الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ماراثون «اختراق حاجز الصوت بين الكبار!

ماراثون «اختراق حاجز الصوت بين الكبار!
ماراثون «اختراق حاجز الصوت بين الكبار!


بعد سنوات من تركيز «واشنطن» على منطقة «الشرق الأوسط»، بدأ المسئولون الأمريكيون، والقادة العسكريون يدقون ناقوس الخطر من أن «روسيا»، و«الصين» تختبران، وتطوران، بل تنشران أسلحة تفوق سرعة الصوت، مما يشكل خطرًا واضحًا على القوات العسكرية الأمريكية فى جميع أنحاء العالم، وعلى «الولايات المتحدة» نفسها.
فقد تفوقت أبحاث واختبارات أسلحة اختراق حاجز  الصوت، والمعروفة باسم «هايبرسونيك» فى كل من «روسيا»، و«الصين» بشكل أكبر من «الولايات المتحدة»، وتحديدًا «الصين»، التى خصها وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للبحوث والهندسة «مايك جريفين»، بتصريح قال فيه: ««بكين» أجرت اختبارات أكثر فى العام الماضى، مقارنة بما أجرته «واشنطن» خلال العقد الماضى». ثم أكد أن الصينيين قد حققوا بالفعل قدرة تشغيل أولية بأسلحة فائقة لسرعة الصوت.
ولمعرفة القدرات الصينية، والروسية، فيما يخص أسلحة الـ«هايبرسونيك»، نشر «مجلس السياسة الخارجية الأمريكية» نبذة صغيرة عنها، إذ أوضح أن أحدث نظام اختبره الصينيون هو (Starry Sky-2)، وهى مركبة جوية أسرع من الصوت، يتم تدعيمها بواسطة صاروخ باليستى، ومن ثم ينزلق عند حافة الغلاف الجوى بسرعة فائقة إلى هدفه. ووفقًا للحكومة الصينية، فقد حققت المركبة سرعة تتراوح بين (5.5 ماخ)، و(6 ماخ) على ارتفاع مائة ألف قدم.
وللتوضيح فإن (الماخ) هو عدد دون (أقل من) وحدة، وهو نسبة سرعة تحليق الطائرة. ويذكر أن نسبة تحليق الطائرة بسرعة (1 ماخ)، مساوية لسرعة الصوت، وسرعة تحليق (2 ماخ) هى ضعف سرعة الصوت، أما الـ«هايبرسونيك» فتشير عمومًا إلى السرعات التى تفوق (5 ماخ).
وبالعودة للأسلحة الصينية، فقد أضافت الدراسة، أنه يوجد أيضًا نظام (DF-ZF)، وهى مركبة جوية أسرع من الصوت أيضًا. كانت خضعت لاختبار طيران حديث واسع النطاق، وبسرعة فائقة تصل بين (5 ماخ) إلى (10 ماخ). وزُعم أنها ستعمل بكامل طاقتها خلال العام المقبل. وقد أطلق عليها اسم «القاتل الناقل»، وذلك، لأنها قد تشكل تهديدًا خطيرًا ضد الحاملات الأمريكية، ومجموعات الإضراب المرتبطة بها الموجودة فى بحر الصين الجنوبى، وكذلك فى المناطق المجاورة لدولة «تايوان».
أما «روسيا» فقد نشرت فى الوقت نفسه، ولاتزال تنشر حاليًا نظامين لأسلحة «هايبرسونيك»: أحدهما استراتيجى، والآخر أكثر تكتيكية.
الأول، هو (Avangard HGV)، الذى تم تصميمه كى يطلق أولًا بواسطة صاروخ باليستى عابر للقارات. وقد اكتمل الاختبار التشغيلى النهائى فى ديسمبر الماضى، وقيل إنه حقق سرعة تبلغ (27 ماخ) فى طريقه إلى ضربة مباشرة على هدفه. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية، يتم نشر هذا النظام حاليًا داخل الأراضى الروسية.
