السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البطل «بلطجى» و«عبيط» فى عهد الجماعة

البطل «بلطجى»  و«عبيط» فى عهد الجماعة
البطل «بلطجى» و«عبيط» فى عهد الجماعة


(21) فيلما هى حصيلة عام كامل بعد انفراد الإخوان بالسلطة قدمتها السينما المصرية، الكوميديا بطبيعة الحال هى الأعلى صوتا وفقا لمتطلبات السوق وباعتبارها النوعية الوحيدة التى تمكن المنتج من استرداد أمواله دون خسائر، ومع هذا جاء فيلم «عبده موتة» ليشكل ظاهرة فى السينما المصرية تترجم الحالة التى تعيشها مصر الآن.
حال السينما فى عام كامل فى تقديرات النقاد فى تراجع مخيف من حيث الموضوعات المقدمة أو حتى صورة البطل فيها والأسئلة المطروحة: متى وكيف تخرج السينما من كبوتها؟.
 
السينما تحديدا غيابها وضياعها الآن أو فى السنوات القادمة أمر من شأنه أن يزلزل من مكانة مصر الثقافية ومن أهمية دورها الثقافى فى العالم العربى كله.
 
المخاوف والأسئلة يجيب عنها 5 نقاد لروزاليوسف:
 
الناقد الكبير على أبوشادى الذى يحمل خبرة واسعة بالشأن السينمائى، ليس فقط من الناحية الفنية كناقد ولكن أيضا من الناحية العملية، من خلال عمله لسنوات فى وزارة الثقافة ومن خلال مشاركاته العديدة فى الكثير من اللجان السينمائية قال أبوشادى: إذا نظرنا إلى الأفلام التى أنتجت بشكل عام سوف نجد أنها محدودة جدا وقليلة، وربما يعود السبب إلى أن المنتج المصرى ليس مغامرا ولكنه تاجر شاطر قبل أن يكون به روح  فنان، الإنتاج كان هزيلا كما وكيفا والتعامل مع الموضوعات كان فقيرا والخيال شديد الضعف وكأننا أمام أفلام قديمة بملابس عصرية، فلم يظهر فيلم قوى عن الثورة وأسبابها ولا الواقع الذى نعيشه، وكثرة الأفلام الكوميدية هذا العام لا يمكن اعتبارها شكلا جديدا فهى جزء من التراث السينمائى المصرى فى السنوات الأخيرة وتتواجد بقوة كل عام وهذا العام هى نوع من ابتزاز المتفرج للتربح.. وجاء معظمها هزيلا مثل «فبراير الأسود» أو ركيكا وساذجا مثل «سميرأبو النيل» و «تتح» ما هو إلا تنويعة جديدة لنفس الشخصية التى يؤديها «محمد سعد»، أما الأفلام الجادة أو الجيدة فهى قليلة جدا وتتميز بمحاولتها لتكون مختلفة شكلا ومضمونا وتحاول الخروج من الدائرة الضيقة للإنتاج أو لأسلوب السرد ومنها «بعد الموقعة» أو «الشتا اللى فات» أو «هرج ومرج» الذى أرى به تجربة مهمة، ومع ذلك أظن أن تقدير هذه الأعمال لم يأتى ستواها المتميز بقدر ما جاء بسبب الظرف التاريخى الذى عرضت فيه، وأعتقد أنها لو عرضت فى ظرف عادى لم تكن لتنافس فى مهرجانات دولية كما حدث فاختيارها جاء كنوع من الاحتفال أو الاحتفاء بالثورة المصرية، كذلك يأتى فيلم مثل «عبده موتة» وما هو إلا استثمار لظاهرة البلطجة أو فيلم «ساعة ونص» وهو ابتزاز ميلودرامى، تغيب فيه رؤية مؤلفه تحت ضغط الميلودراما، فهذه سنة من السنوات العجاف.
 
