الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القواعد السرية للمخابرات المركزية!

القواعد السرية للمخابرات المركزية!
القواعد السرية للمخابرات المركزية!


لم تكتف الولايات المتحدة بالقواعد العسكرية المعلنة والمنتشرة فى جميع أنحاء العالم فانشأت قواعد أخرى سرية فى عدد من الدول الأوروبية والتى تشن «واشنطن» من خلالها هجمات سرية ضد مواقع معادية لها أو تقوم بالتخطيط لعمليات استخباراتية وتنفيذها من هذه القواعد السرية. لكن الإعلام كشف عن بعض تلك القواعد ورصدها وسوف نحاول هنا عرض عدد منها.

بريطانيا

أصبحت ًبريطانيا منذ خمسينيات القرن الماضى ملاذًا آمنًا للقواعد والمنشآت العسكرية الأمريكية؛ فإلى جانب مخازن الصواريخ الكروز والقواعد النووية فهناك شبكة من المنشآت الاستخباراتية ومراكز القيادة ومحطات الاتصالات، فضلًا عن المستشفيات التخصصية للاستخدام وقت الحرب فقط. ونظرًا للتعاون الاستخباراتى القديم بين البلدين فقد كان لـ«بريطانيا» نصيب الأسد فى عدد القواعد الاستخباراتية الأمريكية على أرضها.

قاعدة «راف بروتون»

تعد تلك القاعدة واحدة من أهم القواعد الأمريكية فى بريطانيا والتى تستخدم فى جمع المعلومات الاستخباراتية حيث تقوم «واشنطن» بـ 30 % من عمليات الاتصالات فى أوروبا من خلالها.وتقع فى «نورثامبتونشاير» بوسط بريطانيا. أنشئت القاعدة فى الأساس أثناء الحرب العالمية الأولى وكانت تستقبل الطائرات المحطمة أو المعطلة وتقوم بإصلاحها لكن تم إيقاف العمل بها فى أعقاب الحرب العالمية الثانية وتحولت إلى مخزن ما بين عامى 1947 و1950 ثم سلمتها بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950.

 أصبحت «راف بروتون» قاعدة اتصالات ذات أهمية بالغة بالنسبة لـ«واشنطن» التى استخدمتها بشكل غير مباشر فى جميع صراعاتها وحروبها من حرب الخليج إلى «العراق» و«أفغانستان». كما تتولى القاعدة القيام بثلث الاتصالات العسكرية الأمريكية داخل أوروبا بل إن لديها محطة أقمار صناعية تابعة لها فى شارع بارفورد القريب من القاعدة.

فى عام 2013، نشرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية تقريرًا كشف عن عمليات تسجيل للاتصالات من كل أنحاء أوروبا تتم داخل قاعدة «راف بروتون» ثم ترسل المعلومات إلى الإدارة الأمريكية.

ومن ناحية أخرى كشف عميل «وكالة الأمن القومى» NSA السابق «إدوارد سنودن» أن تلك القاعدة تقوم بدور محورى داعم لعمليات التجسس على السفارات إلى جانب استخدامها فى رصد أماكن الإرهابيين فى «جيبوتى» قبل ضرب مواقعهم بطائرات أمريكية من دون طيار.
وعلى الرغم من نفى «لندن» أنه يتم استخدام القاعدة الأمريكية الموجودة على أرضها فى انطلاق طائرات من دون طيار لتنفيذ عمليات عسكرية أمريكية فإن هذا لا ينفى أن القاعدة تستخدم فى تحديد أماكن القصف بشكل دقيق وإرسالها إلى «الولايات المتحدة» لتتم العمليات بناء على ما رصده العاملون بالقاعدة باستخدام أحدث الأجهزة.

قاعدة «بيود موروينستو»

أطلق عليها اسم «GCHQ Bude» وهى قاعدة اتصالات أمريكية - بريطانية مشتركة حيث تدفع الولايات المتحدة الأمريكية تكلفة البنية التحتية والتكنولوجيا المستخدمة بينما تختص «بريطانيا» بدفع المصاريف اليومية ومنها رواتب العاملين بالإضافة إلى كون القاعدة على أرضها فى الأساس.
GCHQ هو جهاز الاستخبارات البريطانى وبالتالى فإن المعلومات التى يتم جمعها داخل هذه القاعدة الاستخباراتية يتشاركها جهازا الاستخبارات البريطانى والأمريكى ممثلًا فى «وكالة الأمن القومى» NSA. ففى عام 2010 أنفقت الـ«NSA» خمسة عشر مليون جنيه إسترلينى لإعادة تطوير القاعدة التى تضم 21 قمرًا صناعيًا بمختلف الأحجام. أما العاملون بالقاعدة فينتمون إلى الاستخبارات البريطانية GCHQ ووكالة الأمن القومى الأمريكية NSA.