والثانى، هو صاروخ باليستى يتم إطلاقه من الجو، ومعروف باسم (Kinzhal)، الذى يتم حمله، وإطلاقه من قاذفة قنابل، أو طائرة مقاتلة، وتبلغ سرعته بين (10 ماخ) إلى (12 ماخ)، وهو مخصص للاستخدام ضد أهداف ذات أولوية عالية، مثل: السفن الأمريكية، أو سفن الناتو، أو أنظمة الدفاع الجوى المتحالفة فى منطقة «أوروبا» الشرقية.
وبناء على ما سبق، اتخذ «باتريك شاناهان» عندما كان نائبًا لوزير الدفاع الأمريكى، و«مايك جريفين»، خطوة غير عادية فى ديسمبر الماضى، واجتمعا مع المديرين التنفيذيين من جميع أنحاء المجال الصناعى الدفاعى الأمريكى. وأمر «شاناهان»، و«جريفين» رجال الأعمال المجتمعين بإعادة تفكيرهم، وعملياتهم، من أجل البدء بسرعة فى نشر آلاف من أسلحة «هايبرسونيك»، ونشر أنظمة دفاع ضد التهديد الروسى، والصينى.
ولكن، ظهر تحدٍ، فرضه تفوق أسلحة اختراق حاجز الصوت تلك، أمام هؤلاء المجتمعين، وهو ضرورة تعامل «الولايات المتحدة» مع «الهجوم، والدفاع» فى وقت واحد. أى سيكون الأمر بمثابة تصميم وبناء، ونشر قوات صاروخية باليستية هجومية عابرة للقارات، وفى الوقت نفسه يقومون بتطوير قدرات دفاعية ضد الصواريخ الباليستية المضادة من جانب العدو.
وعن الحالة الراهنة لتطوير أسلحة الـ«هايبرسونيك» فى «الولايات المتحدة»، فلا يحتاج المرء إلى النظر لأبعد من البحث، الذى أصدره «معهد ميتشل لدراسات الفضاء، وأسلحة «هايبرسونيك»، والأمن القومى الأمريكى»، بعنوان: «طفرة فى القرن الـ21، لمواجهة قضية لازمة، لماذا يجب على «الولايات المتحدة» أن تتابع بشدة أسلحة اختراق حاجز الصوت ؟».
استنتج القائمون على الدراسة، أن مثل هذه القدرة ستوفر لـ«واشنطن» ما وصفوه بـ «وصولًا سريعًا غير مسبوق»، و«الوصول إلى الهدف العالمى»، من خلال تقليص «نافذة اتخاذ القرار لدى العدو» بشكل فعال، وإنهاء عمل الدفاعات الجوية الأمريكية الحالية، لأنها بالية تمامًا.
ثم أوضحوا أنه يوجد خمسة برامج لأسلحة «هايبرسونيك» قد حصلت على تمويل كبير هذا العام، والعام القادم، وهى:
 مشروع سلاح الطيران المتنقل (HAWC)، التابع لوكالة الدفاع المتقدمة لمشاريع الأبحاث الدفاعية (DARPA)، وهو عبارة عن نظام صاروخى، يعمل على الطائرات النفاثة الفائقة فى سرعة الصوت، يتم تطويرها حاليًا من قبل العديد من شركات الدفاع الأمريكية، والتى ستدخل اختبار الطيران قريبًا.
• كما منحت (DARPA) عقودًا  من أجل تطوير مشروع سلاح (Tactical Boost Glide) فائق سرعة الصوت، للاستخدام فى نطاق 500 ميل بحرى تقريبًا.
 تصميمان لنظامين جويين، الأول هو (HCSW)، أى «سلاح الإضراب التقليدى الفائق لسرعة الصوت»، وهو صاروخ يعرف بأنه يندفع بسرعة لا تقل عن (5 ماخ)، أما الثانى فهو سلاح (AGM ـ -183A) المتقدم للاستجابة السريعة، ويعرف اختصارًا بـ(ARRW)، هو سلاح يتم إطلاقه من الجو، وستصل سرعته إلى حوالى (20 ماخ)، أى تقريبًا بسرعة 1500 ميل فى الساعة. وتوقع مساعد وزير القوات الجوية للاستحواذ والتكنولوجيا واللوجيستيات، دكتور «ويل روبر»، أن (HCSW) يجب أن يعمل فى أواخر عام 2020، وأن (ARRW) سيعمل بعد ستة أشهر تقريبًا.
