الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ارسل كارت لصديق

ارسل كارت لصديق

لسبب غير معلوم يحتفلون فى السابع من فبراير كل عام بيوم إرسال بطاقة – أو كارت – لصديق.. ويقول موقع الاحتفالات اليومية الذى تجد فيه تفاصيل الاحتفال بإرسال كارت لصديق، أن كثيرا من الأصدقاء الذين تباعد الظروف بينهم يجدون فى هذا اليوم فرصة لإرسال رسالة مودة قصيرة على بطاقة جميلة لبعضهم البعض..



وإرسال مثل تلك البطاقات يعود للأزمنة القديمة، إذ إن المصريين القدماء كانوا يهتمون كثيرا بزخرفة رسائلهم القصيرة بعضهم لبعض وبشكل البردية الجميل.. وفى عصر النهضة كان الأوروبيون يرسلون الكثير من بطاقات التهنئة فى المناسبات المختلفة أيضا.. أما العصر الفيكتورى فى إنجلترا فقد شهد ولعاً بإرسال البطاقات وبخاصة فى أعياد الميلاد وفى الكريسماس وأيضا فى عيد الحب أو الفالنتاين والذى كان معروفا منذ ما قبل العصور الوسطى وسيأتى الوقت للحديث عنه..

أما فى وقتنا الحالى فقد خبت فكرة إرسال البطاقات بالبريد.. ولو أن 80 بالمائة من الكبار أو متوسطى الأعمار ما زالوا يشترون البطاقات الملونة المزخرفة الخاصة بالمناسبات المختلفة.. ومع حلول (الماسدج) والبطاقات الإلكترونية صارت الأغلبية العظمى تلجأ إليها فى المناسبات دون البطاقات أو الكروت الورقية..

الحقيقة أن تلك الصور والـposts والصور المتحركة والأفلام القصيرة وغيرها من كل أنواع التهانى الإلكترونية التى ترِد لنا عبر مختلف أنواع السوشيال ميديا صارت غاية فى التكرار وانعدام المشاعر وضياع اللمسة الشخصية وفقدان كل ما يعنيه الكارت الورقى من معانٍ.. فهى رخيصة الثمن – أو بلا ثمن – وضعيفة المعنى غالبا، وليست رسالة تحوى كلمات المرسِل إلى المرسَل إليه، والأهم أنها تضيع ولا يحتفظ بها أحد، لا على الموبايل ولا فى الذاكرة.. على عكس البطاقات البريدية التى كانت تصل لنا منذ الطفولة والتى مازلنا نحتفظ بها رغم بساطة ورقها وطباعتها، لأن الكلمات المكتوبة بأقلام مَن أرسلوها تحمل قيمة وذكريات ومعانى تبحر بنا إلى ذلك الزمن وتستحضر لنا أرواح مَن كتبها وكأننا صرنا نمتلك ببطاقاتهم جزءًا منهم معنا..

لا أجد البطاقات والكروت الجميلة الآن إلا فى أماكن محدودة من بعض المكتبات وبعض محال بيع الهدايا.. وهى إما باهظة الثمن وجميلة الشكل أو بسعر معقول لكنها رديئة الصنع وصغيرة الحجم جدا حتى إنك لو كتبت عليها: كيف حالك يا صديقى لما وجدت مكانا تكتب فيه اسمك وتاريخ اليوم!!

عودة لرسائل الأصدقاء وما يكتبون لبعضهم البعض فى البطاقات، ستجد أن معظمها يدور حول معانٍ هامة للصداقة.. منها أن ابتعاد المسافات وعدم اللقاء لفترات طويلة من الزمن لا يؤثر على صداقتنا – ولو أن هذا قد لا يكون منطقيا على أرض الواقع، ولكنه يحدث فى القليل النادر.. ومنها أيضا رسائل توضح أن معنى الصداقة هو السؤال الدائم ومعايشة تفاصيل حياة الصديق وبخاصة لو كان فى شدة أو أزمة.. وقطعا المعنى الشهير: الصديق فى الضيق..

ولكن تأتى الرسائل الشخصية بين صديقين بما لا تجده فى جوجل أبدا.. فقد تحتوى جملة واحدة بين صديقين على معان لا يفهمها إلا هما: كلمة من ذكريات قديمة لها معنى خاص، عبارة عادية ولكنها قيلت فى موقف أضحكهما سويا، إشارة إلى شقاوة قديمة، أو إلى سر طفولى.. وقد تحتوى كلمات قليلة بينهما على مشاعر عميقة من الحزن أو التعب أو الملل أو الغضب تجعل الصديق القارئ وكأنه يرى تعابير وجه صديقه من خلال السطور.. وتبقى الكلمات بين الأصدقاء كشفرة سرية لا يحل طلاسمها إلا هم.. وتحمل لهم سعادة من نوع مختلف يشعرون بها مرة حين تصلهم الرسالة – حتى لو كانت إلكترونية – ومرات لا تحصى ولا تعد فى كل مرة يقرأون الرسالة مهما كانت قديمة.. لذا تبقى البطاقات الأجمل وبخاصة لأنها تحمل خط يد الكاتب وجزءا من شخصيته وتوقيعه وتاريخ الإرسال ومكانه..

ارسل لصديقك الذى لم تره منذ فترة بطاقة بخطك.. تحمل لمستك الخاصة.. وذكرى جمعت بينكما.. وكلمة مضحكة.. وأمنية معطرة.. وسلاما مفرحا!!