الأوسكار للزنوج نكاية فى ترامب
روزاليوسف الأسبوعية
تتجه أنظار العالم والملايين من عشاق السينما غداً الأحد إلى مدينة الأحلام الساحرة هوليوود، حيث سيقام حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2017، فى مسرح دولبى فى مدينة هوليوود. ومن المقرر أن يذاع الحفل الذى سيقدمه النجم الكوميدى جيمى كيميل، على الهواء مباشرة فى أكثر من 225 دولة ومدينة حول العالم.
ويتصدر الترشيحات الفيلم الموسيقى الاستعراضى «لا لا لاند» بأربعة عشر ترشيحا منها أفضل فيلم، وأفضل ممثل وممثلة، وهو رقم قياسى لم يحصل عليه من قبل سوى فيلمين فقط فى تاريخ ترشيحات الأوسكار هما «تيتانيك» أو «كل شيء عن حواء».
أيضا ضمن مفاجآت الترشيحات هذا العام، ستة ترشيحات للنجوم السمر، وهو رقم قياسى آخر، من ضمنها ثلاثة ترشيحات لأفلام معظم نجومها من السمر مثل «مون لايت» (ضوء القمر)، و«فنسز» (حواجز) و«هيدين فيجرز» (شخصيات مخفية)، للتنافس على أهم جائزة للأوسكار كأفضل فيلم.
وكأن الأكاديمية أرادت أن تعتذر هذا العام عن أخطاء العام الماضى فى عدم ترشيحها لأى من النجوم السمر لجوائز الأوسكار، وتجاهلتهم بالكامل، حيث أطلق عليه نقاد هوليوود حينها أن الأوسكار كان أكثر بياضا.
وقال بارى جينكينز، مخرج فيلم «مون لايت» الذى حصل على ثمانية ترشيحات، فور إعلان الترشيحات: «هذا يجعلنى أشعر أننى بحالة جيدة ومطمئنة لرؤية تقدير الأكاديمية لمجموعة متعددة الأوجه من النجوم».
تسعة أفلام معظمها من إنتاج شركات صغيرة وذات ميزانيات محدودة، وغير مدعومة من المؤسسة الهوليوودية، ومن تمويل شركات مستقلة، وليست من إنتاج تقليدى ضخم لأحد الاستوديوهات الكبرى فى هوليوود، سوف تتنافس هذا العام على الجائزة الكبرى فى هوليوود، كأفضل فيلم وهى:
«لا لا لاند»، «أريفال» و«مانشستر باى ذا سى» و«مون لايت» و«هاكسو ريدج» و«هيدين فيجرز»، و«فنسز» و«هيل أور هاى ووتر- جحيم أو طوفان»، و«ليون».
مفاجأة أخرى للأكاديمية هذا العام تتحدث عنها الأسرة الهوليوودية، ولاقت استحسانا كبيرا هى ترشيح النجم والمخرج «ميل جيبسون» لجائزة أفضل مخرج «هاكسو ريدج» بعد فترة طويلة لتجاهل هوليوود له فى السنوات العشر الماضية بسبب الفضائح التى تعرض لها، وهجومه الشديد على اليهود والاستهزاء بهم علنا، واتهامه لهم بأنهم وراء المشاكل فى أنحاء العالم كافة.
وتدور رائعة ميل جيبسون حول جندى أمريكى رفض الاشتراك فى الحرب العالمية إلا من خلال إسعاف الجنود الجرحى، خلال معركة أوكيناوا، وأصبح أول جندى ينال وسام الشرف دون إطلاق رصاصة واحدة.
ويتنافس مع «ميل جيبسون» على الجائزة كل من: داميان تشزيل (لا لا لاند)، دينيس فيلنوف «أريفال» (وصول)، «مانشستر على البحر» لكنيث لونرجان والأفرو - أميركى بارى جنكينز عن «ضوء القمر» (مون لايت).
