العيد لمن لبس الجديد!
ابتسام عبد الفتاح
تعد ملابس العيد الجديدة من أهم مظاهر الاحتفال عند المصريين، فمع كل عيد ينتظر الكبار والصغار للخروج إلى الصلاة وزيارة الأقارب.. ولهذا تشهد شوارع القاهرة والعديد من المدن المصرية زحاما شديدا، للانتهاء من تجهيزات عيد الفطر، وشراء الملابس كل حسب إمكانياته لإدخال الفرحة على قلوب الأطفال والكبار، فمن المحلات الشهيرة، إلى الأسواق الشعبية لا تتوقف حركة البيع ليلا أو نهارا.
العتبة.. البيع على أنغام الدى جي
«روزاليوسف» عاشت يوما كاملا بين الأسر التى حرصت على الخروج لشراء مستلزمات العيد فى عدة مناطق بالقاهرة، البداية كانت من العتبة، حيث كان الوصول إليها والمرور من داخلها أشبه بالمستحيل، إذ افترش الباعة وتجار الملابس الأرصفة بأكملها، وخلال ساعات المساء تزداد حركة البيع على أنغام الدى جى والطبلة «قرب يا بيه بـ 30 جنيه» فى وسيلة من الباعة لجذب الزبائن.
عم أحمد أحد تجار العتبة فى الأربعين من عمره يقول: للعيد معنا فرحتان فرحة العيد وفرحة أن الدنيا مشيت معانا، وأن الزحام من أكثر ما يفرحهم، مشيرا إلى أن ذروة العمل تبدأ فى العشرة الأواخر برمضان خاصة بعد صلاة العشاء إلى 2 صباحا، موضحا أن سعر أى بنطلون يبدأ من 100 جنيه والقميص 80 جنيها.
أما محمد عبد الله، الموظف بإحدى الشركات الخاصة، فيرى أن الملابس أو الأحذية الموجودة فى العتبة تجارى الموضة وترضى غرور الأطفال وبأسعار جيدة، فضلا عن وجود محال تبيع منتجات لماركات مشهورة بأسعار مخفضة، قائلا: «العتبة أصبحت مكانا جاذبا لأبناء الطبقات الراقية وليست فقط المتوسطة أو الشعبية».
محمد عبدالله، الذى يصطحب نجليه لشراء مستلزمات العيد، يرى أن العتبة ستوفر معه النصف تقريباً، فسعر القميص لا يزيد عن 60 جنيهاً، رغم أن سعره فى أى مكان خارج العتبة لن يقل عن 150 جنيهاً.
وأضافت زينب أم ثلاثة أطفال: «زوجى خصص 800 جنيه لشراء ملابس وأحذية العيد، وهو مبلغ لا أستطيع به شراء ملابس لطفلين، من أى من الأماكن الراقية التى اعتدت الشراء منها فى أى مكان خارج العتبة، طقم الأطفال بالعتبة لا يتعدى 130 جنيها بالأماكن الأخرى يصل 600 جنيه»، موضحة أنه مع ارتفاع الأسعار المستمر أصبحت تشترى ملابس أطفالها من العتبة أو الوكالة، قائلة: «نحمد الله أن لسه فى مكان نستطيع الشراء منه».
وسط البلد.. فسحة وفُرجة
زحام العتبة امتد إلى شارع 26 يوليو وطلعت حرب، والتى تشهد المحلات بها إقبالا كبيرا من الزبائن هذه الأيام ليست للشراء فقط ولكن للتجول وللتعرف على الأسعار، حسب ما أكده لنا صاحب أحد محال طلعت حرب، حيث يقول محمد سلامة – صاحب محل: إن نسبة البيع تقل كل عام، بسبب ارتفاع أسعار الملابس موضحا أن ارتفاع أسعار الدولار له أثر كبير فى ارتفاع أسعار الملابس المستوردة، خاصة أن غالبية الملابس بمحلات وسط البلد مستوردة، مشيرا إلى أنه خلال السنوات الأربعة الأخيرة عدد كبير من المحلات بدأ يتعامل مع مصانع تنتج ملابس تشبه الملابس المستوردة ولكن ليست بنفس الخامة.
