
تحية عبدالوهاب
العالم وما يجب أن يكون
لم يعد العالم بعد فيروس كورونا بعد اقتحامه المفاجئ له هو نفس العالم الذي نعرفه ونعيشه منذ سنوات طويلة، العالم اليوم من وجهة نظر الكثيرين وعلى رأسهم الرأى الذي عبر عنه «الداهية» السياسى العجوز «هنرى كيسنجر» فى مقاله بأن العالم لن يكون كما كان بعد انتهاء تلك الجائحة.
تؤكد لنا الآن البشائر، حيث وجدنا بعض الدول الكبرى والعظمى التى كانت تتفاخر بقوتها وتحكمها وسيطرتها على مقدرات الغير من دولنا الضعيفة المستعبدة بأشكال مختلفة، هذه الدول العظمى هى الآن فى أشد الاحتياج للاقتراب إلى ربها لكى ينجى شعوبها من الفناء، رغم هذا استباحت جميع الوسائل للوصول للمساعدات الطبية حتى وصلت لعمليات قرصنة لتلك المساعدات جوًا وبحرًا والاستيلاء عليها من دول أخرى، فتختفى قبل وصولها لدولة أخرى طلبتها مثلما حدث من استيلاء الولايات المتحدة على شحنة كانت متوجهة إلى فرنسا، وأخرى كانت موجهة من الصين إلى إسبانيا فقرصنتها تركيا، انتقمت إيطاليا وقامت قرصنة بسرقة المساعدات التى كانت متجهة إلى تونس بعرض البحر. هذه السلوكيات جعلت تلك الدول قراصنة وقاطعى طريق. لقد دق كيسنجر فى مقاله ناقوس الخطر متوقعًا حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية قد تستمر لأجيال بسبب هذا الفيروس، ملمحًا إلى تفكك العقد الاجتماعى محليًا ودوليًا، وأشار إلى أن الجو الذى يعيشه العالم اليوم ذكره بشعوره عندما كان شابا فى فرقة المشاة الأمريكية خلال معركة «الثغرة» فى أواخر الحرب العالمية الثانية سنة 1944، حين كان هناك إحساس بخطر ناشئ لا يستهدف أى شخص بعينه، بل يضرب بشكل عشوائى مخلفًا الدمار، وأبدى اندهاشه من كون دول العالم تتعامل بمنطق وطنى «مع الفيروس» فى حين أنه وباء عالمى وليس محليًا، قال إن الحكومة الفعالة بعيدة النظر هى من ترى ضرورة للتغلب على العقبات غير المسبوقة فى الحجم والنطاق العالمى والحفاظ على ثقة الجماهير أمر مهم للتضامن الاجتماعى، كما أكد على أن علاقة المجتمعات ببعضها من أهم الوسائل المؤدية للسلام والاستقرار الدوليين، وأضاف أن تتماسك الأمم وتزدهر عندما يمكن أن تتنبأ مؤسساتها بالكارثة وتوقف تأثيرها وتستعيد الاستقرار، وعندما ينتهى الوباء سيتم النظر إلى مؤسسات العديد من البلدان على أنها فشلت فى سياساتها وعندها لن يكون هذا الحكم عادلا أم لا لأن العالم لن يكون كما كان قبل الفروس، خلاصة تلك الآراء أن العالم ما بعد الوباء لن يكون كما قبله، سيكون عالما مثخنا بجراح إنسانية ومرهقًا بتداعيات اقتصادية، السؤال: هل سيبقى العالم متوحشًا اقتصاديًا وماليًا وصراعات رافعًا شعار «أنا الأقوى» أم ستجعل المعاناة التى صهرته عالميًا، عالمًا أكثر إنسانية وأكثر تضامنًا؟!
كلنا أمل أن تنتصر الإنسانية لأنها يجب أن تكون فى العالم الجديد.
تحيا مصر.