
محمد جمال الدين
مصر العظيمة
شاء قدرها أن تُولَد كبيرة، وبمجرد ذِكْر اسمها تشتَمّ رائحة العَراقة والأصالة والحضارة، استهدفها الغزاة منذ قديم الزمن، أرادوا بها السوء طمعًا فى مواردها وخيراتها، ولكن شعبها الآبىّ لم يُمَكّنهم من ذلك ووقف لهم بالمرصاد .
فحُبُّها يجرى فى عُروقه .. شعبٌ يملك أرادةً قوية لتحقيق الأفضل له وللأجيال القادمة، ويُدرك بقلبه السليم الصّدق من الافتراء، ويرفض الخداع والمخادعين كما قال الرئيس السيسى، ولهذا لم أستغرب ممن يكرهونها أن يقفوا ضدها فى محاولة منهم للنَّيْل منها ومن دَورها ..
حدث هذا مؤخرًا فى مباراة كرة قدم جرت أحداثها على أرض بلد عربى شقيق، وفى بلد عربى آخر خرجت أيضًا بعض الكلاب المسعورة لتعوى ضدها، ونهش كرامتها وكرامة شعبها.. ولأن هذا دائمًا قدرُ الكبار لم ترد على مثل هذه الإساءات التى تأتى من قِلّة هنا أو هناك، فعَبْر تاريخها لم يسبق أن هزّتها مؤامراتُ الكارهين أو العملاء، الذين يلهثون لإرضاء غرورهم وإصباغ أهمية على أنفسهم على اعتبار أنهم كبار، رُغْمَ إدراكهم التام بحقيقة أنفسهم، فهم ليسوا سوى أقزام حجمًا وصغار عقلًا .. صحيح مصر فى أحيان كثيرة تتعرض لمِحَن عديدة، وتواجه أزمات حالكة تستهدف كل مَرافقها، وفى أحيان أخرى يتآمر عليها الفشلة ممن لا يستطيعون حتى حُكم دُويلاتهم، ورُغم أنهم يجزلون العطاء لبعض العملاء والإرهابيين، سواء فى الداخل أو الخارج؛ فإنها تظَلُّ صامدة بفضل شعبها، الذى يَعرف تمام المعرفة قدر وحجم بَلده، ومع هذا تُوفِى التزاماتها تجاه الدول الخارجية أو تجاه شعبها أو تجاه أشقائها العرب، وهذا تحديدًا ما يُغضب الصغار، الذين خيلت لهم نفوسُهم المريضة أنهم يستطيعون بأموالهم القضاء عليها؛ خصوصًا أن مشاريع التنمية وبناء المدن والمصانع، وإقامة العديد من الطرُق وتطوير المناطق العشوائية، وتوفير برامج الرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية، تسير جَنبًا إلى جَنب مع مشاريع تطوير وتسليح قواتنا المسلحة الساهرة على حماية تراب الوطن من كل متآمر وإرهابى ودخيل .. فهى مصر العظيمة، مصر الأزهر أحد أكبر المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام الصحيح، وقِبلة العِلم والعلماء من كل بقاع العالم لمن يريد أن يعرف معنى الإسلام الوسطى الصحيح، وكذلك هى الكنيسة المصرية حاضنة الحراك الشعبى الوطنى، وصمام الأمان لكل ما هو مصرى، وأحد أعمدة المجتمع والدولة المصرية عبر تاريخها، وهى نفسُها التى رفضت الحماية من قيصر روسيا، ومن بَعده رفضت الحماية من المستعمر الإنجليزى.
مصر الأوبرا والفنون التى لم تتأثر ثقافتها بفعل المستعمر وسنواته السبعين التى قضاها فى مصر، حتى اللغة لم يستطع المستعمر أن يفرض لغته علينا، مصر التى فتحت مُدرجات جامعاتها ومَدارسها لكل طالب عِلم، مصر التى سبق لها أن ساهمت فى إشعال فتيل حركات التحرُّر من المستعمر فى جميع الدول العربية، مثلما قادت حركات التنوير فى بلادنا العربية.. من أجل هذا وذاك وغيره كثير، لن يضير مصر أن تخرج أصوات واهنة ضعيفة أصابها المرض والعُقَد النفسية، تحاول جاهدة النَّيْلَ منها ومن شعبها، من أمثال تميم والبغل والحمار وصفاء الهاشم ومن يسيرون فى ركابهم، وهؤلاء تحديدًا لا يتحركون إلّا من خلال عُقَدهم الشخصية ضد مصر؛ اعتقادًا منهم أنهم يُسطرون تاريخًا جديدًا لأمتنا العربية. ولهؤلاء الصغار أقول: هيهات، فبَلدُنا يملك مُقدراته ولا يستطيع أحدٌ كائنًا مَن كان أن يفرض عليه شيئًا، ومخططات الغِلّ والخيانة لم ولن تنفعكم .. فمن الممكن أن تمرض مصر ولكنها لا تموت.. تتقدم دائمًا وأحيانًا تتأخر، ولكنها تعود لممارسة دَورها الطبيعى فى قيادة هذه الأمَّة، وتقدم يد العون والمساعدة فى حالة طلبها من أى دولة شقيقة، ولهذا أبَشّر هؤلاء المرضى بأن «مَزبلة التاريخ» فى انتظاركم، سواء أردتم أو لم ترضوا.. أمَّا شرفاء هذه الأمَّة الذين يُدركون قيمة مصر، ويعرفون قَدَرَها الحقيقى باعتبارها رُمّانة ميزانها، فلا يسعنا سوى أن نقول لهم: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».