وعن دور الدولة فى مساندة السينما أضاف: لقد تولى وزارة الثقافة سبعة وزراء فى عامين، مما يعنى أنه حتى لو كان هناك وزير لديه نوايا طيبة لم يستطع عمل شىء، والدعم المعنوى للسينما متأرجح بين رغبة الدولة والخوف من التيار الإسلامى، ومع ذلك لم يشر أى وزير للسينما، والوزير الحالى أعلن أنه يريد استعادة أصول الأفلام من وزارة الاستثمار وهى 159 فيلما ملكا للدولة و200 فيلم حق توزيع وهى بالأساس مؤجرة حتى عام 2019 وقاعات العرض أيضا مؤجرة حتى عام ,2025 الشىء الوحيد الذى من الممكن أن تقدمه الدولة للسينما هو دعم أفلام جيدة، لكن الحكومة غير منفصلة عن التيارات الإسلامية والسلفية التى لها موقف واضح من السينما والفن عموما، نعم لم يعلن النظام بشكل واضح كراهيته للسينما لكنه لم يدعمها وليس لديه تصور حقيقى عنها.. وأوضح موقفه ضد الفن، وإذا كانت بعض الأصوات تنادى الآن بإلغاء الباليه فعلينا أن ننتظر المطالبة بإلغاء السينما والمسرح وكل الفنون.
 
الصورة العبثية للسينما حسب تقدير أبوشادى لا تختلف أيضا عند الناقدة «خيرية البشلاوى» حيث قالت: هذا العام باستثناء عملين عبرا عن أشياء حقيقية وهما «عبده موتة» و«ساعة ونص»، لم تختلف السينما فى عهد مرسى عن عهد مبارك، انتقلنا لنفس النظام لكن بلحية، ومادامت السينما قادرة حتى الآن على إلهاء الناس فلن يقترب منها الرئيس أو جماعته الموقرة إلا فى حالة أن تقترب منه بشكل مباشر، فالسينما بالنسبة لهم بمثابة «مرهم» يخفف أوجاع الناس، والسينما منحصرة فى يد منتج يتعامل معها كسلعة تجارية وحتى الأفلام التجارية لم تعد قادرة على تحقيق مكاسب والجمهور مزاجه متعكر من كل ما يراه على جميع الجهات، فالسينما الآن فى حالة كساد نتيجة ما سببه حكم الإخوان من انهيار اقتصادى والمجتمع يعانى اقتصاديا ونفسيا، أما عن الأفلام التى عرضت فالنجوم مثل أحمد حلمى وأحمد مكى ليسوا فى أفضل حالاتهم، والثورة تم تناولها أحيانا بشكل انتهازى باستثناء «الشتا اللى فات»، أما عن «عبده موتة» فهو بطل المرحلة التى نعيش فيها الآن و«ساعة ونص» فالشعب المصرى كله كان بطل الفيلم فهو يعيش فى حالة من الكرب والمعاناة ومقضى عليه، يعنى «شعب موتة».


 

أما الناقد «رفيق الصبان»، فيصف السينما هذا العام بأنها كانت سيئة كما وكيفا، إنتاج ضئيل لأفلام دون المستوى حتى للنجوم مثل أحمد مكى أو أحمد حلمى أو محمد سعد.. واستثنى «الصبان» فيلم «الحفلة» الذى وجد به محاولة جيدة وجديدة على السينما بالمقارنة مع الأفلام التى عرضت فى هذا العام، وأضاف: لم يثبت النجوم أو الكتاب أو المخرجون أنفسهم فلم يظهر شىء جديد أو متألق.. وإن كانت هناك تجارب فردية مثل «هرج ومرج» وغير ذلك سوف نجد أن الأفلام الجادة كانت سطحية والأفلام الكوميدية ما هى إلا نتيجة طبيعية لحالة الإحباط التى تعيشها مصر، وعن صورة البطل فى الأفلام التى ظهرت فى هذه الفترة يقول: الشىء المؤسف والغريب هو التركيز على صورة البطل البلطجى واعتباره بطلا شعبيا، صحيح أن هذا البطل جاء من الواقع الذى تعيشه مصر لكن لا يمكن اعتباره ووضعه فى دور البطل.. وما يحدث يجعلنا نتذكر الأفلام الأمريكية التى وضعت المجرم فى دور البطولة فى وقت ما فتأثر الشباب بهذه الفكرة وتحقيق مثل هذه الأفلام التى تناولت البلطجى كبطل لإيرادات لا يعبر إلا عن نزوة جديدة للجمهور الذى يساعد أحيانا بعض الأفلام على النجاح ولكن بعد مرور سنوات قليلة تذهب فى طى النسيان.

