السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل كان «بروميس» أحد أسباب موت «جيفرى إبستاين»؟!

هل كان «بروميس» أحد أسباب موت «جيفرى إبستاين»؟!
هل كان «بروميس» أحد أسباب موت «جيفرى إبستاين»؟!


منذ وفاة «جيفرى إبستاين»، الذى اتهم بالاتجار الجنسى والتحرش بالقاصرات، فى سجن «مانهاتن» فى 10 أغسطس الماضى، انتشرت تقارير كثيرة حول نشاطاته الفاسدة، وأساليبه القذرة التى استخدمها فى الاعتداء الجنسى على القاصرات، وابتزاز الأغنياء، وذوى النفوذ حول العالم. وقد استمرت التقارير فى الظهور، حتى بدأ يدور الحديث عن صلاته بأجهزة المخابرات الغربية، وروابطه المالية بالعديد من الشركات والمؤسسات «الخيرية»، التى تعمل كواجهة لأعمال استخباراتية خلفها. ناهيك عن قوائم أسماء صداقاته مع كبار السياسيين حول العالم التى تزداد يومًا تلو الآخر.


جانب آخر - لم يتوقعه أحد - فى قضيته، ظهر خلال الأيام القليلة الماضية، وهى الكشف عن علاقته بالموساد الإسرائيلى، إذ كان آخر ما تم رفع الستار عنه، هو أن عمليات الإتجار بالجنس، والابتزاز التى نفذها «إبستاين» ضد عدد من القادة، كانت لصالح المخابرات الإسرائيلية، التى ربطته بها علاقات طويلة، قبل ظهور برنامج «بروميس»، الذى كان بمثابة نقطة انطلاق لعهد جديد من عمليات الإذلال التى نفذها «إبستاين».
 تجنيد «إبستاين» لصالح الموساد قبل البرنامج
مقابلة أجراها مؤخرًا «زيف شاليف» المنتج التنفيذى السابق لشبكة (سى. بى. إس نيوز)، مع الاستشارى الإسرائيلى، «آرى بن مناشى» الذى شغل منصب كبير المديرين التنفيذيين لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية منذ عام 1977 إلى 1987، كشفت كثيرًا من الأسرار فى قضية «جيفرى إبستاين»، الذى أشار إلى أنه لم ينتحر مثلما يزعم الإعلام الغربى، قائلاً: «لقد أمضيت أحد عشر شهرًا وثلاثة أسابيع فى نفس مكان «إبستاين»، ومن المستحيل الانتحار داخل الزنزانة.. لدى نظريات حول من أراد قتله. ربما كان هناك عدد كبير من الناس فى «الولايات المتحدة» أرادوا قتله، لكننى أعتقد أنهم الإسرائيليون بشكل أساسى».
وزعم «بن مناشى»، أن عمليات الابتزاز الجنسى التى نفذها «إبستاين»، كانت عمليات استخبارات إسرائيلية، تهدف إلى المساومة على معلومات حساسة، والإذلال، والتحكم فى قرارات، وأيضًا حبس سياسيين وذوى نفوذ داخل «الولايات المتحدة»، وخارجها.
ثم أوضح أنه التقى بـ«إبستاين» وزوجته «جيسلين ماكسويل»، فى منتصف الثمانينيات، عندما كانا يتعاونان -بالفعل- مع المخابرات الإسرائيلية. وجدير بالذكر، أن «جيسيلين» هى ابنة «روبرت ماكسويل» البارون الإعلامى البريطانى، الذى جنده الإسرائيلى «رافى إيتان» ليصبح جاسوسًا يعمل لصالح الموساد (مثلما ذكرنا سابقًا)، والذى كان أيضًا - بالتعاون مع «بن مناشى»- ضمن المتورطين فى صفقات الأسلحة الإيرانية (إيران – كونترا)، حيث تولى نقل وبيع المعدات والأسلحة العسكرية من إسرائيل إلى «إيران» نيابة عن المخابرات الإسرائيلية. وقال «بن مناشى» إنه قد تعرف على «إبستاين» من خلال «روبرت ماكسويل»، الذى أراد إدخال «إبستاين» فى مجموعتهم الإسرائيلية.
