الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
احتفل بمَن تحب

احتفل بمَن تحب

الاحتفال ليس «للسناجل».. مقولة تتردد كثيرًا مع حلول عيد الحب أو الفالنتاين.. ويتصارع الرأيان: عيد الحب يعنى (couple).. يعنى اثنين.. يعنى رجل وامرأة.. إذا السناجل (singles) يظلون فى بيوتهم وبيوتهن فى يوم عيد الحب لأنه لا يخصهم/هن بعد.. والرأى الثانى هو أن عيد الحب معناه الاحتفال بمعنى الحب المجرد وليس الحب الرومانسى فقط.. أى أنك إذا كنت من السناجل فاحتفل بعيد الحب مع أصحابك أو احتفلى بعيد الحب مع إخوتك وأخواتك..



ونظرًا لأن تاريخ عيد الحب واسمه (الفالنتاين) يرتبط بأحد الأساقفة أو القسوس فى روما فى القرن الثالث الميلادى، ولأنه كان يقوم بعقد الزيجات للشباب سرًا ضد أوامر الامبراطور- آنذاك- إذ كان يظن أن الزواج يثبط همم المحاربين والجنود؛ ارتبط عيد الحب بالحب الذى يطلقون عليه: الحب الرومانسى أو الحب الذى يجمع الرجل بالمرأة..

ولكن الحقيقة الواقعية العصرية جعلت من عيد الحب فرصة تجارية وقلبته كغيره من المشاعر إلى ترجمة مادية بغيضة تتنافس فيها دمى الدبب مع دمى القلوب، ويتنافس فيها اللون الأحمر مع اللون «البمبي» الصارخ.. وتتنافس فيها البنات المخطوبات والسيدات المتزوجات لتضع كل منهن صورتها مع خطيبها أو زوجها - فى (خروجة) عيد الحب - على السوشيال ميديا والقلوب تتناثر حولهما وكلمات الحب تظلل الصورة.. ولا مانع من التفاخر بهديته لها أمام صديقاتها وهديتها له أيضًا..

تلك المظاهر السطحية شوهت عيد الحب لكل الأنواع من الناس: الكابلز والسناجل أيضا.. فالنوع الأول لا يحتفل بالحب، بل كل واحد يحتفل بنفسه.. ومظاهر الاحتفال هى عرض ما يؤكد – من وجهة نظر بلهاء – أنه أو أنها محبوب/ة فى صورة وفى هدية.. والنوع الثانى يختار بين الابتعاد التام عن مناسبة لا تخصه ويلقى فيها ألمًا نفسيًا بسبب عدم وجود تلك العلاقة الخاصة جدا والرباط المقدس - كما أسماه العظيم توفيق الحكيم – فى حياته/ها.. أو يحاول أن يحتفل مع أصدقائه/ها حتى ما يتظاهر بأن الأمر لا يغضبه/ها.. وتظل مفاهيم الحب الحقيقية غير واضحة، بل ومستترة تماما فى عيد الحب..

المصيبة الكبرى التى بدأت تظهر فى القرن الجديد هي: أحب نفسك.. احتفل بنفسك.. لا تنتظر هدية واشترى هدية لنفسك.. لا تنتظرى من يأخذِك فى (خروجه) أو (عزومة)، اعزمى نفسك!! وهذا هو قمة تشويه معنى الحب..

الحب يا سادة هو مشاعر إنسانية لازمة لكل إنسان حتى ما يكون إنسانًا.. يمنحها لإنسان (آخر) ويستقبلها من هذا (الآخر).. قد يكون الآخر نصفه الآخر.. وقد لا يكون.. ربما صديق يمنحه حبًا غير مشروط وتفاهما ليس له حدود وصبرًا وسندًا وخوفًا واهتمامًا.. وربما يكون أخًا أو أختًا أو أبًا أو أمًا.. المهم أن يشعر الإنسان أنه محبوب.. صحيح أن الحب بين الزوجين أو حب النصف الآخر ورفيق العمر يضعها كثيرون على قمة الشعور بالحب الخاص جدا، غير أن الحب لا يقف عند الزواج ولا يقتصر على المتزوجين والمخطوبين والكراش (crush)!! وإلا كانت النتيجة أن السناجل جميعا لا يمتلكون مشاعر الحب، أو أنها مؤجلة عندهم إلى أن تتغير حالتهم إلى (in love) على الفيسبوك.. وهذا يعنى بالضرورة انتفاء الصفة الإنسانية عنهم لأن كل إنسان لا يمكن له العيش ما لم يحب ويكون محبوبًا..

الخلاصة أن عيد الحب – من وجهة نظرى المتواضعة – هو يوم يحتفل فيه كل إنسان بالذين يقدمون له الحب طوال العام.. تحتفل بزوجها الذى لا يتحمل رؤيتها دامعة، وكل همه أن يسعدها.. أو يحتفل بزوجته التى تتفهم تعبه وتتحمل غضبه وتفهم سكناته قبل كلماته.. أو تحتفل بصديقتها التى تساندها دون مقابل وتهتم بها وتتصل لتسأل عن حالها حتى لو لم تسأل هى بالمثل.. أو يحتفل بابنته التى تهيم به وتلمع عيناها حين يدخل البيت فتستقبله بالحب والمرح والابتهاج حتى لو لم يتذكر ما طلبته منه.. أو يحتفل بجاره الطيب الودود الذى يقوم بكل الإصلاحات فى العمارة، ويدفع له إيصالاته وهو بالعمل، ويطمئن على شقته إذا سافر.. أو حتى تحتفل بجدها الذى يحكى لها القصص وينتظر زيارتها له وكأنها العيد ويدافع عنها حتى فى أخطائها..

فى عيد الحب احتفل بالذين يقدمون لك الحب لتقول لهم بأي طريقة تراها مناسبة: أنك تدرك حبهم لك وأنك أنت أيضًا تحبهم!!