الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شربة الحاج محمود يا أستاذ مكرم!!

كتبت تحقيقا ذات يوم فى الصحافة العربية ببريطانيا.. أفضح عصابة من الدجالين الشوام.. تخصصت فى بيع الدواء المغشوش.. تدعى أنه يشفى الأمراض المستعصية.. بفضل طبيب جنى عاش فى زمن سيدنا يوسف  عليه السلام.. والعصابة تتصل به توصف حالة المريض وهو يشخص العلاج.. وقد بهرت العصابة المجتمع العربى بإعلاناتها الكثيرة تؤكد أن نسبة الشفاء عن طريقها تتجاوز جميع المعدلات الطبية..!!



الغريب والمثير يا أخى.. أن بعضًا من القراء اتصل بى يسأل عن كيفية التواصل مع عصابة الجن بغرض استشارتهم لعلاج مريض لهم لا أمل فى شفائه بوسائل الطب المعروفة.. وزارنى فى الجورنال أستاذ جامعى خليجى مؤكدا لى أنه يدرك الملعوب وأن العصابة نصابة.. لكن قريبه المريض بمرض عضال يتعلق بالقشة.. لعل وعسى..! لحسن الحظ أن البوليس البريطانى قبض على العصابة وفضحها بجلاجل وأودعها سجن كبار المجرمين الخطرين على الجناة.. لأنه لا يجوز هناك الإعلان عن الدواء.. وممنوع ومستحيل إعلانات الدكاترة.. الذين يكتفون بوجود أسمائهم فى الصفحات الصفراء المميزة بدليل التليفون.. وهناك لا يجوز حتى كتابة اسم الطبيب على اللوحات تشير إلى عياداتهم.. على اعتبار أن الطب ليس سلعة لكى تعلن عنها.. وقد تحرك البوليس لحماية المجتمع من عصابة تروج للجهل والخرافة وتدعى قدرتها على الشفاء.. ثم إنها تمارس الإعلان الممنوع بحكم القانون..! عندنا الحال يختلف.. وإعلانات الدواء والدكاترة تنافس إعلانات الشامبو والسمن والشيبسى.. والخيبة أنها تقدم لنا من يدعون أنهم دكاترة لا يتورعون عن الإعلان عن أدوية بير السلم.. ومن الواضح أنهم يكسبون كثيرًا.. لأن المظهر والهيئة العامة للدكتور المزعوم تطورت كثيرًا مع توالى الإعلانات.. فظهرت الشياكة والبدلة المستوردة وظهرت دلائل النعمة تنبئ أن صاحبها سمسار كبير فى حملة الإعلانات. المثير أنه بالإضافة إلى إعلاناتهم عن دواء يشفى جميع الأمراض.. فإن الحملة تنصح بعدم الذهاب للطبيب لأنه مضيعة للوقت والجهد.. ناهيك عن تلك الإعلانات المريبة عن الكريمات والدهانات الجنسية.. تعطيك القوة والطاقة  وتساعد على التكبير.. وهى إعلانات واضحة لا تستحى.. تشاهدها الأسرة المجتمعة حول التليفزيون بعيالها وبناتها.. وأنت معرض للأسئلة والحرج البالغ.. وهناك من يصدق التليفزيون فى كل ما يعرضه ويقوله.. حتى ولو كانت الإعلانات..! فى تقديرى المتواضع.. أن ما ساعد على رواج هذه الإعلانات هو غياب الحساب والرقابة.. بل هناك من صعد السلم الاجتماعى بفضل هذه الإعلانات وهناك من تسلل للبرلمان ورصيده هو تلك النوعية من الإعلانات والخيبة أنه تطور مع الموضة.. فتوقف عن إعلانات الأدوية المضروبة.. ويمارس الآن شغل السياسة والدعاية السياسية.. وكله مكسب كما يقولون.! حاجة غريبة يا أخى.. والهيئة القومية للإعلام أعلنت بوضوح وقف هذه الإعلانات المريبة ولم تكتف.. وإنما فضحت الفنانين والفنانات المشاركين.. ومع هذا لم تتوقف الحملات الإعلانية المركزة تحاصرك بإلحاح مريب على جميع القنوات.. بما يؤكد أن جهاز حماية المجتمع من الإعلانات غير قادر على ممارسة مهام وظيفته. مع أن الأصل فى إنشائه وتأسيسه هو فرض الرقابة المضاعفة على ما يشاهده الجمهور على شاشة التليفزيون..! ووالله العظيم أن هناك صواميل كثيرة فى جسد المجتمع تحتاج للضبط والتربيط.. ويعنى إيه أن الدولة تمارس التشدد فى برامج السياسة والتوك شو.. فى حين تفشل فى ممارسة الرقابة على إعلانات مسيئة ومضللة.. تقود المجتمع للخرافة والجهل.. غدا لن نستغرب عندما نشاهد الإعلان المستفز يحدثك عن الشفاء التام من أمرض خطيرة.. بفضل شربة عم  محمود التى تشفى من الدود.. ومن أمراض مستعصية فوق البيعة..!!