وأكد «بن مناشى» أنه لم يعجب بـ«إبستاين»، واعتبره غير مؤهل على الإطلاق، ولكن وقوع «جيسلين» فى حبه، هو ما قاد «روبرت ماكسويل» إلى العمل على إدخال «إبستاين» فى «الأعمال العائلية» (Family Business). وبالفعل، شارك «إبستاين» مع العديد من تجار الأسلحة خلال هذه الفترة الزمنية، وكان أيضًا متورطًا بشكل مباشر فى صفقات الأسلحة المعروفة بـ(إيران- كونترا).
وبعد ارتباط «جيسلين»، و«إبستاين» بدءًا عمليات الابتزاز الجنسى، بهدف إذلال شخصيات سياسية، وعامة أمريكية بالنيابة عن المخابرات الإسرائيلية، إذ أكد «بن مناشى»، أن: «فى هذه الحالة، تم اعتبار هذين الشخصين عملاء إسرائيليين.. لم يكونوا مؤهلين حقًا لفعل الكثير، لكنهم وجدوا مكانًا مناسبًا لأنفسهم، وهو ابتزاز الشخصيات الأمريكية، وغيرها من الشخصيات السياسية».
وعليه، استنكر المحاور «زيف شاليف»، أنه من الصعب على معظم الناس التفكير، بأن إسرائيل قد تبتز قادتهم فى «الولايات المتحدة». فرد «بن مناشى» ساخراً: «هل تمزح؟ قد يكون أمراً محرجًا، لكنه ليس جريمة. الجريمة، هى ممارسة علاقات جنسية مع فتيات قاصرات». ثم عقب «شاليف»، بأن هذا القانون لم يسن سوى فى عام 2000 (أى بعد فترة من تنفيذ «إبستاين» لعملياته الابتزازية). فرد الثانى بحنكة، أن: «هذا هو – تحديداً - السبب الأساسى فى اختيار «إبستاين» لفتيات تحت السن القانونى»!
بالإضافة إلى ذلك، عندما سأل «شاليف» «بن مناشى» عن العلاقة بين «إبستاين»، ورئيس الوزراء الإسرائيلى سابقاً «إيهود باراك»، صرح «بن مناشى»، أن: «بعد فترة، ما كان «إبستاين» يفعله، هو جمع معلومات استخبارية حول أشخاص داخل «الولايات المتحدة».. «باراك» كان يحصل على معلومات من «إبستاين» على أشخاص ذوى نفوذ داخل «الولايات المتحدة».
 «بروميس» وعمليات التجسس، وتطويره
كان لبرنامج «بروميس» أهمية شديدة، ودور كبير فى عملية التجسس على القادة، وذوى النفوذ، وإذلالهم. إذ قال مسئول مخابرات أمريكى سابق، اشترط عدم الكشف عن هويته، نظرًا لحساسية الادعاء، والذى يعرف بصورة مباشرة الاستخدام غير المصرح به لبرنامج «بروميس»، أن: «بعض عائدات المبيعات غير المشروعة لبرنامج «بروميس»، تمت إتاحتها لـ«جيفرى إبستاين» لاستخدامها بهدف الابتزاز السياسى». ونظراً لأن والد حبيبته - فى تلك الفترة - «روبرت ماكوسيل» كان أحد مندوبى المبيعات الرئيسيين المشاركين فى بيع البرنامج، من خلال شركة إسرائيلية حصل عليها تدعى «ديجم»، فقد دعم بسهولة عمليات «إبستاين» للابتزاز الجنسى الناشئة، بعائدات بيع البرنامج. وهو ما يوضح الارتباط الوثيق بين برنامج «بروميس»، وعمليات «إبستاين» مع الموساد، ومع ذلك، فحتى الآن، لم يتم الإفراج عن بقية الاعترافات، فيما يخص كيفية استخدام البرنامج لأغراض التجسس فى تلك الفترة، ولكن المعروف هو الفترة التى تلت تلك الحقبة، وهى فترة تطوير البرنامج واستخدامه بشكل غير مباشر أو غير رسمى.
