«مايا» عميلة الـ «سى آى إيه» التى اصطادت بن لادن

مرفت الحطيم
لم تستطع عميلة المخابرات الأمريكية سى آى إيه حبس دموعها عندما شاهدت جثمان زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن مسجى أمامها فى أحد المستودعات بأفغانستان بعد أن تم إخراجه من الحقيبة التى كان بها، فقد ظلت واقفة مع من يحيط بالجثمان، لم تقل شيئا، وبعدها انهمرت الدموع من عينيها، وهى التى قضت نصف عقد من الزمن فى رصد تحركات هذا الرجل وتشعر الآن بالحزن لفراقه، ولكن لم يعرف أحد سبب هذا الشعور المفاجئ.
لعبت هذه العميلة الاستخباراتية، والتى لم تكشف سى آى إيه عنها دورا مفصليا فى تتبع بن لادن لسنوات عديدة ومتابعته وصولا إلى مسكنه فى مدينة أبوت آباد فى باكستان، وركزت اهتمامها على شبكة المراسلين التابعين لتنظيم القاعدة خلال سعيها لمعرفة مخبأ أكثر رجل مطلوب فى العالم، والآن بعد انتهاء تلك المطاردة التى استمرت عقدا من الزمن أصبحت هذه العميلة واحدة من حفنة من عملاء سى آى إيه الذين يستحقون ميدالية الاستخبارات المميزة نظير دورها.
إلا أنه وفقا لتقارير صدرت فى الولايات المتحدة، فإن الحياة المهنية لهذه المرأة تشوبها المرارة، فهى لا تزال تعمل مع الاستخبارات الأمريكية، إلا أنها دخلت فى شجار مع زملائها فيما يتعلق بمن هو أحق بالثناء فى تلك المهمة، حيث ترسل رسائل إليكترونية لزملائها الذين تلقوا مقدارا أقل من المكافأة، «أيها الزملاء إنكم اعترضتم طريقى حاولتم إثنائى وحاربتمونى، فأنا الشخص الوحيد الذى يستحق المكافأة». وتذكر بعض التقارير أن المرأة التى اشتركت فى اصطياد بن لادن واحدة من فريق تلقى مكافآت مالية لعملها لكنها لم تتلق أى ترقية لمنصب أعلى، وعلى الرغم من عدم إشارة سى آى إيه إلى هذه المرأة، فقد أشار إليها كتاب «لم يكن يوما سهلا» باسم «جين» وهو الكتاب الذى ألفه أحد رجال قوات سيل منتحلا اسم مارك أوين، الذى اشترك فى العملية- الاسم الحقيقى للمؤلف هو مارك بيسونيت. ووصفها الكاتب بأنها «المرأة اللئيمة الحاذقة والعدوانية».
وفى مقابلة صحفية من أجل الترويج لكتابه ذكر بيسونيت: لا أستطيع أن أسبغ عليها أى ثناء، وأعنى أنها من بنات أفكارى أنها محور هذا الكتاب. وتحدث عن ضابط سيل المتقاعد عن رحلته إلى أفغانستان قبل الهجوم مستقلا الطائرة نفسها التى كانت تقل «جين»، أنها أخبرت الفريق بأنها «متأكدة مئة فى المائة أن بن لادن سيتم العثور عليه فى مخبئه بأبوت آباد.
هذه المرأة التى هى الآن فى الثلاثينيات من عمرها ولم تكشف سى آى إيه عن حقيقتها سيشاهدها جمهور السينما البريطانية على الشاشة الفضية تحت مسمى «مايا» وهى الشخصية المحورية فى فيلم «30دقيقة بعد منتصف الليل» وهى الساعة المقررة للهجوم للمخرجة الأمريكية الحائزة على جائزة الأوسكار «كاثرين بيجلو» عن فيلمها «أعظم مطاردة لرجل فى التاريخ».
كما كشفت صحيفة الإندبندنت بعض التفاصيل حول المرأة التى ساعدت فى الوصول إلى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقتله فى المجمع الذى كان يقطن فيه فى أبوت آباد بباكستان.