فى عام 2013، نشرت صحيفة «جارديان» البريطانية وثيقة سربها «سنودن» أيضًا تكشف عن وجود عملية باسم «تمبورا» تقوم خلالها الـGCHQ البريطانية بالتنصت على البيانات التى تتدفق عبر الكابلات الممتدة تحت البحر وتخزنها لمدة تصل إلى 30 يومًا بهدف تقييمها وتحليلها، وكشفت الوثيقة أن العملية «تمبورا» تتم داخل قاعدة «بيود».

قاعدة «راف ديجبى»

على الرغم من أن التواجد الأمريكى فى هذه القاعدة قد يبدو هادئًا، فإن تأثيره عميق حيث يعمل الجنود والبحارون والملاحون الجويون الأمريكيون جنبًا إلى جنب مع نظرائهم البريطانيين للوصول إلى معلومات استخباراتية فى غاية الأهمية فيما يخص عددًا متنوعًا من الأهداف، لكن «بريطانيا» هى من تتولى إدارة المكان، وهى المسئولة عن تكليف العاملين بمهامهم المختلفة..  وعملت استخبارات الإشارات فى هذه القاعدة على دعم القوات البريطانية المتواجدة فى العراق وأفغانستان.

قاعدة «راف فيلينجدالز»


تضم تلك القاعدة نظام الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية BMEWS ومرفق رادار للدفاع الصاروخى والمسئولة عن قيادة القوات العسكرية الأمريكية والتحكم بها والاتصال بها فضلًا عن التحكم فى الصواريخ الدفاعية الأمريكية أو ما يعرف بـ «مشروع حروب النجوم». وتعتبر «فيلينجدالز» جزءًا لا يتجزأ من برنامج الدفاع الصاروخى الأمريكى وقامت «واشنطن» بتطوير القاعدة عام 2010 للوصول إلى أكبر قدر من الدقة فى رصد وتحديد الأهداف.

تؤدى القاعدة ثلاثة أدوار مهمة، ويعد أولها هو اكتشاف أى صاروخ باليستى عابر للقارات أو ما يعرف بـ ICBM فى حالة استهدافه لـ«الولايات المتحدة الأمريكية» أو «بريطانيا».أما الهدف الثانى فهو اكتشاف وتعقب أى جسم من صنع البشر فى الكرة الأرضية وهو دور تتعاون فيه القاعدة مع «الشبكة الأمريكية لمراقبة الفضاء» SNN. وأخيرًا تقدم القاعدة خدمة الإنذار الفضائى لـ«بريطانيا» وهو ما يعتبر الهدف الثالث لها.

قاعدة «منويث هيل»

إحدى أكبر، وأخطر قواعد التجسس الأمريكية. قاعدة «Menwith Hill» التابعة لـ«وكالة الأمن القومى» (NSA).. وهى مثل «باين جاب»، عبارة عن قباب بيضاء (نحو 30 قبة)، شبيهة بكرات الجولف الكبيرة على الأرض، محميّة خلف سياج يبلغ طوله نحو 10 أقدام، يحيطها من كل جانب، ملغمة بالكاميرات، ويعلوه سلك شائك، كما تقوم دوريات عسكرية بريطانية مسلحة بمراقبة المكان على مدار 24 ساعة يوميًا.

ويعمل بالقاعدة التجسسية نحو 2200 موظف غالبيتهم من الأمريكيين، وما يقارب 600 من البريطانيين ويمكنها استهداف اتصالات بعيدة حتى «الصين، وأمريكا اللاتينية»، كما توفر تغطية مستمرة لغالبية اليابسة الأوروبية - الآسيوية، لكن ربما أهم دور قامت به فى السنوات الأخيرة، -وربما يكون مستمرًا- هو تجسسها على منطقة «الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا».