 وأخيرًا، سعى الجيش الأمريكى إلى تطوير سلاح طويل المدى واسع النطاق (LRHW)، ويمكن أن يشهد السلاح اختبارات الطيران فى وقت مبكر من عام 2023.
أما على مستوى الدفاع، فقد أوضحت دراسة «مجلس السياسة الخارجية الأمريكية»، أنه تم تصميم مجموعة أجهزة الدفاع الصاروخى، من أجهزة استشعار الأقمار الصناعية، والرادارات المحمولة على البحر والأرض، والاعتراضات الأرضية، ضد أى تهديد صاروخى باليستى.
ولكن الدراسة كشفت عن وجه قصور آخر فى الدفاع الأمريكى، وهى أن جميع أسلحة «هايبرسونيك» تطير بسرعة كبيرة للغاية، فعندما تندمج مع ارتفاع الطيران الأدنى، فإنها تضغط على نطاق الكشف فى الرادار، وأوقات رد الفعل، لدرجة تمنع أنظمة «الولايات المتحدة» الحالية من أى فرصة لتنفيذ اعتراض ناجح. وقد اعترف قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية الجنرال «جون هيتن»، أمام الكونجرس بذلك، حينما قال إن: «ليس لدينا أى دفاع يمكن أن يمنع استخدام مثل هذه الأسلحة ضدنا».
وعليه، نصح خبراء الدراسة بأنه يتطلب من «الولايات المتحدة» أن تستثمر فى بنية دفاعية شاملة، من شأنها أن توفر رؤية لطبقات فضائية متنوعة ومتعددة وثابتة، من أجل اكتشاف الإطلاق الأولى لأى سلاح «هايبرسونيك»، هذا بالإضافة إلى ضرورة توفير إمكانيات قوية وآمنة، وعالية السرعة والجودة، من أجل نقل البيانات المطلوبة بداية من الكشف إلى التدمير.
وفى هذا السياق الأخير، يذكر أن لدى وزارة الدفاع الأمريكية شريكًا، وهو «صناعة الاتصالات التجارية»، التى تخطط لإطلاق آلاف الأقمار الصناعية فى السنوات القليلة القادمة، من أجل إنشاء «شبكة فى الفضاء» تعتمد على تكنولوجيا الاتصالات بالليزر. لهذا أكد الخبراء أن هذا سوف يقطع شوطًا طويلًا، نحو توفير نقل بيانات قوى وآمن وعالى الجودة والسرعة.
كما نبه الخبراء أن أكبر تهديد يقف أمام نجاح البرامج الأمريكية السابقة، هو الشأن الداخلى الأمريكى نفسه. وتساءلوا: هل ستقوم الإدارة الأمريكية، والكونجرس ببناء الإرادة السياسية، ودعمها، لرؤية التهديد على حقيقته، وتعديل الميزانية الأمريكية وفقًا لذلك؟!
وأجابوا، أن النتائج المبكرة من ميزانية الرئيس الأمريكى لعام 2020، ليست مشجعة بشكل كبير، حيث سيكون عبئًا على الكونجرس إعطاء الأولوية لنظام دفاعى شامل ضد أسلحة «هايبرسونيك» التى قد تستهدفهم، فى الوقت الذى طلب فيه الرئيس الأمريكى فى الميزانية تحديد نحو 2.6 مليار دولار لتطوير قدرات أسلحة «هايبرسونيك» هجومية. وعلق الخبراء، أن إعطاء الأولوية للهجوم على الدفاع، هو «قصر نظر» لأن إلحاحية هذا التهديد تتطلب الدفاع عن أسلحة اختراق حاجز الصوت يعد أولوية وطنية، حتى لو فشلت ميزانية الرئيس الأمريكى فى القيام بذلك.
فى النهاية، لا يزال هناك الكثير من التحركات فى سباق التسليح العسكرى الدولى، سواء على المستوى التقليدى، أو النووى، أو غير ذلك من أساليب الحروب..كما لا تزال الصفقات التى يراهن عليها الرئيس «ترامب» بطريقة رجل الأعمال سرية ومراوغة لحد كبير.