السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ومتى نحتفل بطه حسين؟!

ومتى نحتفل بطه حسين؟!
ومتى نحتفل بطه حسين؟!


أخشى أن أطالب بتكريم المبدعين عندنا.. من عينة طه حسين ويحيى حقى ونجيب محفوظ.. بوضع صدورهم على العملات التذكارية وطوابع البريد.. فيقوم السادة بوضع صور المبدعين الوزراء ولنا فى ذلك سوابق فى الطبل والزمر وتكريم الحكام!!
وفى بلاد الخواجات الأدباء والمبدعون حاجة تانية.. وصورة الأديب الإنجليزى الأشهر تشارلز ديكنز تزين العملة الإنجليزية جنبًا إلى جنب صورة الملكة إليزابيث.. تعبيرًا عن تقدير الدولة والمجتمع والملكة شخصيًا للأديب الذى أثرى الوجدان وعبر عن هموم ومتاعب المواطن الإنجليزى الغلبان والمطحون!


عندنا لا نكرم المبدعين بما يليق.. وهذا الأسبوع تحديدًا تحل ذكرى رحيل طه حسين.. الذى اختار يوم 28 أكتوبر 1973 للرحيل عن الدنيا الفانية.. توقيت غريب كانت مصر مشغولة فيه بحرب التحرير.. فلم نلتفت جديًا لرحيل عميد الأدب العربى.. ومرت السنوات السنة تلو الأخرى، ولم تحتفل مصر أبدًا بالأديب الكبير الذى تحل بعد أيام ذكرى ميلاده فى 15 نوفمبر 1889.. مع أن طه حسين بالذات رائد من رواد التنوير الذين تصدوا للجهل والإرهاب الفكرى والديني!!
فى سويسرا يضعون صورة المثال والنحات والمصور ألبرتوجاكومينى على المائة فرنك.. على اعتبار أنه الفنان السويسرى الأشهر فى العالم.
وفى فرنسا فإن الفنانة الشهيرة والمعتزلة بريجيت باردو وهى ماريان فرنسا.. أو رمز فرنسا.. وهى المرأة المعبرة عن المجتمع الفرنسي.. وتطبع صورتها على الميداليات وطوابع البريد.. رغم اعتزالها للحياة العامة منذ عشرات السنين!
أقصد أن دول العالم تكرم الأدباء والمبدعين والفنانين بما يليق.. يفخرون بإنجازاتهم وينسبون حضارتهم إلى إبداع المبدعين الذين يحتفظون بذكراهم إلى الأبد.. وهناك ينظمون الزيارات والرحلات لبيوت كبار الأدباء والفنانين.. وهى البيوت التى تحولت إلى متاحف.. تمامًا كما نقوم نحن بزيارة الأهرامات والمعابد فى بلادنا.. ورحلات الخواجات لبيوت الفنانين ليست للفرجة فقط.. وإنما هى رحلات للتعلم والتسوق.. بشراء التذكارات والهدايا والأعلام والصور والملصقات والشرائط والكتب والتماثيل.. وتحقق الزيارات دخلاً لا بأس به لحركة السياحة فى البلد الذى يحتفى برموزه!
وفى فرنسا.. تحول فيكتور هوجو المؤلف الفرنسى العظيم إلى رمز وتحولت شخصيات مؤلفاته إلى عرائس تباع بالشيء الفلاني.. بل إن روايته أحدب نوتردام خلدت تمامًا كنيسة نوتردام فى قلب باريس.. وهناك ينظمون الرحلات السياحية.. وتقوم أفواج الزائرين بزيارة الكنيسة التاريخية وتتجول هناك وفى خيالك أحداث الرواية فلا تستطيع أبدًا التفرقة بين الواقع والخيال وأنت فى قلب الكنيسة الشهيرة!!
وفى بريطانيا.. يقتطع السائح من وقته يومًا كاملاً للذهاب إلى مقاطعة يوركشاير للذهاب إلى مدينة ستراتفورد مسقط رأس أمير الدراما وليم شكسبير.. يذهب السائحون إلى هناك للتمتع والفرجة والمطالعة والتثقف وشراء الهداية التذكارية والتعرف على وليم شكسبير.. وزيارة منزله الذى ولد فيه عام 1564 وتحول إلى متحف يضم متعلقاته وأدواته الشخصية.. ثم فى نهاية المطاف أنت مدعو لحضور عرض مسرحى لأحد أعمال شكسبير تقدمه فرقة صغيرة بالبلدة!
فى إسبانيا وفى قرية نيوتو فاكيردس الأندلسية فى جنوب مدينة غرناطة.. يحتفلون على مدار العام بالشاعر المسرحى الإسبانى الذى ولد بالقرية فى نفس العام الذى ولدت فيه أم كلثوم.. ومع أنه لم يمكث هناك سوى سنوات قليلة.. إلا أن البيت الذى ولد فيه تحول إلى متحف يضم أوراقه وملابسه وديكورات مسرحياته وهى الديكورات التى أبدعها الفنان العالمى سلفادرو دالي.. الذى تخصص فى تصميم ديكورات مسرحياته.
لا أعرف والحال كذلك.. لماذا لا نحتفى بفنانينا وكتابنا الكبار.. والقائمة طويلة ومكتظة باللامعين.. وكيف تمر ذكرى وفاة أو ميلاد طه حسين ولا نحتفل بالمناسبة.. وكأن المبدع عندنا يموت يوم يفارق الحياة.. بينما لا يموت أبدًا فى بلاد الخواجات.
طيب بذمتك «كم شارعًا بالجمالية يحمل اسم نجيب محفوظ».. وكم متحفًا يضم شخصيات محفوظ الروائية.. وكما شارعًا فى المنيا يحمل اسم طه حسين.. وجامعة المنيا كانت ستشرق وتتألق لو كان اسمها جامعة طه حسين.. الذى مات منذ 46 عامًا فى 28 أكتوبر 1973.. ولم نحتفل به أبدًا!!