الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جواب نهائى الأزهر لن يكفر داعش!

جواب نهائى  الأزهر لن يكفر داعش!
جواب نهائى الأزهر لن يكفر داعش!


فجأة أصبح حادث تفجير كنيسة أو الهجوم عليها من الأمور المعتادة، وكأنك تشاهد فيلم «أكشن» ثم تعيده ثانية، فبعد أقل من عشرة أيام على حادث تفجيرى كنيستى مار مرقس ومار جرجس فى الإسكندرية وطنطا، تجد هجمات إرهابية أخرى فى دير سانت كاترين ليضاف الحادث إلى قائمة استهداف دور العبادة المسيحية فى مصر.

كل أصابع الاتهام فى الفترة الأخيرة تتجه إلى الأزهر الشريف باعتباره المسئول عن تجديد الخطاب الدينى فى مصر، وتحول الأمر بصورة كاملة وكأن الأزهر هو من تقع على عاتقه كل الحوادث التى يرتكبها إرهابيون باسم الدين.
ويجب أن نعترف بأن الأزهر ليس وحده المسئول عن تجديد الخطاب الدينى فى مصر فهناك وزارة الأوقاف التى أصدرت الكثير من الكتب والمجلات بمبالغ طائلة دون أى قيمة أو مضمون وأن نلمس أى تجديد فى خطابها الدينى رغم كثرة ظهور الوزير المستمر فى برامج التليفزيون وعلى الفضائيات، وعلى غرار ذلك لم تفلح كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة فى هذه القضية.
المدافعون عن الأزهر من علمائه ودارسيه يرونه منارة للإسلام المعتدل جعلته محل ثقة من دول العالم الإسلامى التى ترسل إليه أبناءها.
والمهاجمون له يؤكدون عجز قياداته الحالية عن مواجهة الفكر المتطرف وتجديد الخطاب الدينى، وبأنه كان طوال الوقت محل استقطاب من الجماعات المتشددة.
الأحداث الأخيرة فرضت تشكيل مجلس جديد لمكافحة التطرف والإرهاب بعد استهداف المصلين فى كنائسهم، مما يؤكد أن المزاج العام لا يكف عن المطالبة بالتغيير، فهل الأزهر غير مؤهل فعليًا فى الفترة الحالية لإدارة منظومة فكرية لمواجهة التطرف والإرهاب بمختلف مسمياته وأفكاره وتوجهاته كان هذا السؤال الموجه لشيوخه ودارسيه.
فى البداية دافع د. عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، عن الأزهر قائلا: الهجوم على الأزهر - الجامع والجامعة - ليس له ما يبرره، وليس هناك منطق بالنسبة لما رأيناه من خروج شخصيات على وسائل الإعلام وإلقاء التهم جزافاً على أعرق مؤسسة علمية شهد لها الغرب قبل الشرق بكونها معقل الوسطية وإن الأزهر الشريف وحده الذى يملك صحيح الإسلام، مؤكدا على أن مناهج الأزهر التى تتهم الآن بأنها مفرخة الإرهاب هى نفس المناهج التى تربى عليها رواد النهضة فى مصر والعالم أجمع، فقد تربى عليها الزعماء والمفكرون والأدباء والشعراء والمناضلون الذين حرروا البلاد من الاستعمار منهم سعد زغلول وأحمد عرابى ومحمد كريم وعمر مكرم والشيخ المراغى والشيخ حسن العطار ورفاعة طهطاوى وغير هؤلاء من الأعلام سواء فى داخل مصر أو خارجها من رؤساء دول أو وزراء أو ملوك تخرجوا على فكر ومناهج الأزهر.
وتساءل العوارى: كيف تكون تلك المناهج الأزهرية هى من صاغت عقولهم على التشدد والتطرف والإرهاب؟! مضيفاً : ألف وسبعون عاما مضت على تدريس مناهج الأزهر لجميع المصريين وأصبحت ثقافته فى كل بيت فلماذا لم تخرج تلك المناهج إرهابيا أو متطرفا؟ حتى المتهمين فى تفجير الكنائس وهى الجرائم التى أدمت قلوب المسلمين قبل المسيحيين فى كل من طنطا والإسكندرية لم يكن بينهم أزهرى واحد، بل إن كل من وجه الاتهام إليهم وقبض عليهم إما خريجو جامعات عادية أو عمال شركات أو سائقون.
