ماذا بعد القروض ؟!
عزة نصر
جاء تقرير بعثة صندوق النقد الدولى قبل مغادرتها القاهرة الأسبوع الماضى صادما للبعض وإن كان متوقعا للمتخصصين.. فموقف مصر الاقتصادى يتدهور يوما بعد الآخر، لأن الاحتياطيات تم استنزافها لتفادى تدهور قيمة الجنيه وكثير من الخلل الذى أجهد الاقتصاد، فلا توجد استثمارات ولا تحقق النمو المطلوب كى تدور العجلة، بالإضافة لعدم وجود برنامج وأهداف نسعى لتحقيقها من خلال خطوات واضحة، وبالتالى نعيش حالة من التباطؤ لاقتصادى.
حدث هذا رغم أن الكثيرين تفاءلوا من قدوم ودائع قطر وليبيا والآخر القادم من دول أخرى ليصل احتياطى البنك المركزى كما قال وزير التخطيط لنحو 19 مليار دولار.
إن المتأمل لهذه الأموال يجد أنها قروض وليست منحاً وجاءت للاستثمار ولن نستفيد من فوائدها وسيكون هناك عبء كبير على الدولة فى سدادها إذا لم ينهض الاقتصاد ببرامج استثمارية تجذب العديد من الاستثمارات التى توقفت نتيجة الانفلات الأمنى والقلاقل التى تحدث بين الحين والآخر.والتكامل أو التوافق بين الدولة والمعارضة رغم أنه يجب أن نسرع فى ذلك وهذا أهم من الاقتراض لأن الدين هم بالليل والنهار، أضف إلى ذلك وجود كثير من الأفكار والمشروعات الوطنية لو جلس الجميع وأخذوا فيها قرارات تنفيذية لن نحتاج لأحد خلال سنوات قليلة.وقد تزامن مع ضخ الأموال الأخيرة قيام البنك المركزى بضخ نحو 600 مليون دولار فى السوق ليهبط السعر الرسمى والسوق الموازية لكن ذلك حدث لفترة قليلة.وعاد السعر مرة أخرى للارتفاع.
والسؤال المطروح الآن ماذا بعد، وهل مثل هذه القروض لتحسين الموقف التفاوضى مع صندوق النقد الدولى فى المباحثات القادمة التى ستبدأ قريبا فى واشنطن، وكيف سيواجه المواطن البسيط تأثير إلغاء الدعم على البنزين والسولار وارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات؟
أسئلة كثيرة نطرحها على بعض الخبراء ومنهم د. رشاد عميرة رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الذى يوضح فى البداية أن الأموال التى جاءت من قطر وليبيا الهدف منها هو تغطية شرط صندوق النقد الدولى بأن يصل الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى إلى 19 مليار دولار وهو الآن 4,13 مليار دولار والرقم هذا الشهر لن يعلن إلا بعد نهايته كما يحدث كل شهر، وفى ظل هذا الوضع كان من الضرورى الاتصال بالأصدقاء ولذلك الاحتياطى سيصل إلى 4,18 مليار دولار قريبا بعد أن وضعت ليبيا 2 مليار دولار وفى الطريق 3 مليارات دولار سندات من قطر والباقى هناك أنباء عن نصف مليار دولار من السعودية والعراق وآخرين لم يعلن عنهم، 100 مليون دولار يمكن تغطيتها أيضا ليصل للرقم المطلوب بالإضافة لشرطين آخرين وهما تخفيض عجز الموازنة وتخفيض قيمة العملة من خلال برنامج اقتصادى معلن وبشفافية.
لكن ذلك لم يحدث وهو ما جعل الصندوق يجلس مع الفئات الأخرى من المعارضة حتى يضمن بعد ذلك سداد القرض فى حال تغير الحكومة وجلوس المعارضة على سبيل المثال.نقاط أساسية أكد عليها د.رشاد عبده حتى لا نصل لهذه الأزمة مرة أخرى وهى سرعة استعادة الأمان والأمن مما سيعيد السياحة مرة أخرى التى بلغت حصيلتها عام 2010 نحو 8,12 مليار دولا، ومع ذلك لم تكن ترضى طموحنا لأن لدينا إمكانيات من سياحية علاجية وترفيهية ودينية تجعلها تصل لأكثر من 20 مليار دولار سنويا.
أيضا يساعد على زيادة فرص الاستثمار المباشر وعودة الاستثمارات المهاجرة، حيث إن العام الماضى لم تأت استثمارات لمصر سوى 900 مليون دولار وخرج منها استثمارات أجنبية مباشرة قدرت بنحو 14 مليار دولار بينما أقل رقم استثمار أجنبى جاء لمصر كان 5,8 مليار دولار، عام 2008 الذى حدت فيه الأزمة المالية العالمية استقبلت مصر نحو 3,14 مليار دولار، عام 2009 كان 1,11 مليار دولار أيضا لابد من تهيئة المناخ المناسب لاستمرار الاستثمارات الحالية فى مصر على الأقل.
أيضا لم يصدر منذ الثورة أى تشريع جاذب للاستثمار سواء عربى أو أجنبى أو محلى، بالإضافة لقضايا التحكيم فى المشروعات الاستثمارية التى تكلف الدولة الكثير وتقلل الثقة فى استقرار الاستثمار ويزيد من ذلك أن الدستور الجديد- والحديث مازال على لسان د.رشاد عبده معروق للاستثمار من خلال أحد البنود التى تعطى للدولة حق تأميم المشروعات بشرط المصلحة العامة أو بحكم قضائى وهو ما فتح المجال لأمور كثيرة.إننا نريد رسائل طمأنة دائما للمستثمرين جميعا من رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان والإعلام مع ضرورة الاستعانة بأهل الخبرة والمعرفة والابتعاد عن أهل الثقة والعشيرة والأهل.