الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«إسكات البنادق» وخارطة طريق القاهرة

«إسكات البنادق» وخارطة طريق القاهرة

تعانى معظم دول قارتنا الإفريقية من نزاعات وصراعات داخلية تقضى على الأخضر واليابس، إنها حروب داخلية بين جماعات أو قبائل، وأحيانًا كثيرة يكون الصراع على السلطة التى لا تتوافر لها أى موارد سوى الوجاهة.. تلك المحاربة أوجدها الاستعمار الذى سيطر على إفريقيا ردحًا من الزمن ليتركها دون تنمية أومساعدة بعد أن استنزف معظم مواردها دون هوادة، وبما أنها دول فقيرة ليس لديها سلاح رادع تملكه جيوش قوية، فقط بنادق آلية أو نصف آلية وأنواع أخرى من الأسلحة الخفيفة لزوم تلك المحاربة الداخلية جعلت الدول تطلق مصطلح (إسكات البنادق) تعبيرًا ومناداة لوقف صراع ليس من ورائه طائل سوى إزهاق الأرواح وإهمال أى سبيل للتنمية فى ظل تحارب على موارد ثروة ضئيل للغاية أو حدود تركها المستعمر لتغوص القارة فى دماء أبنائها. استشعر الرئيس السيسى أن الوضع يحتاج مجهودات سريعة لا تقبل التأجيل، وقام فى نوفمبر 2018 وهو تاريخ يسبق رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى 2019، ولكنه وكعادته يسعى إلى مواجهة التحديات لوأدها أو العمل على تحجيمها حتى يتم التخلص منها تمامًا، وعليه قامت مصر باقتراح لوقف نزيف الدم والموارد فى بلداننا الإفريقية فاستضافت العام الماضى كل الجهات التى يمكنها المساعدة والمعاونة فى هذا الخصوص، فدعت مندوبين من الدول المستضيفة لمهام حفظ السلام وأعضاء مجلس الأمن وكبار الممولين وسكرتارية الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى علاوة على جهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبى وأعضاء التجمعات والآليات ذات الصِّلة بجهود حفظ السلام فى إفريقيا ومعهم مراكز الفكر الرائدة فى قضايا الأمن والسلام الدوليين، كل هؤلاء على مدار يومين فى نوفمبر العام الماضى تناقشوا بجدية ووضعوا خبراتهم وتوصياتهم بعد انتهاء المؤتمر الذى كان ثمرته وثيقة أطلق عليها (خارطة طريق القاهرة) تشمل كل ما يمكن تقديمه (لإسكات البندقية النازفة فى أفريقيا) وتضمنت بنودها مهمة القوة التى ستقوم بحفظ السلام والأمن فى الدول المتحاربة داخليا أو حدوديا من أول (صياغة الولاية) بمعنى ما هى الجهة التى ستكون مسئولة عن ذلك برعاية وموافقة لجنة الدفاع والسلام والأمن الأفريقى التابع للاتحاد، وحتى خروج (المهمة) إلى حيّز التنفيذ والقيام بمهامها من أجل وضع خالٍ من النزاعات، بعد ذلك قامت مصر بتقديم (خارطة طريق القاهرة) فى نسختها النهائية على هامش المؤتمر الوزارى لحفظ السلام فى مارس الماضى بنيويورك لتعلن بها المنظمات الدولية للحصول على التأييد للخارطة حتى لا يتم اعتراضها عندما تدخل حيّز التنفيذ. هذا المشوار الذى قطعته مصر لتقوية ودعم دول القارة الأفريقية والتى تكون بذلك أول دولة أفريقية اتخذت خطوات عملية فيما يطلق عليه (الدفاع الوقائى) بمعنى قيام اللجنة الفنية للدفاع والأمن والسلام المنبثقة عن الاتحاد الأفريقى للقيام بدور يسبق العاصفة والاستنزاف البشرى والتنمية المحدودة لإعطائها دفعة قوية لتصل إلى درجة الاستدامة، وفى الأسبوع الماضى وبعد انتهاء منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة لأفريقيا توجه الرئيس بتوصية طالب فيها لجنة رئاسة الأركان للقوة العسكرية الجاهزة والذى الاتحاد بصدد الانتهاء من تشكيلها، أن يجتمعوا بالقاهرة لبحث سبل التعاون لتنفيذ خارطة طريق القاهرة وبحث الانتهاء من القوة الجاهزة، وبالفعل على مدار ثلاثة أيام فى نهاية الأسبوع الماضى استضافت مصر اجتماع خبراء الدفاع والأمن والسلام الأفريقى بالاتحاد وعلى الرغم من أنه الاجتماع الـ12 فى تاريخ تلك اللجنة التى بدأت أعمالها فى عام 2005 إلا أنه أول مرة يعقد فى مصر التى أعدت له (خارطة طريق القاهرة) وأيضا اقتراحات بخصوص القوة الأفريقية الجاهزة للانتشار السريع، وقد عقدت الاجتماعات من الثلاثاء وانتهت الخميس الماضى، بدأت باجتماع اللجنة التحضيرية للجنة والتى رأس وفد مصر فيها مساعد وزير الدفاع للعلاقات الخارجية وتم رفع نتائج هذا الاجتماع إلى رؤساء أركان الجيوش فى الدول الأفريقية الذين عقدوا اجتماعا فى اليوم التالى وحضره من مصر الفريق محمد فريد وكان الغرض هو الخروج برؤية موحدة لمجابهة العدائيات والتهديدات التى تواجه القارة، ليأتى الاجتماع الثالث والأخير للجنة بحضور وزراء الدفاع المكونين لرئاسة أركان لجنه الدفاع والأمن والسلام فى الاتحاد وحضره وزير الدفاع المصرى الفريق أول محمد زكى وخلصت اللجنة إلى توصيات مفادها التزام الدول الأعضاء فى الاتحاد بإسكات البنادق فى أفريقيا من أجل وضع خال من النزاعات، ووضع سياسة للقوة الأفريقية الجاهزة للانتشار السريع، وإدارة تسوية النزاعات والأزمات، واستراتيجية لإدارة الحدود، والقضاء على الانتشارغير المشروع للأسلحة الصغيرة والخفيفة، وتطوير أداء عمليات حفظ السلام لتصير أفريقيا سلمية ومستقرة. وفى النهاية أكد وزير الدفاع المصرى محمد زكى على أهمية المزيد من التعاون العسكرى والأمن مع دول القارة وحل النزاعات ومواجهة العنف والإرهاب والجريمة المنظمة والجرائم العابرة للحدود وإعداد مشروع لتنظيم ومعالجة البيانات لنظام الاتصال الشرطى الأفريقى، وهذا بالطبع سوف يقضى على الإٍرهاب العابر للحدود، وإسكات البنادق بشكل فعلى مع قدوم 2020، ووضع عقيدة للاتحاد الأفريقى للتعامل مع عمليات حفظ السلام، كما قام وزير الدفاع الفريق أول محمد زكى بمقابلة خمسة من وزراء دفاع الدول الأفريقية على هامش اجتماع لجنة الدفاع والأمن والسلام، هم: (الصومال، تشاد، جنوب أفريقيا، كينيا، الكاميرون)، وبذلك أرادت لجنة رئاسة أركان الدفاع والأمن الأفريقى القول بأن القارة قادرة على معالجة ما يواجهها من تحديات حتى تصل إلى تحقيق الاستقرار والسلام لشعوبها ودعم التنمية المستدامة.