السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عيد الحب البديل!

القلوب، والدباديب، والورود الحمراء.. كانت تلك أبرز سمات أمس (الجمعة) الذى وافق 14 فبراير؛ حيث اكتست محال الهدايا والمولات الكبرى بالألوان الحمراء معلنة عن الذكرى السنوية لعيد العشاق «الفلانتين»، وعلى نغمات الأغانى الرومانسية تبادَل المحبون الوعود والهدايا.



كثيرون هم من يرون فى عيد الحب أنه مناسبة خاصة بعلاقة الحب بين «شاب وفتاة» أو «زوج وزوجة»، رُغم أن هناك العديد من الفئات والأشخاص يحتفلون بهذا اليوم؛ ولكن على طريقتهم الخاصة؛ خصوصًا العُزّاب، والأمهات مع أبنائهن أو العكس، والذين يجدون فى 14 فبراير فرصة للتعبير عن مشاعر الحب للمقربين منهم.

 

 

أكلة الفلانتين

 

قبل نحو 15 عامًا، كانت المرّة الأولى التى تحتفل فيها «يارا»- صاحبة الـ25 عامًا- بعيد الحب، لكن احتفالها لم يكن مع حبيب أو صديق، ولكن مع والدتها التى تبلغ من العمر 50 عامًا، تعمل «يارا» مسئولة موارد بشرية بإحدى شركات السياحة، لكن قبل ذلك لم تكن تمتلك إلّا مصروف يدها فقط، الذى كان سلاحها الناعم لإسعاد والدتها فى كل المناسبات؛ خصوصًا فى الفلانتين.

تحكى السيدة نورا عن تجربتها الأولى مع هدية الفلانتين مع فتاتها الكبرى: «ادّخرتْ من مصروفها الخاص مبلغًا من المال، واشترت لى وردًا وشيكولاتة، كانت فرحتى مبالغًا بها فى المرّة الأولى تحديدًا لأنها لم تكن معتادة على هذا، لكنى اعتدتُ على هذه العادة».

فى ركن خاص بغرفتها، خبّأت سيدة العقد الخامس كنزها من الدنيا الذى لم تكن على موعد معه، قرابة 5 لفائف من الورد المجفف، كانت الهدايا التى تلقتها بمناسبة الفلانتين على مدار 15 عامًا، من نجلتها الكبرى «يارا»، التى كانت خير مُعَلم لشقيقيها الأصغر اللذين سارا على عهدها «رانيا» (21 عامًا) و «حسن» (18 عامًا): «حسن ورانيا تعلّما فكرة الهدايا بمناسبة الفلانتين من يارا، واشتريا هدايا حسب الميزانية، مرّة شيكولاتة، مرّة ورد، مرّة حذاء أو حقيبة حسب ميزانية الـ3 أبناء، ولا يشكل الأمر فرقًا مَهما كان نوع الهدايا، كل ما يفرق معى فى تلك اللحظة هو تفكيرهم فىّ وادَّخَارَهم من أجل سعادتى».

«أكلة حلوة».. كانت تلك خير رد من الأم «نورا» لأبنائها الثلاثة حتى تبادلهم الحب فى هذا اليوم من كل عام: «أنا كمان أهادى أبنائى؛ لكن على طريقتى الخاصة، فأعد لهم أكلة خاصة طلبوها منىّ منذ فترة، أو أكلة أعلم جيدًا أنهم يحبونها فأطبخها فى هذا اليوم ونتبادل الهدايا، وأرى أن الأم يجب أن تهادى أبناءها بمناسبة ومن دون، لأن ذلك يغنيهم عن طلب الاهتمام من أى شخص آخر، ويجعل لهم شخصية مستقلة سوية لا تنتظر شيئًا من أحد إلّا إن كان مصنوعًا بكل الحب».

 

أم وهديتان

 

كانت «زوزو» (16 عامًا)- كما يلقبها الأهل والأصدقاء- فى المرحلة الإعدادية حين فاجأتها والدتها «ص.ع» بهدية لها وشقيقتها الصغرى «فرح» (13 عامًا): «كانت مفاجأة كبرى، ولأول مرّة تهادينا أمى فى هذا اليوم تحديدًا هدية قيّمة عبارة عن دُميتين جميلتين لىّ واحدة ولشقيقتى الأخرى، بمناسبة عيد الحب».