وأضاف: «بنعرف الزبون قبل الشراء هذه قطعة مستوردة وأخرى شغل مصنع، وللزبون حرية الاختيار، فبعد تعويم الجنيه كل الأسعار ارتفعت فما كان يباع بـ 100 اليوم بـ170 و 250، والقطعة المستوردة التى كانت تباع بـ250 جنيها يزيد سعرها اليوم عن 500 جنيه، مؤكدا أنه رغم دفع المحلات كهرباء وضرائب وأجور عمال فإن مكسب القطعة الواحدة لا يتعدى 30 جنيها.
سالمة حسين، طالبة جامعية، قصدت محلات وسط البلد لشراء ملابس العيد، لكن بعد جولة طويلة، وجدت أن الأسعار أكثر مما كانت تتوقعه، تقول: «أقل قطعة ملابس، يتعدى ثمنها الـ 500 جنيه، ومبقاش فى حاجة بـ 200 ولا 300 جنيه»، مشيرة إلى أن أصحاب المحلات يستغلون اقتراب العيد لرفع الأسعار.
وضربت سالمة مثالا على استغلال التجار قائلة: «اشتريت بنطلون من ثلاث شهور بـ 200 جنيه، والآن وجدته يباع بـ 350 جنيها، البلوزة كانت 210 جنيهات وجدتها اليوم بـ 450.
أما فاطمة التى توجهت لمنطقة وسط البلد لشراء ملابس العيد لأطفالها، فاشتكت من ارتفاع الأسعار حيث بلغ سعر فستان لابنتها 5 سنوات 570 جنيها، فى حين كان يتراوح سعره بين 250 و350 جنيها منذ عام. قائلة: « أنا عندى بنت واحدة ، ومش عارفة اشترى لها فستان.. الله يكون فى عون اللى عنده 3 ولا 5 أطفال»، وأكدت أن بعض المحلات تبيع ملابس مستوردة وماركات عالمية يتخطى سعر طقم الأطفال ألف جنيه.
وأضافت إيمان حسين أم 4 أطفال: أنا ما بقيتش بفكر فى نفسى، وأهم حاجة أشترى للأولاد، فرحة العيد بالنسبة لهم فى اللبس الجديد، وأنا عودتهم على مستوى معين، لكن أسعار ملابس الأطفال غالية جدا، اقل طقم 550 جنيها، يعنى عشان أشترى لأولادى الأربعة محتاجة 2200 جنيه.
أما حسام صاحب الـ 28 عاما فيرى أن فرحة العيد لا تكتمل إلا باللبس الجديد وأصبح شراء الملابس فى العيد عادة من عادات المصريين، ومهما زادت أسعاره يحرص الجميع على الشراء، ولكل عيد طقوس معينة مثل بيجامة العيد و لبس العيد، ومظاهر الفرحة تبدأ مع الاستحمام فى ليلة العيد وارتداء البيجامة الجديدة و مع صلاة العيد يرتدى الرجل وأولاده وزوجته الملابس الجديدة ليصلى العيد ثم زيارة الأقارب.
الوكالة.. مقصد الأغنياء والغلابة
ومن محلات وسط البلد الشهيرة إلى الوكالة التى تعد سوق الفقراء، وبسبب ارتفاع الأسعار جذبت فئات كثيرة من الطبقة المتوسطة، حيث تعتبر الوكالة من أشهر الأسواق لبيع الملابس المستعملة والتى تبدأ سعر القطعة بها من 10 جنيهات الى 100 جنيه، بالإضافة إلى محلات للملابس الجديدة ولكن بأسعار مخفضة.
محمد أحمد أحد تجار الوكالة يرى أن حالة البيع والشراء هذا العام تشهد ركودا عن الأعوام السابقة، حيث كان سعر القطعة يبدأ فى السنوات الماضية من 5 جنيهات، ولكن الآن سعر القطعة 25 جنيها، ومع زيادة الأسعار قل إقبال الزبائن.
وداخل أحد محلات الوكالة وقفت «صابرين» التى تعمل مدرسة، مع ابنتها يبحثان عن قطعة ملابس مناسبة للعيد بعد أن صعقت من أسعار الملابس بمحلات وسط البلد، تقول : «أول مرة أشترى من الوكالة، بعد أن فقدت الأمل أن أشترى ملابس العيد لابنتى بالأسعار مناسبة، فالأسعار فى الوكالة مناسبة جدا للكل وملابس جيدة إضافة إلى أنها ماركة، طقم الأطفال ماركة بالوكالة بـ 130 جنيها فى محلات بره بوسط البلد يصل 450 جنيها.