أكبر مفاجأة صادمة من الأكاديمية كانت فى فئة أفضل ممثلة، عن الفيلم الخيالى العلمى «وصول» فيلم كواحد من أبرز وأكثر الأفلام تكريما هذا العام، والذى تم ترشيحه لثمانى جوائز هامة للأوسكار، تجاهلت الأكاديمية بالكامل نجمة الفيلم «إيمى آدامز»، فى الترشيح لجائزة أفضل ممثلة. والأسوأ من ذلك هو أن الموقع الإلكترونى الذى تديره الأكاديمية وشبكة تليفزيون «إيه بى سى» التى ستبث حفل توزيع جوائز الأوسكار، وضعت اسم «إيمى آدامز» فى البداية كمرشحة لجائزة أفضل ممثلة. وألقت الأكاديمية باللوم على شبكة إيه بى سى، التى سرعان ما اعتذرت عن عدم الدقة والتسرع وقالت فى بيان لها:
(نحن نعتذر للأكاديمية، وللصحافة وللمشجعين لأى التباس حدث عن طريق الخطأ، فتم وضع اسم توم هانكس كمرشح لأفضل ممثل عن فيلم «سولى»).
باستثناء تجاهل «إيمى آدامز»، الذى تم تكريمها من قبل العديد من الهيئات والجمعيات فى هوليوود بعدد من الجوائز عن أدائها المذهل فى فيلم «أريفال»، أيد الناخبون بالأكاديمية ترشيح إيزابيل هوبير عن دورها فى الدراما العاطفية الفرنسية فى فيلم «إيل» أو «هى»، وإيما ستون عن «لا لا لاند»، ونتالى بورتمن عن السيرة الذاتية «جاكى» عن حياة سيدة أمريكا الأولى السابقة جاكلين كيندى، وميريل ستريب عن «فلورنس فوستر جنكينز» والنجمة السمراء روث نيجا عن الدراما الاجتماعية «لفينج» «حب» وتدور أحداثه فى خميسينيات القرن الماضى.
وهذا هو الترشيح العشرون للأكاديمية لـ«ميريل ستريب»، حيث فازت بالأوسكار ثلاث مرات من قبل، وربما حديثها وانتقادها اللاذع لدونالد ترامب فى حفل جوائز الجولدن جلوب رجح فوزها ببعض الأصوات لعدد من أعضاء الأكاديمية الكارهين لترامب.
فيلم «فلورنس فوستر جنكينز» هو قصة كوميدية لسيدة ثرية «ميريل ستريب» من نيويورك، لديها حلم بأن تصبح مغنية أوبرا، رغم رداءة صوتها.
أيضا من المفاجآت المثيرة هذا العام، تجاهل الأكاديمية لعدد من أساطير هوليوود، حيث رفض الناخبون بالأكاديمية منح رائعة المخرج الكبير «مارتن سكورسيزى» عن فيلم «الصمت» سوى ترشيح وحيد لجائزة أفضل تصوير سينمائى، والمخرج الكبير «كلينت إيستوود» عن فيلم «سولى» كأفضل مونتاج صوتى.
مرة أخرى، رفضت الأكاديمية بعناد شديد الرضوخ نحو الأفلام الجماهيرية التى حصدت أرقاما خيالية فى شباك التذاكر. ودليل ذلك أن أفلاما كثيرة لم تترشح بالمرة للتنافس فى جميع القوائم، والفروع السينمائية.
وكما هو متوقع، وعلى الرغم من الاهتمام الكبير لعدد من أعضاء الأكاديمية على الدعاوى الجنسية التى رفعت على النجم «كيسى أفليك»، نجم «مانشستر على البحر» وتم التصالح فيها، ودفع تعويضات هائلة للضحايا، نجح كيسى أفليك، بفضل مجهودات ودعم أخيه النجم والمخرج الشهير «بن أفليك» فى كسب تعاطف أعضاء الأكاديمية معه ومتابعة مسيرته نحو منصة أوسكار للترشح لجائزة أفضل ممثل.
