الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رسالة من رجل مصرى إلى المرأة المحجبة

رسالة من رجل مصرى إلى المرأة المحجبة

رغم اقتناعى أن رسالتى إليكِ قد جاءت متأخرة، لكننى مصر على كتابتها وإرسالها، إيمانًا بالمثل القائل: من الأفضل أن تصل متأخرًا عن ألا تصل على الإطلاق. وفى الحقيقة أننى لو اتخذت من هذا الفعل مبدأً، وكتبت رسائل عن كل الأشياء التى أراها تشدنا إلى الوراء تحت أسماء براقة، لقضيت العمر فى الكتابة، وما وجدت وقتًا لممارسة الحياة ذاتها.



أختى المحجبة، منذ سنوات طويلة، من الدعاية الدينية للحجاب، وبكل أسف اختلطت بالدعاية الثقافية والأخلاقية، والإعلامية، من أنصار الدولة الدينية، لا يهمها الدين، ولا يهمها الثقافة، ولا يهمها الأخلاق، ولا يهمها الإعلام. منذ سنوات طويلة، وحتى الآن، نجحت الدعاية، وتحقق المطلوب من النساء اللائى وُلدن على ذمة الإسلام، والمكتوب فى بطاقتهن الرسمية أو الرقم القومى، فى خانة الديانة، «مسلمة»، وانتصر الدين فى معركة الزى الإسلامى، و« تحجبت»  فتيات ونساء مصر المسلمات، من جميع الطبقات والأعمار والوظائف والهوايات، والأيديولوجيات. وامتد الانتصار إلى فتيات فى سن الرابعة من العمر.

تحقق الهدف بحيث ينقسم المجتمع المصرى، إلى فئتين، يصبح من الواضح تمييزهما، الفئة الأولى، محجبات وهن الملتزمات دينيًا، المستقيمات أخلاقيًا، هويتهن الإسلام، وفئة غير المحجبات، غير الملتزمات دينيًا، غير مستقيمات أخلاقيًا، هويتهن إما المسيحية أو الإلحاد، أو الإسلام ولكنهن لا يعبأن بارتداء الزى الإسلامى، ومحصنات  ضد الدعاية الإعلامية له.

أختى المحجبة، أحقًا تعتقدين أن قطعة من القماش سعرها فى متناول الجميع، هى الإسلام، والأخلاق القويمة، والالتزام الدينى؟؟. انظرى إلى والدتك أو جدتك، لم تكن محجبة؟. أكانت قليلة الإسلام، عديمة الأخلاق القويمة؟. أحقا تعتقدين أن الأديان والرسل والأنبياء، قد جاءوا وتكبدوا المشقة، من أجل «قماشة» على رأس النساء؟؟.

أبهذه السهولة والسطحية والضحالة، وعدم المنطق، ترين الإسلام والدين ومعنى الفضائل الأخلاقية، «طرحة» تخفى الشِعر؟؟. إن المسئول عن مكارم الأخلاق، أختى المحجبة، هو العقل، وليس «فروة الرأس». ما يجعلك فاضلة أكثر صعوبة بكثير، من مجرد  إخفاء الشِعر، لا بد أن تخفى الكذب والغش، والنفاق والتفرقة بين الناس، وازدواجية المقاييس، وليس خصلات الشِعر.

أختى المحجبة، أكتب رسالتى المتأخرة إليكِ، ليس فقط لأننى يهمنى أمرك، وأريد أن أبدد الخرافات التى زرعوها فى عقلك، عن كيان المرأة، ومعنى وجودها، لكننى أيضا  وبالقدر نفسه، أريد أن أزيل النظرة السيئة لجنس الرجال، الذى أنا واحد منهم.

قالوا لكِ «تحجبى حتى لا يثير شعرك الغرائز الحيوانية والشهوات الجنسية للرجال».

لا سيدتى.. الرجل ليس ذئبًا، أو حيوانًا شهوانيًا، تحكمه الغرائز وتسيطر عليه الشهوات، وتكسر إرادته خصلات عارية من الشعر، أو جزء سافر من المرأة. لا سيدتى، الرجل لا يمشى فى الشوارع، ولا يتحرك فى الأماكن، بحثا عن «أنثى» لا يعرفها تلبى نزوات جنسية عابرة غير مسيطر عليها، بل يمشى بحثًا عن «وظيفة»، تلبى حاجاته المادية وأحلامه البسيطة. أنا كرجل، أرفض هذه النظرة المهينة المعيبة للرجال.

أختى المحجبة، أنتِ لستِ قطعة لحم، وأنا لست ذئبًا جائعًا. أنتِ لست «عورة»، لكى تختبئي عن الأعين. أنت لستِ أداة جنسية، ولستِ سلعة جنسية، ولستِ  مخلوقة لكى تهذبى شهوات الرجال المنحرفين المرضى. الرجل المنحرف، هو الذى يختبئ عن الأعين، والرجل المريض هو الذى يحتجب إلى حين أن يُشفى. الرجل الذى يشتهى النساء، بمجرد رؤيتهن، هو «العورة»، هو الذى يجب أن «يدفع» ثمن عدم انضباط شهواته، وعدم سيطرته على غرائزه ونزواته، هو الذى يجب أن يعاد تربيته من جديد،  لا أن تتحجب وتختفى النساء، لترتاح شهواته المنحلة.

أختى المحجبة، رسالتى هذه المتأخرة، لا تدافع فقط عن جنس الرجال، وعن جنس النساء، لكنها تدافع بالقدر نفسه، عن جوهر الأخلاق، ومعنى الفضيلة الحقيقى، وعن جوهر الأديان، التى تستخدم للأسف قطعًا من القماش والطرح، وتزرع الألغام التى تنفجر كل يوم فى وجه تقدم ورقى نساء ورجال الوطن. أختى المسلمة.. حجابك لا يحجب رأسك.. بل يحجب الحضارة الإنسانية المصرية.. وهذا هو المطلوب من أعداء مصر.

من واحة أشعارى:

 أنت

 النعيم الأبدى

 أرسلته أخيرا عدالة الأقدار

 أنت

 الحقيقة المطلقة

 جاءت بعد طول انتظار

 أنت

 متدفق الحنان

 لك عنفوان المطر والإعصار

 أنت

 مدهش مبهر

 وفى قلبك تسكن الأسرار  

أنت

وسيم الحركات

كريم بالليل طيب بالنهار

أنت

من فئة نادرة

اسمها الرجال الأحرار