وأضاف: الأزهر لم يترك الساحة لكل من هب ودب، والمساجد فى مصر لا يتولى أمرها الأزهر وإنما الأوقاف التى لها وزارة تابعة للحكومة ووزيرها عضو فى مجلس الوزراء وليس فى الأزهر، فالأزهر ليس له سلطان إلا على الجامع الأزهر فقط، إلى جانب ذلك لن تجد إرهابيا قط ثقافته أزهرية فعلى كل المستويات من انتمى للتيارات المتطرفة خريجو تعليم عام سواء فى مصر أو بالخارج ولا ينتمون للأزهر أو يمتون له بصلة.
وتابع: على الدولة إن أرادت أن تحصن الشباب أن تجعل مادة التربية الدينية رسمية فى المدارس وتضاف درجاتها إلى المجموع سواء كانت تربية دينية إسلامية أو تربية دينية مسيحية بشرط أن يقوم بالتدريس علماء من الأزهر الشريف للدين الإسلامى ومن الكنيسة للدين المسيحى، وأن تدرس بالجامعات مادة الثقافة الإسلامية الوطنية التى تتمحور حول حقوق المواطنة للانسجام والتعايش بين الطلاب كما حدث فى الأزهر فشيخ الأزهر أنشأ منهجين لتحصين الطلاب أحدهما فى المرحلة الإعدادية وآخر فى الثانوية على أن تتضمن تلك المناهج مادة الثقافة الإسلامية ومحاربة التطرف وخطورة الإرهاب وتوضيح المفاهيم المغلوطة مثل دار الإسلام ودار الحرب، الحاكمية، الهجرة، الجهاد، معاملة غير المسلمين، المواطنة وغيرها من المواد التى تدرس كمناهج لتحصين الشباب لأن من تربى على الفكر الوسطى من المحال أن يبحث عن مصادر أخرى.
وأنهى كلامه: خلال الأربعين عاماً الماضية سمح النظام فى مصر بانتشار ما يسمى بالجماعات الإسلامية التى كانت سبباً رئيسياً فى مقتل الرئيس السادات رحمه الله، بل وصل الأمر ذروته بأن وصلت تلك التيارات إلى البرلمان وأصبح لهم أحزاب وقنوات تبث سمومها فى كل بيت، لكن إذا راجعت التاريخ ستجد أن علماء الأزهر هم من ردوا تلك الفئة المتطرفة إلى رشدها من خلال دورهم فى المراجعات التى حدثت فى السجون، وهكذا دور الأزهر الشريف، وعلماؤه جاهزين لمحاورة ومقارعة أصحاب الأفكار المتطرفة سواء داخل السجون وغيرهم خارجها بالفكر والقلم فالأزهر كمؤسسة وطنية يعمل مع سائر المؤسسات الأخرى من أجل الحفاظ على نسيج الوطن، ومن المحال فى مجال الفكر والعلم أن تهزم أى مؤسسة علمية أو جامعية الأزهر الشريف، ولذلك يستوجب على الدولة أن تشرّع القوانين لتجفيف منابع تلك الجماعات ومنابرها الإعلامية لتعود الدعوة إلى علماء الأزهر وحظيرة مجمع البحوث الإسلامية بعد أن تعددت الزوايا والمساجد التى تبنى تحت عمارات وليس لوزارة الأوقاف الإشراف عليها أو مجابهة تلك الجماعات وأفكارها التكفيرية.
وشدد د. منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف، والأستاذ بجامعة الأزهر، على أنه ليس هناك اعتراض على تجديد الخطاب الدينى، ولكن تجديد الخطاب الدينى أصبح شماعة للفاشلين قائلا: كل من فشل فى مجاله سواء كان فشله سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أوثقافيا لا يعترف بأخطائه، لكنه يبحث عن شماعة الأزهر وتغيير الخطاب الدينى، بينما الأزهر هو قوة ناعمة ولا يمتلك صلاحيات حقيقية تمكنه من تجديد الخطاب الدينى فى مصر خاصة مع تهميشه وعدم منحه المساحة الكافية فى الإعلام مقابل تيارات أخرى تتعالى أصواتها، ولذلك يقتصر دور قيادات الأزهر على الوعظ والإرشاد والتوجيه والحث على الفضيلة فدورنا ليس معاقبة الناس.
