الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كورونا يعلن بداية «عصر الروبوت»!

«المسافات الآمنة» إحدى أهم الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا.. لكن لا يزال هناك عدد من المهام الأساسية التى تجبر أصحابها على الاحتكاك المباشر مما قد يعرضهم للإصابة.. تلك المعادلة الصعبة جعلت العالم يدرك أهمية العديد من التقنيات الناشئة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والطائرات بدون طيار والروبوتات.. واستخدامها للقيام بالمهام البشرية فى المستشفيات ومناطق العزل وحتى فى مناطق التسوق.. لزيادة التباعد الاجتماعى وتقليل عدد الموظفين الذين يتعين عليهم العمل الجسدى.  



 

فى الولايات المتحدة الأمريكية استبدلت متاجر Walmart أكبر بائع تجزئة فى أمريكا بعضًا من العمالة اليومية لديها بروبوتات؛ بعد أن أودى فيروس كورونا المستجد بحياة 40 موظفًا فى متاجر المواد الغذائية الأمريكية المختلفة، ويقتصر عمل الروبوتات فى المتاجر على مهام روتينية مثل تنظيف الأرضيات، لكن يتوقع بعض محللى الصناعة أنه إذا طالت الأزمة ستشارك الروبوتات فى أكثر من ثلاثة أرباع العمليات اللوجيستية، كما أن المركبات ذاتية القيادة ستشكل 85٪ من عمليات التسليم بحلول عام 2025.

 

ومع تزايد طلب المستهلكين على خدمة التوصيل للمنازل قررت بعض الشركات استبدال عمال التوصيل المعرضين لخطر الإصابة بفيروس كورونا بروبوتات ذات عجلات للقيام بنفس المهمة فى وقت أقل.

 

وتعتبر شركة «ستارشيب» من الشركات الرائدة فى تجارة روبوتات الدليفرى، إذ يؤكد راين توهى، نائب رئيس الشركة أن الطلب على عمليات التوصيل من دون احتكاك بشرى ازداد بدرجة كبيرة فى الأسابيع الأخيرة، حيث تتنقل الروبوتات بمعدل سرعة يبلغ ستة كيلومترات فى الساعة ويمكنها نقل ما يصل إلى ثلاثة أكياس تسوق.

 

فى الوقت نفسه فضّلت شركة أمازون الاعتماد على الروبوتات الطائرة لتوصيل الطلبات توفيرًا للوقت، حيث يتمكن  الروبوت الطائر من التنقل بسرعة تصل إلى 40 كيلومترًا فى الساعة ونقل حوالى 190 كيلوجرامًا من البضائع، كما تختبر شركة «وينغ» المملوكة لجوجل استخدام الروبوتات فى توصيل الأدوية التى لا يتطلب شراؤها وصفة طبية فى ولاية فيرجينيا؛ التى سجلت ازديادًا كبيرًا فى الطلبيات على الأدوية خلال الفترة الماضية.

 

لم تكن تلك هى المرة الأولى التى يقترح فيها استخدام الروبوت فى الولايات المتحدة، فبعد أيام قليلة من الإبلاغ عن أول حالة إصابة بفيروس إيبولا فى الولايات المتحدة عام 2014؛ أطلقت المؤسسة الوطنية للعلوم ومكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا بالبيت الأبيض سلسلة من ورش العمل لاستكشاف إمكانيات الروبوتات للمساعدة فى مهام مثل إزالة النفايات والتطهير والدفن والعمل فى المواقف التى يمكن أن تمرض العمال البشريين، لكن تمويل هذه الأفكار تباطأ بعد احتواء فيروس إيبولا، وبعد تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية؛ أعلن البيت الأبيض مؤخرًا عن شراكة بين كبرى شركات التكنولوجيا لتجميع موارد الحوسبة الفائقة لمكافحة انتشار الفيروسات، ولكن لم تكن هناك مناقشة عامة على المستوى الفيدرالى لتجنيد الروبوتات.