«حتى لا تحتاج أى من بناتى لأحد».. كان هذا مبرر «ص.ع» بالعقد الرابع من العمر، لهذه المفاجآت التى تقوم بها من وقتٍ لآخر قاصدة بها ابنتيها ذاتا العمر الوردى: «ماما شعرتْ أننا نكبر عامًا بعد الآخر، مع الوقت سنحتاج هذه الهدايا خاصة بعمر المراهقة مثلما يقولون، لذلك تهادينا بهذه المناسبات، فلا نشعر أننا بحاجة للارتباط لنملك الهدايا الرومانسية.. أمى تجعل اليوم رومانسيّا بطريقتها، فهى تهتم بنا اهتمامًا يغنينى وشقيقتى عن أى شىء».

 

حذاء جديد

 

تعلقت «مى الوردانى» (24 عامًا) بشكل الأحذية منذ لحظة الإدراك الأول، فتشترى حذاءً جديدًا كلما تكون لديها وفرة من المال، لكن مع وجود أم صافية القلب تهتم بفتاتها، أصبح هناك حذاء جديد باسم «مى» فى منتصف فبراير من كل عام: «أحيانًا أشعر أننى لم أعد بحاجة لشراء أحذية جديدة لأن خزانتى ممتلئة تمامًا من أحذية الفلانتين بواسطة أمى، فهى تعلم أننى أحب الأحذية بأنواعها كافة، فقررت أن تحتوينى بحذاء جديد كل فلانتين، كنوع من التعبير عن حبها لىّ».

فى المرحلة الإعدادية، عقب درس التاريخ، تتذكر «مى» جيدًا أول حذاء فلانتين تلقته من والداتها: «كان  لونه  ورديّا، وكانت مفاجأة والدتى لى، رأيتها تنتظرنى خارج سنتر الدروس، مبتسمة ابتسامتها المبهجة كالمعتاد، وأخذتنى لمحل الأحذية داكن اللوان أمام منزلنا وطلبت من العامل جلب الحقيبة الخاصة بها، حقيقة كنت أشعر أن هناك أمرًا خاصّا بىّ، لكننى لم أصدق حتى كان الحذاء بين يدىّ وكلمات أمى فى أذنى «هابى فلانتين يا ميوش»».

«تكرر الأمرُ نفسُه بعدة طرُق بعد ذلك، حتى أصبح عمرى فى منتصف العشرينيات، ولاتزال أمى تحرص على حذاء الفلانتين كل عام، وتصمم جوّا حافلًا لنحتفل به سويّا دون الحاجة لحبيب أو صديق ليتذكرنا أو يهتم بنا، فقط أمى»- مى تحكى.

 

وردة أمى

 

لا تمحى «هدى» من ذاكرتها تلك الوردة الأولى التى تلقتها فى حياتها يوم عيد الحب، ليس من حبيب أو معجب؛ وإنما من «ست الكل» كما وصفتها: كنتُ فى الصف الثالث الثانوى،حين قررت أمى كسر حاجز الخوف بمرحلة الثانوية العامة، وإضفاء نوع من البهجة على عبثى، يوم 14فبراير، فدخلت غرفتى لأبدأ مذاكرتى عقب صلاة العشاء، لأجد وردة على مكتبى بخط أمى المميز «عيد حب سعيد يا هدى حبيبة ماما»، لتصبح سرّى الخاص بينى وبين أمى بعد ذلك، كلما شعرت بحزنى، جلبت لىّ وردة جديدة، لتمحى كل عبء بحياتى بكلماتها».

 

خطة تربية

 

«هبة محمد» لديها طفلان يبلغان من العمر (6 سنوات)، و(4 سنوات) لا يشعران حتى الآن بما يحدث حولهما، لكن أم تبحث وتقرأ بشكل يومى؛ لإعداد أطفال أسوياء فى المستقبل: «أحاول دائمًا أن أربى أبنائى بشكل مختلف، يجعلهما ناضجين كفاية ليكونا سندًا لىّ، ولبعضهما، ومساعدين للناس فيما بعد».

الهدايا فى عيد الحب كانت ضمن قائمة «هبة» التى وضعتها من أجل ملء أى فراغ عاطفى يصيب ابنيها فى سن المراهقة: «قررتُ أهادى نجلىّ بمجرد ما يدركان الدنيا حولهما فى كل المناسبات، وعيد الحب بشكل خاص، حتى ولو وردة بسيطة، حتى لا يكونا بحاجة إلى اهتمام خارج منزلهما، ولا يختلطان بأى شخص غير واثقين بنسبة 100 % أنه إذا تقرّب منهما لن يخدعهما بالهدايا والمظاهر الكاذبة، وإنما النابعة فقط من القلب».