الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خطة إنقاذ «الحديد والصلب»

شائعات وتكهّنات تتردد بقوة داخل أروقة قطاع الأعمال العام بشأن عزم الحكومة تصفية الشركة المصرية للحديد والصلب بحلوان، الأمر الذى أكده تصريح أدلى به هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال ورئيس الشركة القابضة المعدنية عن تعدى خسائر الشركة أضعاف رأس المال، بما يستدعى تصفيتها وفقًا لنصوص قانون شركات القطاع العام.



فعلى الرغم من انطلاق برنامج تطوير شركات القطاع العام منذ أكثر من 3 سنوات، الذى شمل غالبية شركات القطاع تقريبًا، غير أن شركة الحديد والصلب ظلت استثناءً من هذا البرنامج، وكأن هناك تعمّدًا لتصفيتها؛ حيث تُركت لتتراكم ديونها التى ارتفعت لتصل إلى 1.5 مليار جنيه سنويًا، لكن مع فشل الحكومة فى وضع حلول جذرية لتطوير هذه الشركة العملاقة، يبدو أنه ليس أمام الدولة سوى التدخل لإنقاذ هذا الصرح العملاق.

 

قرار التصفية

 

وينص قانون قطاع الأعمال العام رقم 203، على أن قرار التصفية لا تتخذه سوى الجمعية العامة غير العادية والتى قررت فى اجتماع نوفمبر الماضى استمرار الشركة، رغم أن خسائرها تجاوزت الـ5 مليارات جنيه، وهى أكبر من 5 أضعاف رأس المال.

وفى منتصف مايو الماضي، شكّلت وزارة قطاع الأعمال العام لجنة لدراسة وتحديد مصير الشركة؛ بدعوى عزوف الشركات العالمية فى الصناعة عن الدخول فى شراكة لتطويرها، ويرأس اللجنة شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق، وأعضاء من كلية الفنيين العسكريين، وجاء تشكيل هذه اللجنة على خلفية رفض لجنة البت فى الشركة القابضة للصناعات المعدنية، العرض المقدم من شركة ميت بروم الروسية؛ لتأهيل وتطوير شركة الحديد والصلب، التى قررت بإجماع الآراء، أن العرض المقدم من الشركة الروسية غير مناسب وغير مطابق مع دعوة الشراكة.

مطلع يناير الماضي، نفت شركة الحديد والصلب ما تردد بشأن اتخاذ قرار بالتصفية، وقالت فى بيان إفصاح للبورصة، إنه لا يمكن إعلان قرار التصفية إلاّ من خلال جمعية عمومية غير عادية، وهو ما أكد عليه، أيضًا، هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، بأن حسم موقف شركة الحديد والصلب بيد القيادة السياسية، فقط.

 

تدخل رئاسي

 

وكشفت مصادر مطّلعة داخل الشركة لـ«روز اليوسف»، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع بنفسه، ملف الشركة وأنه بصدد الإعلان عن بدء برنامج التطوير قريبًا. لافتة إلى أنه تم الاتفاق مؤخرًا مع شركة النصر للكوك على توريد 700 طن يوميًا من فحم الكوك لاستئناف عملية الإنتاج.

وتابعت المصادر أن خسائر الشركة جاءت نتيجة تعمد إدارات متلاحقة تولت رئاسة الشركة والشركة القابضة المعدنية إهمال التطوير الحقيقي، مضيفة أنه لا توجد شركة حديد فى العالم تحقق خسائر مهما ارتفعت تكاليف الإنتاج، مؤكدة أن قرار تطوير الشركة يأتى من منظور الحفاظ على الأمن القومى المصري؛ حيث إن شركة الحديد المصرية هى الوحيدة فى مصر والشرق الأوسط التى تعتمد على تصنيع الحديد من المادة الخام المنتجة من المناجم التى تمتلكها الشركة فى أسوان والواحات البحرية، لافتة إلى أن جميع الشركات العاملة فى السوق تعتمد على التصنيع من خلال استيراد البليت أو صهر الخردة.

وأشارت إلى أنه نظرًا لرفض الشركة القابضة عرض التطوير الذى قدمته شركة ميت بروم الروسية التى كانت تنوى تخصيص 400 مليون دولار لهذا الغرض، فإنه من المتوقع أن تتولى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة عملية التطوير.

وقال ياسر عيسي، أحد القيادات العمالية بشركة النصر للكوك، إن توفير فحم الكوك لشركة الحديد يعنى حل مشاكل شركة حديد حلوان بنسبة 70%، موضّحًا أن توقف شركته عن الإمداد جاء نتيجة تراكم ديون شركة الحديد المصرية لشركته حتى بلغت أكثر من 450 مليون جنيه، مضيفًا أن شركته التى تتبع «القابضة المعدنية» تعانى هى الأخرى من الإهمال الجسيم بعد توقف بعض البطاريات عن العمل نتيجة التهالك، معربًا عن استغرابه لذلك كون الشركة تنتج أكثر من 90 منتجًا يوجه كثير منها للتصدير وتستطيع تحقيق مكاسب كبيرة.