الوثائق السرية التى تم تسريبها بأعجوبة، ربما تعطى لمحة صغيرة، عما يدور وراء السياج، حيث كشفت -لأول مرة- كيف استخدمت «وكالة الأمن القومى» الأمريكى تلك القاعدة البريطانية للمساعدة فى تنفيذ عدد كبير من عمليات القتل، والاستيلاء فى جميع أنحاء منطقة «الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا»، مدعومة بتكنولوجيا التنصت القوية، التى يمكنها جمع بيانات لأكثر من 300 مليون رسالة بريد إلكترونى، ومكالمات هاتفية فى اليوم الواحد.

أستراليا
قاعدة «باين جاب»

تأسست القاعدة الأسترالية - الأمريكية منذ واحد وخمسين عاماً، أى عام 1966 فى إطار اتفاق مشترك بين البلدين. وبدأت القاعدة عملياتها التجسسية فعلياً عام 1970 بعدما انتقلت 400 عائلة أمريكية للعيش فى أستراليا بالقرب من مكان عملهم الجديد داخل القاعدة. ومنذ ذلك الوقت تتلقى القاعدة الكثير من الانتقادات والاتهامات بالمشاركة فيما يراه المنتقدون جرائم قتل ترتكبها الولايات المتحدة بحق الشعوب، وذلك لأن الولايات المتحدة تعتمد على التقنيات العالية المتوافرة فى هذه القاعدة فى تحديد أهدافها قبل أى ضربة عسكرية.
وكانت برقية أفرجت عنها الخارجية الأمريكية العام الماضى قد كشفت عن وجود غرفة داخل قاعدة «باين جاب» السرية فى أستراليا غير مسموح بدخولها إلا لمسئولى الاستخبارات الأمريكية.. أى أن كبار مسئولي الاستخبارات الأسترالية لا يسمح لهم بدخول هذه الغرفة الموجودة داخل القاعدة المقامة على أرضهم.

البرقية أشارت إلى أن الأسترالى الوحيد الذى دخل هذه الغرفة لمرة واحدة هو السياسى «بيل هايدن» عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء الأسترالى. وهو ما يتناقض تمامًا مع تصريحات مسئولي أستراليا الذين طالما أكدوا أنهم على دراية تامة بكل الأنشطة الاستخباراتية التى تتم داخل القاعدة. وجدير بالذكر أن البروفيسور «دس بال» خبير الدفاع بالجامعة الوطنية الأسترالية قد أعلن هذا الأمر عام 1985 مؤكدًا أن هايدن أخبره بذلك بعد زيارة الموقع. واليوم تثبت الوثائق صحة ما أعلنه «بيل» منذ عقود طويلة.. وتتحكم القاعدة فى الأقمار الصناعية من خلال 14 طبقًا هوائيًا تحميها قباب على هيئة كرات جولف. وتقع أقمار التجسس الخاصة بالقاعدة على بعد 20 ألف ميل فوق مستوى الأرض. وتقع القاعدة فى مكان منعزل تمامًا لضمان حمايتها من سفن التجسس التى تمر بالمياه الدولية. يعمل بالقاعدة السرية الأشهر فى أستراليا أكثر من 1000 شخص بينهم نحو 500 من المواطنين الأستراليين.

ألمانيا
قاعدة «رامشتاين»

تعتبر أكبر موقع عسكرى أمريكى خارج «الولايات المتحدة الأمريكية» حيث تقع بالقرب من كايزر سلاوترن بولاية «رينانيا بلاتينا» وهى الولاية التى يعيش بها 54 ألف أمريكى ما بين عسكريين ومتقاعدين وأقاربهم. ومع ذلك يبقى هذا الموقع هو الأكثر غموضًا بين القواعد الأمريكية فى الخارج. وحاليًا تنظر إحدى المحاكم الألمانية دعوى قضائية ضد الحكومة الألمانية بسبب هجمات بطائرات من دون طيار شنتها الولايات المتحدة من تلك القاعدة وأودت بحياة مدنيين فى الصومال واليمن فقام يمنيون وصوماليون برفع الدعوى للمطالبة بتعويض مناسب عن قتل عائلاتهم بلا ذنب. حاولت الحكومة الألمانية الادعاء بأنها لا تعلم شيئًا عن العمليات التى تقوم بها «واشنطن» من القاعدة الموجودة على الأراضى الألمانية!! وهو أمر يصعب تصديقه وسنرى قريبًا ما ستسفر عنه القضية؟.