علاج السرطان بـ«بركة الحاجة سعاد»

مني عطا
هذا أمر مؤسف لكنه واقع فى مصر.
فى القرن الحادى والعشرين، حيث يبحث الطب آفاق استخدام العلاج بالخلايا الجذعية، ويناقش «استنساخ أعضاء بشرية» من الإنسان ذاته لزراعتها فى جسده عوضًا عن أعضائه المريضة، يلوذ قطاع كبير بدجل الدجالين والبخور والوصفات الجاهلة الجهولة.
المكان: قرية كفر داود بمركز السادات فى المنوفية.. والزمان: يوم عادى كأيام مصر العادية أو بالأحرى «الثابتة»، والحدث: حشد من الناس ينتظرون الحاجة سعاد.
يهتف أحدهم: إنها امرأة مباركة، تشفى الأمراض جميعها، وما جعل الله من داء إلا وجعل له دواء على يديها!
امرأة فى نحو الستين، موفورة الصحة، تجلس فى مدخل غرفة من داخل منزلها قامت بفتح باب خارجى على الشارع لتفصل بين باقى المنزل والغرفة التى تقابل فيها زوارها.
منذ الوهلة الأولة تشعر وكأنك فى غرفة عمليات حيث تجد حولها قطنا وشاشا وسرنجات وأدوات طبية ملوثة بالدماء، كل ذلك على حصير من البلاستيك، وهناك فى آخر الغرفة رجل عجوز بلغ أرذلا من العمر.
وعلى سبيل «جر الكلام» قلت: أنا مصابة بالغضروف وأعانى منه منذ فترة ليست قصيرة فنظرت نظرة حادة وقالت «أنت لست مريضة، ووصلتنى الأخبار بأنك كنتى بتسألى الناس عليا على المحطة.. وعايزة تعرفى إذا كنت نصابة أو دجالة.. الظاهر إنك صحفية».
عندها كان لابد من «هجمة مرتدة» فقلت: «نعم صحفية.. لكن الصحفيين أيضا يمرضون، وسمعت أنك سيدة مباركة وبعيدا عن عملى أريد أن أعرض عليك حالتى».
قالت: «أنا لست دجالة أو نصابة هذه مهنة والدى، وجدى وأنا تعلمتها منهما، كما أن أخى الأكبر، الذى يقطن بالبر الغربى من القرية تعلم هو الآخر المهنة، ولكنه لم يمارسها مثلى».
أما عن علاجك من الغضروف فهو بالحجامة أى سحب الدم الفاسد من الجسم، وأريدك أن تعرفى أن معظم الذين يترددون على من الفقراء وأنا أعالجهم لوجه الله.. بل إن مسئولين بالدولة من مرضاى أوفر لهم العلاج وهم يدفعون لى بسخاء.
وتضيف «عندى ميراث كبير من الأراضى التى يزرعها أبنائى الثلاثة، لست فى حاجة إلى الأموال لكنى أريد أن أكون سببًا فى شفاء الناس.. دى حاجة من ربنا اللى جعل الشفاء على إيدى».
وتملك الحاجة سعاد تفسيراً طبياً لمعظم الأمراض، فالسبب هو الدم الفاسد، ومن ثم فالعلاج هو بتشريط جلد المريض وسحبه، عندها يقوم «زى الحصان».
وتتابع «أنا بفضل الله أستطيع أن أشفى مرضى السرطان، ولكن ليس عن طريق الحجامة، موضحة أن هناك بعض الأعشاب تشترى من بعض الدول العربية يقوم المريض بغليها وشربها فترة معينة ويشفى بعد ذلك، لكنها رفضت أن تعلن عن أسماء تلك الأعشاب، مؤكدة أن هناك بعض القيادات بمستشفى السرطان طلبوا منها الذهاب للمستشفى، وعرض علاجها على الفريق المعالج هناك لكنها رفضت، متحججة بأنها «مش عايزة تفتح عين الحكومة عليها».
