الخميس 10 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
قصة اختفاء بابا نويل

قصة اختفاء بابا نويل

خبر اختفاء بابا نويل أشعل صحف المدينة.. وكان الموضوع الأول، بل الأوحد الذى يتحدث فيه أهلها من الكبار، والصغار أيضا.. فقد حل العام الجديد وليلة رأس السنة مرت دون أن يزور بابا نويل بيتا واحدا من بيوت المدينة!! أسباب اختفاء بابا نويل غير مفهومة على الإطلاق.. فقد تزينت المدينة كما فى كل عام بالزينات والأشجار وانتظار الأطفال.. لم يتغير شىء عن العام الماضى وما قبل الماضى وما قبل قبل الماضى.. لماذا لم يأت بابا نويل؟ كان (سليم) عائدا من مشوار شراء لوازم البيت لأمه وسائرا فى بعض شوارع المدينة فى طريقه للمنزل وفى كل مكان يسمع ثرثرة أهالى المدينة عن أسباب اختفاء بابا نويل.. الرجال على المقاهى يحللون، والسيدات فى النوافذ يتحسرن على أبنائهن الذين يبكون.. حتى الأطفال الذين يلعبون الكرة فى الشارع الضيق المغلق يتحدثون بحزن وضيق عن غياب بابا نويل. سليم لا يحب الثرثرة الفارغة.. وضع المشتروات لأمه ودخل حجرته ليكتب خطابا لبابا نويل يسأله فيه مباشرة عن سبب اختفائه.. ويطالبه بتفسير واضح وبذكر الأسباب التى منعته من المجىء.. وعما إذا كان هناك ما يمكن عمله لتعويض المدينة عن غياب بهجة مجىء بابا نويل لها فى رأس السنة.. أرسل سليم خطابه عبر الإيميل.. وانتظر الرد غير متعجل لأنه يتفهم مشاغل بابا نويل وبالأخص فى هذا الموسم المزدحم. بعد عدة ساعات وجد سليم الرد طويلا وجميلا ومكتوبا على ورقة مزخرفة بخط جميل قديم وبحروف واضحة ناطقة.. فقط تم تصوير الكتابة وإرسالها عبر البريد الإلكترونى ليقرأها ذلك الصبى ذو الاثنى عشر عاما. عزيزى سليم اسمك اسم على مسمى.. فأنت سليم النية وسليم العقل وأثق أنك أيضا سليم القلب.. أنا يا سليم مجرد رمز.. لست مهرجا يبعث الضحكات.. ولست شبحا يجلب الهدايا.. ولا كان شغلى الشاغل يوما أن أفرح الأطفال كما يدّعون.. بل كما قلت لك، أنا رمز يأتى فى أول العام ليعطى نموذجا لكل مدينة فى العطاء والمحبة والود والاهتمام بالآخر والسعى لا لإضحاك الناس بل لجلب الفرح الحقيقى لقلوب البشر.. آتى إلى مدينتكم والمدن الأخرى ليتعلم الناس تلك المعانى الإنسانية فى بدء العام ويستمرون بها إلى آخره. بعض المدن يتفهم أهلها ذلك.. ويعيشون بالدرس بعض الشهور فى بداية العام ثم ينسون أو يتناسون ويقضون بقية الشهور فى أنانية وأحقاد واغتراب عن بعضهم البعض.. لا ينجدون محتاجا ولا يتحننون على مسكين ولا يفرحون طفلا.. ولكننى أذكر ما فعلوه من طيب الأعمال وأعود فى بدء العام التالى لأزور مدينتهم وأذكِّرهم بالدرس.. أما مدينتكم فلم تفهم الرمز.. ولا وعى منهم أحد الدرس.. أهل المدينة دائما منشغلون كل واحد بذاته.. لا يهتمون بالغير.. بل لا يرون الآخر أبدا. ذكرت لى فى خطابك يا سليم أن كل المدينة تتساءل عن غيابى!! وأنهم الآن يتكلمون مع بعضهم البعض!! ذكرت أنهم شعروا بغياب الرمز!! هذا جيد.. وصحى جدا.. اتركهم يشعرون بأى شيء.. بمشاعر قلق أو حزن أو حتى غضب منى.. فقد كانوا قد وصلوا لمرحلة من اللا شعور.. كانت قلوبهم على وشك الانطفاء.. وكنت أنا قد فقدت الأمل فى مدينتك يا سليم. هذا العام جلبت خريطتى.. ووضعت علامات طريقى وزياراتى للمدن المختلفة ومحوت مدينتكم من بين أماكن زيارتى.. أعتذر لك لأننى لم أحضر أمس.. وأتوقع منك أن تتفهم ما قلته لك.. تحياتى. لم يغضب سليم، ولم تكن فى نفسه أية شائبة ضيق من رد بابا نويل.. بالعكس كان يعلم أن كل ما جاء فى خطابه حق.. وأن مدينته لم تعد تستحق.. وأن الرمز غير مفهوم لهم ولا الدرس.. ولكنه كتب ردا قصيرا لبابا نويل: عزيزى بابا نويل أرجوك أعطنا فرصة جديدة حتى لو لم نكن نستحقها.. مدينتى اتركها على خارطتك هذه السنة أيضا.. لا تمحها بل تعال إلينا اليوم.. سنبدأ العام متأخرا قليلا عن المدن الأخرى ولكننا سنبدأ بدءا جديدا مستنيرا بكل معانى الرمز والدرس. ولأن بابا نويل رأى أملا فى سليم، فقد ذهب هذا العام أيضا إلى مدينته. (هذه قصة خيالية جدا – كل عام وأنتم بخير)