السبت 26 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«القات».. ترامادول الصهاينة!

«القات».. ترامادول الصهاينة!
«القات».. ترامادول الصهاينة!


يرتبط «القات» فى أذهان الكثيرين بدولة اليمن، التى تعد من أكثر الدول إنتاجًا واستهلاكًا للنبتة المخدرة، إلا أنه انتشر بصورة كبيرة داخل الأوساط الإسرائيلية بفضل اليهود من أصل يمنى، فالنشوة والقدرة العالية على التركيز والحيوية الزائدة وزيادة الرغبة الجنسية، وإنقاص الوزن، وغيرها من المزايا التى يتحلى بها نبات القات، دفعت أعدادًا كبيرة من الإسرائيليين للإقبال على النبتة المخدرة، وصار تناوله أمرًا ظاهرًا فى كل حانات «تل أبيب».
> القات فى إسرائيل
دخل القات إلى إسرائيل مع هجرة طائفة كبيرة من يهود اليمن، الذين هاجروا بشكل جماعى بين عاميّ 1949 و1950. لكنهم كانوا معزولين إلى حد كبير طوال حقبة طويلة من الزمن عن سائر الطوائف اليهودية الأخرى، حافظوا فيها على عاداتهم، ومن بينها مضغ القات، وزراعته فى حدائق منازلهم الصغيرة، خاصة فى منطقتيّ «روش حايين» أو «روش هاعاين»، واشتهر بين يهود اليمن فى إسرائيل التاجر «عدنان شرابى» الذى زرع 4 آلاف شجيرة «قات» على مساحة 1.2 فدان،  ووصل عدد زبائنه ما يزيد على 300 إسرائيلى شهريّا.
وخلال السنوات العشر الأخيرة، انتشرت تجارة «القات» وتعاطيه بشكل كبير داخل إسرائيل، خاصة مع زيادة عدد اليهود من أصل يمنى، الذين وصل عددهم ما يزيد على 150 ألف نسمة، حسب بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، إضافة لانخراط الأجيال الجديدة منهم فى المجتمع الإسرائيلى، وهو ما أدى إلى تعرُّف الإسرائيليين على النبتة اليمنية المخدرة المصنفة كواحدة من أنواع المخدارات فى العديد من الدول، إلا أنه مسموح تداولها وزراعتها وتجارتها فى الكيان الصهيونى، حيث قدَّر تجار القات الإسرائيليون، عدد المعتادين على شرائه بما يزيد على 100 ألف شخص، فضلا على متعاطيه من حين لآخر، ومن يحرصون على تناوله فى أشكال مختلفة.
> القات من المضغ إلى الشرب
شرح موقع «جت تصيون» الإسرائيلى، والذى يعنى باللغة العربية «قات صهيون»، وهو الموقع الأول والأكثر شهرة فى إسرائيل لتسويق جميع أنواع القات، وأصنافه المختلفة، أنه يوجد عدة أنوع من القات داخل الكيان، ومنها  قات «كيمبو»، والقات اليمنى، والحبشى، والعضوى، والإسرائيلى، لكنه يوجد نوعان رئيسيان يكتسحان السوق الإسرائيلية، وهو الأحمر، والأبيض، لكن الأول الأكثر فعالية، وانتشارًا.
وأكدت جريدة «يديعوت أحرونوت» أن حزمة أوراق القات تباع بسعر من 30 إلى 50 شيكلاً حسب نوعه، وجودته، بينما يكلف مشروب القات 100 شيكل لكل لتر، وهو ما يعد من أغلى أنواع المشروبات، حيث بدأت مطاعم وبارات تل أبيب خلال السنوات الأخيرة فى تقدم النبتة بطريقة جديدة من خلال «عصير ممزوج بالليمون» يصل ثمن الكأس إلى 24 شيكلاً.
«ميخال ليفيت» مدير، أحد المطاعم الشهيرة فى «تل أبيب»، أوضح  لجريدة «هاآرتس» كيف يصنع من القات مشروبًا، من خلال عصره، وخلطه مع عصير الليمون المحلى، أو التوت البرى أحيانًا، وهى الطريقة الأكثر شهرة فى إسرائيل، نظرًا لتفضيل الزبائن لها. وأضاف «عوزى ايلى» صاحب أشهر محل لبيع القات فى إسرائيل، أنه يخلطه مع الهيل (الحبهان)، والقرفة، واللوز، والزبيب.
«ميخال» أكد تردد زبائن كبار على مطعمه، ومنهم طهاة، وموسيقيون، وممثلون، الذين يطلبون دائمًا مشروب القات مع الطعام بدلاً من النبيذ، لكنه أكد أنه يرفض إعطاءهم إياه قبل الأكل كونه يفقد الشهية، حيث يشعر من يتناول المشروب بالراحة، ويحرص العديد من الشباب على تناوله عند ساعات المساء، ممن يريدون الاستمتاع بليلتهم فى الرقص، فمن يشرب كأس عصير يستطع الاستمرار بالرقص حتى الساعات المتأخرة من الليل دون أن يشعر بأى تعب.
وانتشر القات كمشروب أساسى فى المطاعم، والمقاهى، والحفلات الغنائية، وحفلات الزفاف الإسرائيلية، بجانب النبيذ خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، فالعصير المصنوع من نبتة القات وممزوج مع الليمون له تأثيرات قوية ويزود من يتناوله بالطاقة العالية ويشعره باليقظة وكذلك فقدان الشهية، وزيادة استهلاك الكحول.
