرانية، وشبكة الطرق الإقليمية، والمطارات والمنافذ البرية والموانئ البحرية.

العلمين الجديدة

تمثل مدينة العلمين الجديدة نموذجا للتنمية العمرانية، التى تسعى لإقامتها الدولة فى هذه المنطقة الواعدة، وتعتبر اللبنة الأولى لهذا المشروع العملاق الذى يعيد رسم خريطة مصر العمرانية.

وتعد العملين الجديدة أول مدينة مليونية فى الساحل الشمالى على مساحة 47 ألف فدان، والتى تعتبر إحدى مدن الجيل الرابع، وتتشابه مع العاصمة الإدارية فى ضخامة المشروعات التى ستقام عليها، كأفضل المدن السياحية فى مصر، حيث تشمل مراكز تجارية عالمية وأبراجًا سكنية وسياحية.

وتقع المدينة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة مرسى مطروح بطول 48 كيلو متراً على الطريق الدولى الإسكندرية مطروح، وتبدأ حدود مدينة العلمين من طريق وادى النطرون إلى الضبعة، والتى من المخطط أن تستوعب أكثر من 3 ملايين نسمة.

تنقسم المدينة إلى عدة مراحل، حيث تشمل المرحلة الأولى قطاعين مساحتهما حوالى 8 آلاف فدان تستوعب 400 ألف نسمة من السكان، وتتكون هذه المرحلة من عدة قطاعات وسياحية وأثرية إلى جانب القطاعات الحضرية.

ونظرا لضخامة المشروع، تكاتفت كل الهيئات والشركات الوطنية من أجل خروجه فى أفضل صورة؛ حيث تشترك هيئة المجتمعات العمرانية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بالإضافة لشركة المقاولين العرب التى تنفذ بديل الطريق الساحلى ليكون بطول 38 كيلومترا.

وتضم المدينة جميع الخدمات التى تتمثل فى وجود بحيرة العلمين وعدد من المعارض والملاهى ومنافذ البيع، وحى للفنادق ومركز للثقافة ودار أوبرا ومكتبة بحجم مكتبة الإسكندرية، ومنتزه دولى ومسجد وكنيسة، ومقابر الحرب العالمية الثانية ومدارس وجامعة جديدة ونواد رياضية ومراكز تجارية، بالإضافة لمدينة تراثية على مساحة 259 فدانا.

التنمية الزراعية

تعتمد فكرة مشروعات التنمية الزراعية على الاستخدام الأمثل لجميع الموارد، وتعد من أبرز محاور مخطط تنمية الساحل الشمالى الغربى، عبر استصلاح ملايين الأفدنة الجديدة باستغلال منخفض القطارة.

ومن المعروف أن مشروع منخفض القطارة هو مشروع مصرى يدرس إمكانية توليد الكهرباء عن طريق شق مجرى يوصل مياه البحر الأبيض المتوسط فى منطقة منخفض القطارة فى الصحراء الغربية المصرية، ومن ثم استغلالها فى مشروعات تحلية مياه البحر، أو تحويل مجرى النيل لتكوين بحيرة عذبة كبرى تكون كخزان مائى ضخم، يمكنه تحويل المنطقة الصحراوية حولها إلى منطقة غابات صالحة للزراعة.

ويرى كثير من الباحثين أن هذا المشروع مشروع متكامل لتوليد الكهرباء وإنشاء مزارع للأسماك، وزراعة ما حول حواف المنخفض، بالإضافة لإقامة مزارع ومراعٍ للأغنام الشهيرة باسم الأغنام البرقية؛ نسبة إلى إقليم برقة الليبى.

وعن تأثير سيناريوهات التغيرات المناخية على منطقة الساحل الشمالى، قال د. نعيم مصيلحى، رئيس مركز بحوث الصحراء، إن تأثير التغيرات المناخية، على منطقة الساحل الشمالى سيكون لها كلمة الفصل فى مخطط تنمية الساحل، وإعادة تأهيل المناطق الشمالية بشكل عام، حتى تكون جاهزة لاستقبال كميات أكبر من الأمطار الشتوية، للاستفادة منها فى تنفيذ مشروعات تنموية تخدم المنطقة، وتحقق التنمية الزراعية المستدامة. 

وأضاف أن هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال السنوات الأخيرة، بمعدلات فاقت السنوات الماضية، مؤشر لحدوث تغيرات مناخية للمنطقة، وهو ما يعيدها كإحدى المناطق الواعدة فى مجال الإنتاج الزراعى.

 وأوضح «مصيلحى» أن هذه المناطق كانت تعد إحدى بقاع سلال الغذاء لمصر، والإمبراطورية الرومانية، لافتًا لتأكيد عدد من دراسات المركز على وجود أكثر من 2200 بئر، منها الجافة أو المغلقة أو قليلة المياه، أو الآبار التى تم تطهيرها، لاستقبال مياه الأمطار. 

التنمية الصناعية

وعن المشاريع الصناعية التى تعد شرطًا أساسيًا لتحقيق التمية المستدامة قال أسامة عبد الغنى، رئيس جهاز مدينة العلمين الجديدة، إن المدينة ستحتوى على منطقة صناعية على مساحة 9 آلاف فدان، ومن المقرر أن يبدأ العمل بها قريبًا، وستمنح تيسيرات فى المراحل الأولى للمستثمرين الصناعيين، وستساهم المنطقة الصناعية فى توفير فرص عمل للشباب.

وأضاف «عبد الغنى» أن العلمين الجديدة ستغير واجهة الساحل الشمالى بالكامل، من منطقة ساحلية يتوافد إليها المواطنون خلال خلال أشهر قليلة من السنة، إلى منطقة تتميز بالاستدامة، وتتوفر بها بها جميع الخدمات الحضرية.