 

مشاكل الشركة

 

بدأت مشاكل الشركة مع الأزمة المالية العالمية عام 2008 بعدما تراجع الطلب على الإنتاج، وارتفع سعر فحم الكوك بشدة، وهو عنصر أساسى لتسخين الأفران، ما أدى إلى وقف الإنتاج جزئيًا، ووصل الإنتاج حينها إلى ما بين 200 و 700 طن يوميا، وزادت الأزمة مع زيادة سعر منتجات البترول فى إطار عملية إلغاء دعم الطاقة عام 2014، وهو ما رفع التكلفة وتوقفت أفران من أفرانها، نتيجة عدم توفر تمويل لشراء فحم الكوك.

وتراكمت خسائر الشركة على مدار السنوات الماضية، بسبب تراجع الإيرادات وزيادة تكاليف الإنتاج، وتبلغ خسائر الشركة بحسب الجهاز المركزى للمحاسبات أكثر من نحو 5.3 مليار جنيه، وتعد وزارتا الكهرباء والبترول وبنك مصر أكبر الدائنين، وقامت إدارة الشركة بعمل تسويات مع بعض هذه الجهات، مقابل التنازل عن بعض الأصول التى تمتلكها الشركة وكان آخر هذه التسويات ما قام به بنك مصر من تخفيض ديونه للشركة من 1.5 مليار جنيه إلى 750 مليون جنيه، فيما أعلنت الشركة مؤخرًا، أنها بصدد توقيع تسوية لمديونية بقيمة 3.6 مليار جنيه مع شركة الغاز مقابل مبادلة أراضي، وهو ما يشير إلى إمكانية التخلص من مشكلة الديون قريبًا.

 

أصول غير مستغلة

 

وتمتلك شركة الحديد والصلب العديد من الأصول غير المستغلة منها أراض ضخمة تصل إلى 790 فدانًا بحوزة الشركة بمنطقة التبين، و654 فدانًا بالواحات البحرية، إضافة إلى 54 فدانًا مشتراه من الشركة القومية للأسمنت منذ 1979 تطل عل نهر النيل مباشرة، وقطعة أرض بمساحة 45 ألف متر مربع بأسوان نتيجة تسوية نزاعها مع شركة الصناعات الكيماوية «كيما»، وكميات ضخمة من الخردة تصل إلى 600 ألف طن، إضافة إلى جبل التراب الذى يحتوى على خردة تقدر بـ700 ألف طن.

 

روشتة علاج

 

وضع خالد الفقي، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية، روشتة عاجلة للنهوض بشركة الحديد والصلب الوطنية بحلوان، بدلاً من التفكير فى تصفيتها، وذلك عن طريق خلق الفرص المتاحة لعمل دورة إنتاج مستمرة.

وقال الفقى إنه يجب التعاون مع شركة الكوك بتحويل إنتاجها بالكامل لشركة الحديد والصلب، فى إطار بروتوكول تعاون يحافظ على مصالح واستقرار الشركتين، موضّحًا أنه بتوفير 500 طن فحم يوميا لتشغيل الشركة، سيساهم فى تدبير «الشركة» للأجور الشهرية، وسداد نصف مستحقاتها كل شهر، حيث إن هذه الكمية من الفحم ستؤدى إلى إنتاج 100 طن صلب «مربعات» يوميًا وذلك لمدة 20 يوما، فقط، على نظام تجميع الفحم والتشغيل.

وأكد أن الشركة تحتاج فقط إلى 120 مليون دولار لتطويرها وتحقيق أرباح، مقترحًا الاستفادة من مبادرة رئيس البنك المركزى طارق عامر بضخ مبلغ 100مليار جنيه للشركات، داعيًا إلى نقل الشركات الصناعية لوزارة الصناعة لضمان التخصص، وكذلك إعادة تشكيل لجنة فنية لإعادة النظر فى «روشتة الإصلاح» تتكون من وزارات الصناعة والكهرباء وقطاع الأعمال والأجهزة المعنية.

بدوره، قال الدكتور محمد عبدالغني، عضو مجلس النواب، إن الصناعات الضخمة كصناعات الطائرات والسيارات والتشييد والبناء كلها تعتمد على الحديد والصلب، مضيفًا أنه كان هناك تخريب متعمّد لهذه الصناعة؛ حتى يباع المصنع بأرخص الأثمان، لافتًا إلى أن القرارات الإدارية التى تم اتخاذها منذ 2015 كانت جميعها ضد مصنع الحديد والصلب، مشددًا على أن العمال لا يطلبون مزايا لأنفسهم، بل من أجل استمرار المصنع الوطنى الذى تبلغ مساحته 2500 فدان، مناشدًا الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة التدخل؛ لحسم هذا الملف الذى تعتمد عليه الصناعة الوطنية، مضيفًا أن ما يتم فى وزارة قطاع الأعمال قرارات لتفريغ شركات القطاع العام.