 

روبوت «التباعد الاجتماعى»

 

فى الأسابيع الأخيرة اعتمدت بعض الدول على الإنسان الآلى كبديل آمن لسد حالات العجز فى العناصر البشرية، ففى سنغافورة أعلنت الحكومة عن طريقة جديدة لجعل سكانها يبتعدون عن بعضهم البعض، حيث ستقوم بنشر عدد من روبوتات الكلب الشهيرة «بوسطن ديناميكس» فى الأماكن العامة والحدائق، وقالت السلطات إن تلك الروبوتات بدأت بالفعل فى تسيير دوريات فى مناطق مختلفة خلال عطلة نهاية الأسبوع، من خلال بث رسالة مسجلة مسبقًا للزوار لتذكيرهم بأهمية البعد الاجتماعى، كما تم تزويد الروبوت بكاميرات لفحص المناطق المحيطة ومساعدة المسئولين على تقدير عدد الأشخاص الذين يتجمعون فى الحدائق.

 

الروبوت الطبى

 

مع زيادة عدد إصابات الأطقم الطبية بفيروس كورونا، قررت بعض الدول استخدام الروبوت فى عدد من المهام الطبية مثل قياس ضغط الدم ودرجات الحرارة أو حتى توصيل المرضى بجهاز التنفس الصناعى، كل ذلك من دون احتكاك مباشر بين الطبيب والمريض.

 

كما تتولى روبوتات أخرى مهمة جلب الطعام إلى المصابين فى أماكن العزل، بينما يتم استخدام طائرات بدون طيار لنقل عينات الاختبار من النوافذ إلى المختبرات.

 

وتتعدد طرق استخدام الروبوتات خلال وباء COVID-19 فى مجال الرعاية الصحية داخل وخارج المستشفيات من أجل دعم السلامة العامة، ففى اليابان طور عدد من الباحثين طرقًا جديدة للتحكم فى الروبوتات من أجل تحسين قدرتها فى مجال التمريض لمواجهة النقص الكبير فى العمالة الطبية لرعاية كبار السن، وتسمح للروبوتات بتقليد الحركات البشرية فى مجال رعاية المسنين ومراقبتهم عن قرب ونقلهم من مكان إلى آخر دون تدخل بشرى من خلال تقنية جديدة للتحكم فى حركة ذراع الروبوت بشكل أكثر انسيابية، لا يؤدى إلى حدوث الحركات الحادة أو الاحتكاكات التى تنجم عن الأذرع الأخرى الروبوتات التقليدية.

 

واتبعت ألمانيا أيضًا الطريقة نفسها، إذ تبرعت شركات الذكاء الاصطناعى بالروبوتات الذكية للمستشفيات للاستفادة منها فى الحد من انتشار الفيروس، حيث يمكن استعمال هذه الروبوتات بدلًا من العنصر البشرى فى تطهير غرف المستشفيات من جميع الكائنات الحية الدقيقة وتشغيل المصاعد وتنظيف الأسِِرّة والحمامات.

 

وفى السياق نفسه اقترحت الحكومة الهندية اعتماد الروبوتات للعمل فى المستشفيات لاختبار مرضى كورونا عن بعد، ومنع العاملين فى مجال الرعاية الصحية من الاختلاط معهم، إضافة لتقليل المواجهة المباشرة بسبب نقص معدات الحماية الطبية والشخصية.

 

وفى الأسابيع القليلة الماضية ازداد الطلب على الروبوتات العاملة فى جميع أنحاء الهند، خاصة بعد أن نجحت فى أداء المهام فى مستشفى AIIMS، حيث وجهت الروبوتات التفاعلية للعمل فى مهمة نظافة الأرضيات والتعقيم وتطهير الأجهزة الطبية المستخدمة داخل المشفى، ويبلغ طول الروبوتات التفاعلية المستخدمة فى المستشفى ٩٢ سم، ولديها كاميرات وأجهزة استشعار لاكتشاف العوائق ومراقبة المرضى والتفاعل معهم وتطهير الأسطح والأرضيات باستخدام المحاليل المعقمة، ويمكنها ممارسة مهامها بشكل مستقل والعمل دون تدخل بشرى.