يتنافس كيسى أفليك على الجائزة جنبا إلى جنب مع دنزل واشنطن عن «حواجز» (ترشح واشنطن لجائزة الأوسكار سبع مرات، وفاز بها مرتين)، أندرو جارفيلد «هاكسو ريدج» وريان جوزلينج «لا لا لاند» وفيجو مورتنسن عن «كابتن فانتاستيك».
وفى تناقض كبير مع ما حدث فى السنوات السابقة، حيث وضعت الأكاديمية النجوم البيض فى جميع قوائم المرشحين، وتجاهلت السود والأقليات. اختار الناخبون بالأكاديمية هذا العام عددا كبيرا من المرشحين السود أكثر من أى وقت مضى. حيث تلقى «ماهرشالا على» و«ناعومى هاريس» الترشيح لجوائز أفضل ممثل وممثلة مساعدة فى («مون لايت» - ضوء القمر).
ورشحت فيولا ديفيس لجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن «حواجز» وهى مأخوذة عن مسرحية أوجست ويلسون الكلاسيكية عن حياة الأفرو-أمريكان فى مدينة بيتسبرج فى الخمسينيات، ويحكى قصة رجل أسود «دينزل واشنطن» فى منتصف العمر، يعيش فى الخمسينيات من القرن الماضى، بعد فشله كلاعب بيسبول محترف، ويعمل كجامع للقمامة، يحاول الحفاظ على عائلته بعد خيانته لزوجته «فيولا ديفيس»، وهروب ابنه من المنزل، ويحاول التصدى لمحاولات التمزق وخوفه من الفشل والموت.
كما رشحت «أوكتافيا سبنسر» عن دورها فى فيلم «هيدين فيجرز» كأفضل ممثلة مساعدة. بالإضافة لترشيح روث نيجا (من إثيوبيا) عن دورها «لفينج» فى لائحة أفضل ممثلة.
ممثل آخر من الأقليات، «ديف باتل»، رشح عن دوره المساند فى «ليون» للمخرج جارث ديفيز الذى يروى قصة صبى هندى يضيع فى شوارع بومباى ويكتشف وجوده زوجان أستراليان فينقلانه معهما إلى أستراليا وعندما يكبر يبدأ بالبحث عن هويته ورغبته فى العودة إلى الهند ليجد والديه.
«ليون» حصل على ستة ترشيحات، ليتساوى فى عدد الترشيحات مع «مانشستر على البحر» و«هاكسو ريدج». أيضا رشحت الأكاديمية لأول مرة أربعة من الأفلام الوثائقية الخمسة المتنافسة على الجائزة من صناع السينما السوداء، بما فى ذلك فيلم «الـ13» الذى يحكى عن بشاعة القهر فى السجون فى أمريكا، و«أنا لست لك نيجرو»، من إخراج راؤول بيك، صورة للكاتب جيمس بالدوين وعصر الحقوق المدنية. (ومعهم فى هذا السباق هم «حريق فى البحر» الحياة: رسوم متحركة و«أو. جى صنع فى أمريكا» الذى مهد الطريق للأفلام الوثائقية التليفزيونية لتنال الترشيح للأوسكار.
كل هذه الترشيحات تشير حتما إلى أن الأكاديمية استمعت بجدية إلى احتجاجات النقاد بأن ترشيحات الأوسكار فى الأعوام السابقة كانت للنجوم البيض، وتم تجاهل ترشيح النجوم السود والأقليات فيها، كما أن المسيرة التى قادها العام الماضى ناشط الحقوق المدنية القس آل شاربتون، وتوجيهه اللوم على هوليوود، واتهامها بالعنصرية، لعبت دوراً كبيراً فى التأثير على أعضاء الأكاديمية بعد الضجة الإعلامية الهائلة ضدهم بالإعلام الأمريكى والعالمى. هذه الضغوط أدت بمفعول كبير وجذرى واضح، وقادت إلى تغييرات جذرية فى ترشيحات الأكاديمية هذا العام.