وتقول: «رغم أنى مش باحب الصحافة عشان مش بتجيب غير وجع الدماغ لكن مافيش مانع تكتبى عنى، بس بشرط تأكدى أنى مش دجالة ولا مشعوذة ولا باخد فلوس من الناس.. ده عمل لوجه ربنا».
أحد الجيران واسمه منصور قال: الحاجة سعاد ست بركة ولديها ثلاثة أبناء يعملون بالفلاحة وزراعة الأرض، وهناك أحد أبنائها يساعدها فى بعض الحالات البسيطة، مشيرا إلى أنه ليس بمهارة أمه، ولديها أخ بالبر الغربى بالقرية يعمل بنفس المهنة، ولكن ليس فى مثل مهارتها، وخاصة فى علاج الغضروف.
ويؤكد أن حالتها الأسرية مستقرة إلى حد كبير ولها كلمة مسموعة فى القرية عموماً، وفى الشارع خاصة، وأن أغلب أحفادها يتميزون بحسن الخلق وأولادها أيضا، موضحا أن زوجها رجل كبير فى السن وكان يعمل فى الزراعة وقام أولاده بعد شيخوخته بمتابعة الأرض إلى جانب مساعدة الابن الأصغر لأمه فى حالة تزاحم الناس عليها، موضحا أن هناك المئات من المرضى يترددون عليها وترفض فى أغلب الحالات تقاضى أى أموال من غير القادرين، قائلا: «الغلابة هما إللى ييجوا هنا علشان مش معاهم فلوس للدكاترة».
وأضاف: هناك العديد من العرب يترددون عليها، كما أن صيتها واصل جميع البلدان المجاورة للقرية، وهناك شخصيات مهمة فى الدولة يترددون عليها، رافضا ما يتردد عنها فى بعض من بعض الجيران أنها تتاجر بأمراض الفقراء».
قال عبدالفتاح عيسى أحد المترددين على الحاجة سعاد إنه قام بإجراء عملية الغضروف مرتين، ورغم ذلك عاد له الألم، ولم يشف تماما إلا بعد علاجه على يد الحاجة سعاد، وأكدت زوجته أن روشتات الأطباء، وأسعار العمليات الجراحية كلفتهم أموالا طائلة من غير جدوي.
رحاب سعيد قالت إنها كانت تعانى من آلالام شديدة فى القدم وقد نصحها الكثيرون باللجوء للحاجة سعاد لكن لم تتحسن حالتها رغم ترددها عليها أكثر من ثلاث مرات.
فيما أكد الدكتور مصطفى السيد العالم المصرى أنه لا يوجد علاج للسرطان بالأعشاب كما يثير بعض الدجالين والمشعوذين، موضحا أنه لا يعلم ما نوعية تلك الأعشاب، ولكن العلم يعلم جيدا ما هو السرطان ويعلم كيف نتخلص منه، وذلك عن طريق ضخ نسبة معينة من الذهب على الورم ويشفى بعدها المريض تماما.
وأكد أنه من المقرر اعتماد هذا النوع من العلاج قريبًا فى مصر فى المعهد القومى للبحوث، وجامعة القاهرة بعد أن حصل على تمويل من الدكتور على جمعة لتطبيق البحث الخاص به فى مصر أولاً وليس أمريكا كما يثير البعض.
وأشار إلى أن علاج السرطان فى مصر سيكون قريبا عن طريق محلول الذهب المفتت والذى يطلق علية «نانو» موضحا أنها طريقة علمية ورخيصة للغاية.. حيث يمكن لقطعة من الذهب علاج المئات من المرضى طبقا لحجم الورم، وسوف يكون ذلك المحلول أرخص من الدواء المتداول لمرضى السرطان حالياً.
السيد أشار إلى أن هذا العلاج متدوال فى العديد من دول العالم، وتم بالفعل الانتهاء من جميع التجارب على جميع الحيوانات، والتأكد أيضا أنه لا يوجد له ضرر على باقى الأعضاء كما هو متبع فى بعض الأدوية.
ودعا إلى الابتعاد عن الحاجة سعاد وكل الذين يتاجرون بألم ومرض الناس ويستغلون جهلهم لبيع الوهم.