الإثنين 9 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مشهد تقريبى  ليوم القيامة

مشهد تقريبى ليوم القيامة

(فَإِذَا جَآءَتِ الصَّآخَّةُ.يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئ مِنْهُمْ يَوْمَئِذ شَأْنٌ يُغْنِيه) صدق الله العظيم.



 

لم يكن أحدٌ قبل جائحة «كورونا» يتصور أن علاقة الحب والمودة والرحمة التى تربطه بذوى قرابته فى الدم أو النسب كالأولاد والآباء والأزواج وغيرهم ممن يرتبطون بالإنسان ارتباطًا وثيقًا وقريبًا، أن أى شىء يمكن أن يبعدهم عن تلك الرابطة أو يفرّق بينها وبينهم، فإن الناس فى ظل هذه العلاقة ينفقون أموالهم وأرواحهم فى سبيل أداء حق القرابة والمحافظة عليها، حتى جاءت الجائحة التى لم يشهد التاريخ الإنسانى مثيلًا لها من قبل فأثبتت للجميع ما ذكره القرآن الكريم عن اليوم الآخر، وكأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يعطينا صورة مصغرة لما سيحدث يوم القيامة فى الحياة الدنيا، فلم يوجد أحدٌ من الناس قد شهد هذا المَشهد حتى يحكى عنه ويعطى لنا صورة عمّا حدث له أو وقع فى هذا اليوم، لكن حديث القرآن الكريم قد أغنى عن ذلك الخبر وبين للناس أن ما لم يشهدوه بحواسهم فى الدنيا سيقع لهم عندما يلقون ربهم عند قيام الساعة.

 

لقد كشف هذا الفيروس خبايا النفس الإنسانية على حقيقتها، فمن كان يتصور أن ابنًا يوضع أباه فى دار المسنين ولا يرعاه بنفسه، بل لا يبادر إلى إنقاذه من بؤرة الإصابة التى تحيط به قبل أن تلتهمه كما التهمت من يجاوره كما حدث فى دار «الباقيات الصالحات» للمسنين.

 

والأمثلة كثيرة، فذلك الابن الذى رفض استلام جثة والدته فى النجيلة بمرسى مطروح وتركها تُدفن فى مدافن الصدقة، والزوجة التى أوصدت الباب فى وجه زوجها وطلبت له الشرطة خوفًا من أن يكون حاملًا للفيروس.. كل تلك المآسى الإنسانية والفرار بالنفس توضّح مغزى الآية القرآنية الكريمة.

 

إن الدروس التى تعلمتها الإنسانية من هذه الجائحة كثيرة، لعل من أهمها أن الأمر كله بيد الله، فقد عجز العلم والطب عن تقديم طوق نجاة للبشرية من هذا الوباء، رُغم  التقدم المذهل الذى أوصل بعض الدول إلى درجة من الغرور ظنت معها أنها قد ملكت مقاليد كل شىء، فإذا بها تظهر أمام هذا الوباء كطفل تائه لا يستطيع أن يحمى نفسه، وتبين أن كل ما سمعناه عن القوى التى تعزو البلاد دائمًا هى مجرد دعايات علمية، والأهم من ذلك كله هو أن لهذا الكون إلهًا يدير أمره ويملك مقاليده وأنه هو الذى أحاط بكل شىء علمًا، وصدق الله العظيم حين قال: (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرًا). 