 

 كما استخدم مستشفى Fortis الهندية عددًا من الروبوتات عند مداخلها لفحص الجميع بما فى ذلك الطاقم الطبى الذين يدخلون المبنى، من خلال خاصية التعرف على الوجه والكلام لطرح الأسئلة والمسحات الحرارية لقراءة درجة الحرارة، وبمجرد فحص الشخص يقوم بإصدار تصريح للدخول، أما فى حالة اكتشاف ارتفاع درجة حرارة الجسم يطلق رسالة إنذار.

 

ومن خلال تلك الروبوتات يمكن للمريض استشارة طبيب المستشفى مباشرة من خلال الشاشة على الروبوت، حى يؤكد راجيف كاروال، مؤسس شركة «ميلاغرو» للروبوتات أن بعض المستشفيات تولى اهتمامًا كبيرًا للروبوتات العاملة وكيفية الاستفادة منها على المدى الطويل حتى بعد انقضاء الجائحة، وشهدت شركة Universal Robots أيضًا تزايدًا كبيرًا على طلبات الروبوتات التعاونية لتصنيع أقنعة الوجه عالية الجودة فى خطوط التجميع التى تديرها الحكومة الهندية.

 

استخدام الروبوتات فى المجالات الطبية بدأ منذ سنوات فى الهند، حيث تم استخدامها من قبل المستشفيات لعمل جراحات دقيقة مثل التى أجراها الأطباء فى مستشفى PGIMER Chandigarh على طفل يبلغ من العمر عامين ولد بدون بلعوم، لكن وجود الروبوتات لا يزال مقتصرًا على عدد قليل من المستشفيات والمهام.

 

تتم تجربة نشر الروبوتات للحد من الاتصال البشرى فى بلدان أخرى أيضًا، حيث قام المستشفى الميدانى فى مركز «هونغشان الرياضى» فى ووهان بنشر العديد من الروبوتات فى مهام متعددة، بدءًا من فحص الأشخاص عند دخولهم المستشفيات إلى توصيل الطعام والأدوية فى عنابر العزل وتسلية المرضى كما أنها تستخدم لرش المطهرات وتنظيف أرضيات المستشفيات.

 

وفى هونغ كونغ يتم استخدام الروبوتات لتنظيف عربات النقل الجماعى للسكك الحديدية التى تنقل ملايين الركاب يوميًا، ورغم أن استخدام الروبوتات مكلف للتبنى على نطاق واسع فى جميع إعدادات الرعاية الصحية، فإنه من المتوقع أن تجد استخدامًا متزايدًا فى الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل الهند نظرًا لقلة عدد المتخصصين فى الرعاية الصحية المتاح لأكثر من 1.3 مليار نسمة، والصين والولايات المتحدة وغيرها.

 

الروبوتات الخادمة

 

للمرة الأولى تدخل شركة تصنيع سيارات فى مجال الذكاء الاصطناعى، حيث تعاونت كل من شركة «تويوتا موتورز» أكبر منتج للسيارات فى اليابان و«بريفيرد نتوركس» لتطوير الروبوتات التقليدية وتحديثها بتقنيات الذكاء الاصطناعى بما يمكنه من التعلم والمساهمة فى إنجاز الأعمال المنزلية.

 

وكانت «بريفيرد نتوركس» تستخدم بالفعل الإنسان الآلى كمنصة لتطبيق برنامج الذكاء الاصطناعى الخاص بها، وفى أحد المعارض بالعاصمة اليابانية فى العام الماضى عرضت إنسانًا آليًا يقوم بترتيب غرفة منزل غير مرتبة، ويميز بين المخلفات المنزلية التى سيتم إلقاؤها فى سلة المهملات، والمناشف المتسخة التى سيتم وضعها فى طبق الغسيل، وتسعى تويوتا من خلال هذا التعاون الأول بالنسبة لها إلى اللحاق بركب التكنولوجيا فى مجال الروبوتات والمركبات ذاتية الحركة؛ خاصة فى اليابان، حيث تسعى الدولة إلى التوسع فى استخدام الروبوتات فى أداء العديد من الوظائف سواء فى المنازل أو حتى فى المستشفيات أو دور المسنين فى ظل ارتفاع نسبة المسنين فى المجتمع اليابانى.>