يقول «شلومى كالما» منظم حفلات زفاف إسرائيلى، لجريدة «يديعوت أحرونوت»، إن الطلب على مشروب القات فى حفلات الزفاف بات فى تزايد، خاصة الأعوام الأخيرة، مؤكدًا أن حفل الزفاف الواحد يتطلب 30 لترًا من مشروب القات. وأوضح شاب إسرائيلى يدعى «موتى هاريل»، أنه تعرَّف على القات لأول مرَّة عندما ذهب لحفل زفاف صديقه فى «يافا»، ووجد مشروبًا لونه مختلف بجانب النبيذ، وعندما سأل عنه قالوا له إنه مشروب القات. مؤكدًا أنه لم يستسغ طعمه أول مرَّة، إلا أن النتيجة التى حصل عليها بعد شربه جعلته يعتاد عليه، قائلاً: «أعطانى طاقة مفاجئة، لا أعرف من أين أتت!!».
جريدة «هاآرتس» سألت عددًا من الإسرائيليين - لم تذكر أسماءهم - فى الشارع عن السبب وراء تفضيلهم القات، فرد شاب أنه يداوم على القات لأنه إذا شربه فى وقت مبكر من المساء، سيعطيه القدرة على تحمل الرقص طوال الليل، والجرى، أو ممارسة الجنس، بينما قال آخر، إنه يحتاج لثمانى جرعات من القات، حتى يستطيع متابعة عمله طوال فترة النهار، موضحًا أنه تعرَّف عليه من خلال حى «كريم هاتيمانيم»، وهو الحى اليمنى فى «تل أبيب».
وأضافت طالبة، أنها لم تستطع التوقف عن تناول القات رغم العديد من المحاولات؛ لأنه سبب لها صداعًا كبيرًا. مشيرة إلى أن السبب فى تناوله إياه لأول مرَّة، النتيجة التى حصلت عليها منه، فكانت فتاة خجولة، وتحولت لفتاة جريئة، قائلة: «هذا هو دواء الأسد الجبان»!.
وأشارت جريدة «هاآرتس» إلى أن أغلب الإسرائيليات، اللاتى يتعاطين القات، يتناولنه من أجل إنقاص الوزن، أو المحافظة على رشاقتهن، فإحدى وظائف نبتة القات، إنقاص الوزن دون الشعور بالجوع، مما جعل وزارة الصحة الإسرائيلية تحذر من خطورة اتباع هذه الطريقة فى عملية الحمية والريجيم؛ لأنها قد تسبب الموت المفاجئ.
> قانونية القات فى إسرائيل
أحدث انتشار القات فى إسرائيل جدلًا كبيرًا داخل السُلطات الإسرائيلية، وهو ما دفع العديد من مراكز الأبحاث الإسرائيلية المتنوعة لدراسة الموقف الداخلى، حيث أظهرت وثيقة بحثية للكنيست عام 2012 سر إقبال الإسرائيليين على (المشروب السحري)، وكانت الأسباب إعطاء هذه النبتة النتائج التى يرغب فيها مستوطنو الكيان الصهيونى، وهى الشعور بالقوة، وانخفاض التعب، وزيادة التركيز، وقمع الشهية، والثقة بالنفس المفرط، وزيادة الرغبة الجنسية،  فهو يحتوى على مواد تشبه كيميائيّا مادتيّ الـ«أمفيتامين»، وهو مُنبه للجهاز العصبى المركزى، والـ«إفيدرين»، وهو مُركب يساعد على زيادة إفراز الأدرينالين بين الأجهزة العصبية، وزيادة النشاط فى الجسم.
الوضع القانونى الإسرائيلى لمخدر القات، لايزال محيرًا ، فآخر ما توصلت إليه الهيئة الإسرائيلية لمكافحة المخدرات، أن مضغ القات، وزراعته أمر مشروع داخل الكيان الصهيونى، لكن صنع أى منتج آخر مخدر منه، مثل مخدر «كحشى» الذى يشبه الـ«إكستاسى»، أمر محظور قانونيّا، أمَّا تحويله إلى مشروب، فلايزال غير معروف شرطه القانونى حتى الآن، وهذا ما تعانى منه الإدارة، ووزارة العدل الإسرائيلية.
وأوضحت جريدة «هاآرتس» أن السُلطات الإسرائيلية واجهت مشكلة ما إذا كان ينبغى إدراج «القات» فى القانون من الأساس أم لا؛ لأن تقنينه سيجبرهم لإلقاء القبض على مجموعة كبيرة من المستوطنين، الذين يمارسون مضغ القات، كجزء من تقاليدهم وتاريخهم، لذلك اتخذ المشرعون قرارًا اجتماعيّا وسياسيّا بأن القات فى شكله النباتى، سوف يستبعد من القانون.
> القات فى جيش الاحتلال
أكد موقع «جت تصيون» أن الجنود الإسرائيليين يحبون مضغ القات لساعات طويلة فى أوقات فراغهم، إلى أن تم حظر مضغه فى القاعدة أو أثناء أوقات العمل فقط، بعد الحرب على غزة عام 2014، وهو ما يعنى سماح تعاطيه فى الخارج. مؤكدة أن القرار جاء نتيجة لسوء استخدامه من قبل الجنود، وإدمانهم له، وهو ما أكده موقع «والا» الإسرائيلى. مشيرا إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلى «بينى جانتس» شدد على ضرورة محاكمة أى جندى يمضغ القات داخل القاعدة فقط.>