أما «وفاء» فقد جاءت لشراء ملابس العيد لأولادها، تقول : كنت بشترى ملابس من محلات مشهورة، ولكن الأسعار عالية جدا، أشترى طقم الرياضى أطفال ماركة من الوكالة بـ 60 جنيها، فى المحلات والمولات يصل لـ 550 جنيها.
وتشهد محال بيع ملابس الرجال فى الوكالة زحاما شديدا من الشباب، وهو ما يبرره أحمد قائلا: «يوجد فرق كبير بين أسعار الوكالة والمحلات الأخرى رغم التشابه فى الخامة والموديل، القميص الرجالى سعره من 100 إلى 150 جنيها، وفى المحلات أقل قميص 350 جنيها وتيشرتات الرجالى من 30 إلى 85 جنيها بالمحلات تصل 200 جنيها، الأحذية تبدأ من 100 إلى 150 جنيها بره أقل كوتشى 300 جنيه.
وكما هو الحال فى محال الرجال فإن عددا كبيرا من الفتيات يقبلن على الوكالة لشراء متطلبات العيد، تقول مروة: جايين من مصر الجديدة لشراء ملابس العيد، لأن الأسعار بمحلات مصر الجديدة مبالغ فيها،البلوزة يصل ثمنها 700 جنيه، أنا اشتريت بلوزة بـ 65 جنيها ماركة بدل ما اشتريها بـ 400 أو 500 جنيه. وتضيف صديقتها ليلي: اشتريت طقم كامل بلوزة و بنطلون بـ 110 بدل من اشتريهم بـ 600 جنيه.
بواقى التصدير.. البديل المثالى
لـ«الهاى كلاس»
انتشرت فى الأعوام الأخيرة محلات بواقى التصدير التى تلجا إليها أسر الطبقة المتوسطة ومحدودو الدخل لمحلات بواقى التصدير، لانخفاض أسعارها مقارنة بمحلات المناطق الراقية، وتوضح « رحاب» أكثر بقولها: محلات بواقى التصدير أصحبت منفذا كبيرا لأبناء الطبقة المتوسطة التى اعتادت الشراء من المحال الشهيرة، ولكن مشكلتها أنه غير متوافر فيها جميع المقاسات، أنت وحظك، إضافة إلى إنه لا يوجد طقم كامل فتعتمد على تركيب بنطلون على بلوزة وهكذا.
وأضافت:إن الأسعار فيها جيدة حيث تستطيع شراء بنطلون بـ 100 جنيه ويكون موجود نفس الماركة فى المحال الأخرى بـ350 جنيها، طقم الأطفال 120 جنيها نفس ماركة فى الخارج 550 جنيها.
ملابس بالكيلو.. لك وللجيران
دخلت المحال ومواقع التواصل الاجتماعى التى تبيع الملابس بالكيلو فى المنافسة، حيث تبيع كيلو الملابس بما يقرب من 300 جنيه، تقول أمل: «أنت حظك فى نوع الملابس والمقاسات والماركة، لكن كثيرا من الأسرة لجأت لشراء ملابسها بالكيلو لانخفاض سعرها، فأنا بشترى ملابس بالكيلو وأشوف إيه مناسب لى، والباقى أبيعه للجيران ولأصدقائي».
من جانبها كشفت شعبة الملابس فى اتحاد الغرف التجارية، زيادة أسعار الملابس الجاهزة بنسبة
10 % منذ بداية الموسم، حيث يوضح يحيى زنانيرى نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية، قال إن موسم الشتاء الماضى كان سيئا جدا من حيث حجم المبيعات مؤكدا أن 40 % من مبيعات الملابس الشتوية الجاهزة بيعت بأقل من أسعارها.
وأوضح أن أسعار ملابس العيد لم تتحرك قياسا بالعام الماضى، رغم أن الأسعار ارتفعت منذ بداية الموسم بنسب تتراوح ما بين 10 – 15 % للمنتجات المصنعة محليا بحسب المصانع والشركات المنتجة، حيث ارتفعت الأسعار بالمقارنة بالعام الماضي، وبنسبة تتراوح بين 100 و120 % بالمقارنة بفترة ما قبل التعويم، ويرجع سبب ذلك إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، وإلى أن الملابس المستوردة لم تتحرك أسعارها هذا العام قياسا بالعام الماضي.