وأضاف: كأزهرى أعترف أن هناك تقصيرًا فى فحص المناهج الأزهرية وأن الكثير منها يتطلب المراجعة والتدقيق، وهذا دليل على فشل بعض الأساتذة داخل جامعة الأزهر ومنهم من لا يستحق المنصب الموكل إليه وحمل لقب أستاذ فهناك كتب لا تقدم مادة علمية قيمة وأفكارها هزيلة وضعيفة وذات جودة لا تليق بمستوى التعليم الأزهرى، وهناك آلاف من رسائل الدكتوراه والماجستير كلها تدور عن تجديد الخطاب الدينى والتعامل بالمنهج القرآنى، لكن مع الأسف القيادات داخل الجامعة لا تتحرك ولا تولى هذه المناهج أى اهتمام أو بحث، بل تظل هذه الرسائل كلها حبيسة الأدراج.
وتابع: ولكن هناك شخصيات تظهر على شاشات الفضائيات ليس لها رصيد علمى تهدف إلى الشهرة بمهاجمة الأزهر وعلمائه من خلال استعراض مناهج قديمة واجتزاء نصوص من سياقها على طريقة «لا تقربوا الصلاة»، ولذلك السبب أقول أن كتب التراث ليست للعامة بمعنى أن الشخص العادى غير المتخصص لا يجوز له أن يطلع على كتب التراث والحكم عليها بغير رصيد علمى أو منهج أو دراسة فكتب التراث مليئة بالغث والسمين وأحيانا بها مغالطات تتطلب متخصصين، الأزهر لم يكن يوما مفرخة إرهابيين وكل من قبض عليه أو ثبت إدانته لا علاقة له بالأزهر وهذا يدل على أن الخطأ فى التعليم العام وليس الأزهرى، وليس مطلوبًا من الأزهر أن يذهب إلى الناس إذا كانت المساحة التى يحصل عليها فى الإعلام غير كافية.
وعن الجدل المثار بعدم تكفير داعش قال: الأزهر لديه منهج فى التكفير وهو لا يكفر أحدا بسبب قتل أو زنى أو سرقة، وهناك قاعدة فى العقيدة تنص على أن مرتكب الكبائر لا يكفر.
فيما اعتبر الباحث الإسلامى والأكاديمى محمد محسن أبو النور، أن المساجد فى مصر تحولت إلى أماكن للعبادة الفلكلورية وذلك لأن نظام الأوقاف الحالى حول العبادة بالمساج إالى أماكن لإحياء الفلكلور، وهذا ليست له علاقة لا بالدين ولا بالإسلام، مما شجع التيارات المتطرفة لاستغلال الشباب المسلم وتغييب عقله، والأسباب ترجع إلى وزارة الأوقاف التى تدار على مدار 30 عاما من قبل «فشلة» وأشخاص لا علاقة لهم بالفهم الدينى للإسلام، فالدولة لا تعطى للأزهر المجال الكافى للتوعية، فى المقابل يجد السلفيون والجهلاء مساحة كبيرة فى الإعلام وفى الأوساط المختلفة.
وأضاف: العقود الأخيرة شهدت تراجعا شديدا لرجال الدين الأزهرى أصحاب الفكر الوسطى المعتدل الذى لا إفراط فيه ولا تفريط لصالح تيارات أخرى قفزت على أكتاف علماء الأزهر بفعل فاعل، حيث تهميش دور الأزهر فى قضايا الأمة، ومنذ ذلك الحين والإعلام يعمل على مسخ شخصية رجال الأزهر والاستخفاف بهم، لكن محاولات تهميش الأزهر والهجوم عليه لم ولن تفلح فى وأد مكتسباته طيلة ألف و35 عاما، فالهجمة التى يتعرض لها الآن لا تستطيع هدم كيان كبير له معهد أزهرى فى كل قرية ويكفى أن نقول إن عدد تلك المعاهد الأزهرية أكبر من عدد المصالح الحكومية على مستوى الجمهورية