فقد أكد «زيف شاليف» بعد عدة تحريات، أن «إبستاين» كان مرتبطًا بصورة مباشرة ومستقلة بالموساد، وليس عن طريق «روبرت ماكسويل» فقط، ولكن تنفيذ عملياته كان من خلال شبكة واسعة متشابكة ومعقدة من العلاقات، وذلك من أجل التشتيت.
بصورة مختصرة ومبسطة، كان «إبستاين» صديقًا مقرباً لرئيس الوزراء الإسرائيلى السابق «إيهود باراك»، الذى يتمتع بعلاقات طويلة الأمد وعميقة مع مجتمع الاستخبارات الإسرائيلى. وتعرف الثانى على الأول من خلال رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق «شمعون بيريز». وبعد بضع سنوات من إطلاق سراح «إبستاين» من السجن أول مرة، عقب إدانته بتهمة «ممارسة الجنس مع قاصر» فى عام 2008، شكل «باراك» شراكة مع «إبستاين» بهدف الاستثمار فى شركة إسرائيلية، كانت تعرف باسم «ريبورتاى»، التى صارت الآن تدعى «كاربين»، وهى شركة تبيع «برنامج التوقيع الرقمى» لخدمات الطوارئ، بمعنى أنه يوفر لخدمات الطوارئ إمكانية الوصول إلى هوية أى متصل من خلال أى قاعدة بيانات حكومية مرتبطة بالمتصل، وتطور الأمر حتى صار من السهل الوصول إلى كاميرا المتصل، ومعرفة موقعه أيضًا. جدير بالذكر، أن وسائل الإعلام الإسرائيلية المتنوعة، ذكرت أن «إبستاين»، و«باراك» كانا من بين أكبر المستثمرين فى تلك الشركة، إذ دفع «باراك» فيها الملايين، حتى صار الآن رئيس مجلس إدارتها. ويعمل تحت يده فريق، جميعهم أعضاء سابقون فى فروع مختلفة من المخابرات الإسرائيلية، وعلى رأسها وحدة الاستخبارات العسكرية (8200) إلى جانب وزير الأمن الداخلى الأمريكى فى إدارة «بوش» الابن «مايكل تشيرتوف»، كما تضم الشركة العديد من الأشخاص الذين تربطهم علاقات مع إدارة الرئيس الأمريكى الحالى «دونالد ترامب».
الأهم فى شبكة العلاقات تلك، هو أن البرنامج المستخدم فى شركة «كاربين»، هو فى الأساس برنامج معدل من «بروميس»، الذى باعه «روبرت ماكسويل»، وقام بتسويقه على أنه أداة لتحسين فعالية الحكومة الأمريكية، ولكنه كان فى الواقع أداة للمراقبة الجماعية لصالح المخابرات الإسرائيلية!
 بعيد عن البرنامج.. قريب من المخابرات
دليل آخر على أن «إبستاين» كان له علاقة بالمخابرات الإسرائيلية، وله علاقات وثيقة مع السياسيين الإسرائيليين المؤثرين فى مجريات الأحداث، هو علاقته بالفصيل المؤيد لإسرائيل (The Mega Group)، أو (المجموعة الضخمة)، الذى قالت عنهم مراسلة «وول ستريت جورنال»، «ليزا ميلر»، بعد اجتماع شارك فيه نحو 20 مليارديرًا يهوديًا فى أبريل عام 1998، أنهم: «جبابرة الصناعة، الذى وحدوا جهودهم للعمل، من أجل الأعمال الخيرية اليهودية»، وقد شارك فى هذا التجمع بعض من أقوى الأسماء فى اللوبى الصهيونى فى «الولايات المتحدة». فى الحقيقة تستخدم هذه الجماعة ستار «الأعمال الخيرية» كغطاء لتحركاتهم الاستخباراتية، والدبلوماسية المؤثرة فى السياسة العالمية بشكل عام، والأمريكية بشكل خاص.
فى النهاية، فعلى الرغم من صلات «إبستاين» بالموساد، فإن عمله لم يكن حصريًا لهم، وهو ما كشفته التقارير الإعلامية الغربية من شبكات واسعة من الشخصيات ذوى النفوذ المختلفين المتورطين فى عمليات الجريمة المنظمة، ذات الأعمال السرية داخل الدولة العميقة، والعلاقات الاستخباراتية فى كلا البلدين. 