سبب الحديث عن هذه المرأة، التى تعرف فقط باسم مايا، هو الفيلم الذى بدأ عرضه حاليا ويصور العمل داخل أجهزة الاستخبارات الأمريكية خلال العشر سنوات الماضية من أجل الوصول إلى بن لادن وقتله.
وقالت الصحيفة إن هذه المرأة فى الثلاثينيات من عمرها وتم تخطيها فى ترقية هذا العام داخل جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية رغم «دورها الواضح» فى تعقب زعيم تنظيم القاعدة. وذكرت الصحيفة أن هذه المرأة من عملاء الاستخبارات الأمريكية، وكانت تعيش فى إسلام آباد، وكان دورها هو متابعة شركات البريد التى قد تؤدى إلى بن لادن.
واعترفت مصادر استخباراتية بدور «مايا» الحيوى فى العثور على مكان اختفاء بن لادن.
وحصلت على ميدالية «الاستخبارات المميزة» من الوكالة الأمريكية، لكنها ردت على ذلك برسالة إليكترونية جماعية داخل الوكالة تتهم زملاءها بعرقلة عملها.
كما نفت مخرجة وكاتب سيناريو فيلم يدور حول العملية العسكرية الأمريكية التى أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أنهما طلبا الحصول على وثائق سرية من أجل الفيلم ولكن أوضحا أنهما أجريا مقابلات مع ضابطة فى وكالة المخابرات المركزية وغيرها ممن شاركوا فى ملاحقة زعيم القاعدة لعقد من الزمان.
وقالت كاثرين بيجلو مخرجة الفيلم لمحطة إيه.بى.سى الإخبارية فى مقابلة أن الفيلم اعتمد بالكامل على روايات أفراد لذا ينتابك شعور بالتقارب الشخصى.. وهو أمر مثير جدا لصانع الفيلم، وذكرت بيجلو وكاتب السيناريو مارك بول فى مقابلة مع برنامج «نايتلاين» أن خطتهما الأصلية كانت عمل فيلم عن محاولات البحث الفاشلة عن بن لادن فى جبال تورا بورا فى أفغانستان خلال الغزو الذى قادته الولايات المتحدة هناك فى 2001.
ولكن سريعا ما تغيرت خططهم عقب إعلان الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى مايو أن وحدة القوات البحرية الخاصة قتلت بن لادن فى منزل فى باكستان، وقال بول: رفعت سماعة الهاتف وبدأت بالاتصال بمصادر وسؤالها عما لديها من معلومات وتعريفى بآخرين والطرق على الأبواب وتعاملت مع الموضوع بشكل شامل قدر استطاعتى.
وقال: بالتأكيد جمعت كما كبيرا من المعلومات ولكن لم أطلب معلومات سرية قط، وعلى حد علمى لم أحصل قط على مثل هذه المعلومات، وأرجئ عرض الفيلم الذى يعد منافسا قويا على ترشيحات جوائز أوسكار إلى يناير القادم بعدما ثار جدل حوله فى عام الانتخابات فى الولايات المتحدة. ونفى أميرال أمريكى أشرف على العملية السرية فى مايو من العام الماضى مزاعم بأن إدارة أوباما رتبت من أجل لقاءات خاصة لبيجلو وبول مع مسئولين بارزين أثناء إجراء الأبحاث الخاصة بالفيلم.
ويروى الفيلم مطاردة بن لادن من خلال أعين ضابطة شابة فى وكالة المخابرات المركزية تقوم بدورها الممثلة جيسيكا شاستن والتى ساهمت فى العثور عليه، ويظهر أوباما بشكل عابر فى الفيلم. وقال بول: بعد شهرين من بدء الأبحاث الخاصة بالفيلم سمعت عن امرأة ضمن الفريق لعبت دورا كبيرا.. ذهبت إلى جلال آباد وكانت مع الوحدة الخاصة ليلة الغارة.
وقالت بيجلو إن بعض كلمات الحوار منقولة حرفيا من مقابلاتها مع ضابطة المخابرات وآخرين والبعض الآخر موظف دراميا.∎