 

الحالة التى تعيشها السينما حاليا من توقف للإنتاج تقريبا تعود إلى تراجع الفنانين بسبب ما يواجهونه من تطاول من بعض الجماعات التى تنتمى لتيار الإسلام السياسى وهو التيار الذى ينتمى إليه الرئيس وجماعته والذى لم يفكر فى أن يرد على هذا التطاول برسالة تطمين للفنانين، والكلام هنا للناقدة ماجدة موريس والتى أضافت: الفن لا يهم الرئيس ولا الحكومة وهما يدركان أن السينما من الممكن أن تموت قريبا.. وأكبر دليل كل ما شاهدناه من محاولات للقضاء على الفن من تغطية التماثيل ومؤخرا المطالبة بإلغاء الباليه فماذا ننتظر أكثر من ذلك حتى يملأ الخوف قلوبنا.. ويكفى مثلا أن وزير الثقافة لا يتحدث إلا عن تصفية الفساد وإلغاء مكتبة الأسرة دون الحديث بشكل إيجابى عن دعم السينما أو عن خطط جديدة، فالسينما والفنون عامة فى حالة كرب شديدة، وبالنسبة للأفلام التى عرضت فى هذا العام فقد أصابتنى بالإحباط، لكن لا يمكن إلقاء اللوم عليها أو إدانتها ففى النهاية لقد جعلت النشاط السينمائى مستمرا والحديث عن القيمة الفنية لها نوع من الترف فمن الممكن ألا يتم إنتاج أى شىء على الإطلاق فى العام القادم، وحتى الأفلام التى وجدت بها استثناءات وأنها جاءت بشكل جاد مثل «بعد الموقعة» أو «الشتا اللى فات» أو «هرج ومرج» فهى ليست إنتاجا مصريا خالصا وإنما نالت دعما من الخارج.. وفى النهاية السينما والفن عموما قدما الكثير لمصر وعلى مهاجمى وكارهى الفن أن يشاهدوا التراث الفنى المصرى الذى تعيش عليه القنوات العربية فلا يوجد عند هؤلاء إدراك لقيمة الفن المصرى مما يضعنا فى حالة بائسة.

 

أما شيخ النقاد «كمال رمزى» فيقدم لنا وجهة نظر أكثر هدوءا بقوله: الأمر لا يتعلق بالرئيس مرسى ولكن هناك موجة ظلامية عالية جدا تهب على الوطن العربى عموما وطبعا مصر هى دائما المنطلق الأساسى لمثل هذه الموجات، هذه الموجة المرتفعة والصاخبة ولن أقول القوية لأن الصمود أمامها أقوى بكثير لا تقاوم بالصمود فقط ولكن من المؤكد أنها تواجه موجة مضادة وأتمنى وأتوقع أن تكون أقوى منها هى موجة الاستنارة وفضح المناطق المعتمة فيما نراه من قرارات أو مواقف الموجة الظلامية لن تستمر والدليل أنه من المرات النادرة فى التاريخ أن رئيس جمهورية يفرض حظر تجول فى مدن فلا يطبق الناس هذا الحظر وإنما ينطبق الحظر على الرئيس نفسه بعدم قدرته على الذهاب لتلك المدن، والسينما لا تواجه أزمة بسبب المهاجمين لها بقدر ما تواجه منافسة من الفيلم المعاش فى الواقع والذى أقوى بكثير من أى خيال، فالناس تتابع يوميا أحداثا ساخنة ومتواصلة ومن المعروف أن السينما لا تزدهر إلا فى الأوقات المستقرة، ولعل السبب الرئيسى فى أزمة السينما هو غياب الأمن وأخيرا يعلق «رمزى» على صورة البطل الجديد فى السينما والتى أصبحت إما بلطجيا أو عبيطا فقال: كل فترة صورة الأبطال تتغير من الفارس العربى للأفندى ثم فى السبعينيات والثمانينيات الأفندى الذى يفقد عقله ثم الكوميديان والآن البلطجى فى السينما هو بروز لدور البلطجى فى الواقع أما العبيط فهو من انتخب البلطجى.