الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الصوت العالى

الصوت العالى

ما حدث مؤخرًا فى قرية (شبرا البهو) التابعة لمحافظة الدقهلية، لهو أمرٌ يندى له الجبين، وليس له من وازع دينى أو أخلاقى أو حتى إنسانى، فعندما تخرج قرية عن بكرة أبيها، تعلن رفضها دفن جثمان طبيبة كانت تعالج المرضى المصابين بفيروس «كورونا»، مضحية بحياتها من أجل إرضاء ضميرها المهنى أولًا، وعلاج أهل وطنها ثانيًا،  بدلًا من تكريمها لدورها كطبيبة ولآدميتها كإنسانة.. رفض وقسوة غير مبررة بالمرّة، علمًا بأنه واجب مفروض على كل مصرى، بعد التضحيات والجهود العظيمة التى يقدمها لنا جيش مصر الأبيض.. مؤكد أن الرفض يقف خلفه إنسانٌ جاهلٌ لا يعرف أن المُصاب بهذا الفيروس لا ينقل العدوَى بعد وفاته، ولكن لكونه جاهلًا وبلطجيّا وصاحب صوت عالٍ استطاع أن يؤثر فى بعض البسطاء من أهل القرية، وأقنعهم بأن الجثة ستصيب القرية كلها بالعدوَى، وكان نتيجة ذلك أن سلك البعض منهج صاحبنا الجاهل، الذى تم الأخذ به عقب تناقله بين أبناء القرية، ما أدى إلى تجمهرهم وإثارتهم للشغب، صاحب الصوت العالى فى أحداث (شبرا البهو) هو نفسه ما حذرنا منه أستاذُ علم الاجتماع المصرى الشهير الدكتور سيد عويس، الذى استطاع من خلال دراساته المتعددة عن الشخصية المصرية، أن يلقى الضوء عليه وعلى أمثاله، فيقول مثلًا عن انتشار جرائم الثأر فى الصعيد: «انظر إلى شخص مثلًا يصيح فى الناس بصوت زاعق الثأر ولا العار، ويندفع فى مناحة داعيًا القوم للانتقام، ولا يقبلون حتى حُكم القانون ولو بالإعدام.. شرف العائلة كلها ولو لم تأخذ بنفسها ثأر القتيل فعار على الشنبات، وعلى كل الرجال وقتها أن يلبسوا طرح كالنسوان! أو منبقاش رجالة!).. مجرد شخص واحد يمكن أن يؤثر على مجموعة كبيرة كانت أو صغيرة (سطحية التفكير) ويقودهم لمخالفة الشرع والقانون والأخلاق والإنسانية، وكم من بلطجى وصاحب صوت عالٍ، استطاع أن ينشر تفكيره الغوغائى البعيد عن الرحمة والعدل فى مجتمعنا.. وإن كان أغلبهم؛ خصوصًا فى الآونة الأخيرة، ينشر هذا الفكر وهو ملتحف برداء الدين، حتى يسهل عليه التأثير على عقول البسطاء، هؤلاء بالمناسبة يتمثلون فى أمراء الجماعات الإسلامية والسلفية وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية، ولنا فى أحداث 25يناير الدرس والعظة حينما وقف البعض من هؤلاء ضد تعيين اللواء عماد ميخائيل محافظًا لقنا لأنه قبطى الديانة، فحاصروا مبنى المحافظة وقطعوا خط السكة الحديد، ومنعوا دخول أو خروج أى وسيلة مواصلات، حتى لا يتولى شئون محافظتهم رجل كافر، فلا ولاية له على مسلم (على حد وصفهم)!!، وللأسف خضعت الدولة وقتها لمطالب الدهماء والغوغاء أصحاب الصوت العالى والبلطجية، ما شجعهم على تكرار الفعل نفسه فى واقعة طبيبة شبرا البهو.. وهذا ما أدركته الدولة، وبالتالى تدخلت بكل حسم حتى تم دفن جثمان الطبيبة فى مقابر قريتها، بعد أن تم إلقاء القبض على قادة هذا التحرك الغوغائى الذى قاده البعض، فى محاولة منهم لإعادة الماضى، والذى أبشرهم وأبشر غيرهم من أتباع هذا التيار أو المنهج، بأنه لن يعود مرّة أخرى (فكل زمن وله أذان كما نعلم) ومصر الآن غير مصر وقت وقوع أحداث محافظة قنا، ورُغْمَ أن أحداث شبرا البهو انتهت بدفن جثمان الطبيبة الفقيدة، وإلقاء القبض على 23 متهمًا بينهم 4 سيدات، وإطلاق اسم الطبيبة على مَدرسة فى القرية وتعزية رئيس الوزراء  الدكتور مصطفى مدبولى لأسرتها تكريمًا لها؛ فإن أصحاب الصوت العالى  لايزالون يتواجدون بيننا، ويؤثرون فى عقول البسطاء من أبناء شعبنا، ما يؤكد أن حملات التوعية بدور كتائب الجيش الأبيض لم تصل إلى العديد من أبناء شعبنا؛ خصوصًا فى القرى والنجوع، وهنا يأتى دور أجهزة الدولة؛ أزهر وثقافة وإعلام وأوقاف وشباب، بالإضافة إلى الأحزاب لسد هذا الفراغ، بعد أن تراجع دور المحليات بدرجة كبيرة، تاركة الساحة خالية لأمثال الإخوان والسلفيين ليفعلوا فى العقول ما يشاءون، ولهذا يجب مساندة هذا الدور شريطة أن يشارك الإعلام بجميع صوره وأشكاله فى دعم هذه الحملات؛ لأن حفظ أمن مصر وسلامها مسئولية الجميع.. حفظ الله مصر من شر الأوبئة والعُقَد ومَن فى قلوبهم مرض.