عرش «خامنئى» تهزه مؤخرة كيم كاردشيان

هالة أمين
فى حملة أطلقها المرشد الإيرانى آية الله خامنئى تحت عنوان «سبايدر2»، ألقت شرطة الآداب القبض على 8 نساء نشرن صورهن من دون حجاب، لتقديمهن إلى المحاكمة بتهمة معاداة الدين الإسلامى، إلى جانب استهداف الكثير من مصممى الأزياء وأصحاب محال الماكياج، وملاحقتهم بتهمة «تشجيع الاختلاط بالثقافة الغربية»، ووصل الأمر إلى حد اتهام نجمة تليفزيون الواقع الأمريكية كيم كاردشيان، بأنها جاسوسة مكلفة بإفساد شباب الجمهورية الإسلامية.
قالت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية: إن شرطة الآداب نفذت حملة «سبايدر 2» أو «العنكبوت الثاني»، التى أطلقها المرشد ليستهدف بها أى محاولة للخروج على التعليمات الصارمة التى حددها فيما يخص المظهر النسائي، معتبرا من ينشرن صورهن من دون الحجاب كأنهن فتيات ليل، ويصدر بحقهن أحكام صارمة بتهمة ممارسة أفعال معادية للدين الإسلامي.
ورغم أن إيران حددت نحو 170 هدفا، فإن عملية القبض استهدفت نماذج خاصة وصل عددهن إلى 8 ليتم استجوابهن فى المحكمة الثورية الإيرانية، ومنهن من نشرت صور زفافها وهى تدعى «إلهام عرب»، ووجهت إليها تهمة «تشجيع الاختلاط بالثقافة الغربية»، وقد حضرت الجلسة وهى تحت الشادور الأسود، وهو زى إجبارى فى إيران منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، إذ تم منع النساء من الخروج دون غطاء على الشعر فى الملأ.
وإضافة الى اعتقال الثمانى نساء، تم فتح قضية جنائية ضد 21 شخصا آخرين، وفتح قاعدة بيانات لأكثر من 300 حساب على إينستجرام والحسابات المتصلة، لرصد أى قضايا مماثلة.
المحكمة أقدمت أيضا على إغلاق حسابات وصفحات المقبوض عليهن على إينستجرام والفيس بوك وتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعى مثل «الناز جولروك»، فنانة ماكياج مهنتها «ماكيير» لديها حوالى 650 ألف متابع.
وكان من ضمن من حددتهم القوات الإيرانية 59 مصورا وفنان ماكياج، و58 عارضة أزياء وموديل، و51 مدير صالون ومصمم أزياء، وهى فئات فنية معروفة ومن المشاهير، ووجهت لهم شرطة الآداب تهم نشر ثقافة غربية وغير إسلامية.
وتساءلت الصحيفة لماذا لم توقف نشاطهم من الأساس، وتغلق الأنشطة الفنية فى البلاد، بدلا من توجيه التهمة على نشر صورهم الفنية والدعائية أو مناسباتهم الخاصة؟ قبل أن تشير إلى أن المحكمة الايرانية ترى أن من واجب القضاء مواجهة أولئك الذين يرتكبون تلك الجرائم بطريقة منظمة.
والغريب أن الاعتقالات التى تطال الفنانين والشعراء والصحفيين والناشطين، زادت معدلاتها فى عهد من يدعى أنه الرئيس الإصلاحى حسن روحاني، كما زاد تشدد القضاء والقوات الأمنية، ومن ضمن المقبوض عليهم نيلوفر بيهودي، ومليكة زماني، ودنيا مقدم، ودانا نيك، وشبنم مولوي، وحامد فدائي.
وفى صورة أخرى من صور الهوس الديني، نشرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية تقريرا تحت عنوان «كيم كاردشيان عدو الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، قالت فيه إن الحرس الثورى الإيرانى يتهم نجمة تليفزيون الواقع كيم كاردشيان، بأنها عميلة مخابرات أمريكية سرية، تعمل على إفساد نساء وشباب دولة آيات الله، عبر نشرها لصورها الاستفزازية على مواقع التواصل الاجتماعي.
التقرير أوضح كذلك أن الحرس الثورى الإيرانى يقول أن من مهماته الموكلة إليه والمكلف بها من قبل المرشد الأعلى آية الله خامنئي، حماية النساء والشباب من التأثيرات التى تعصف بالبلاد من الثقافة الغربية.
واتهم الحرس الثورى فى برنامج إخبارى إيراني، كيم كاردشيان بأنها تتلقى الدعم المادى من وكالة المخابرات الأمريكيةCIA ، وأنها تعمل ضمن مؤامرة الهدف منها إفساد النساء والشباب الإيرانى والتأثير عليهم لإلغاء القيم الإسلامية، من خلال نشر صور شخصية خاصة بهم على شبكات التواصل الاجتماعى لتبادل الصور.
وفى السنوات الأخيرة، كانت النساء الإيرانيات وخاصة فى العاصمة طهران، يرتدين الحجاب الفضفاض على رءوسهن، بحيث يتركن جزءا من مقدمة رءوسهن خارج غطاء الرأس، ما أثار غضب المحافظين فى الجمهورية الإسلامية.
وفى الوقت الذى عملت فيه المملكة العربية السعودية على إيقاف عمل جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أعلنت شرطة طهران نشر 7 آلاف ضابط من الذكور والإناث، يرتدون ملابس مدنية، ويعملون بشكل سري، لفرض قواعد اللباس الإسلامى بتفويض من الحكومة.
وبحسب التقرير فإن الحملة هى أحدث خطوة من جانب السلطات للسيطرة على الحريات والتعبير على الإنترنت فى إيران، وهو ما أدى إلى أن ما يقرب من 40 % فقط من سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة يمكنهم الوصول إلى الإنترنت.
وفى مايو 2014 ألقت السلطات القبض على مجموعة من الإيرانيين نشروا فيديو على شبكة الإنترنت يرقصون على أغنية فاريل وليامز مغنى الراب وعارض الأزياء الأمريكى وتدعى «هابي» أو «سعيد» وكانت الأحكام بالسجن لمدة ستة أشهر و91 جلدة لكل متهم.
ويقول المفكر الإيرانى الإصلاحى محسن كديور: إن ممارسات الملالى حول ارتداء الحجاب وتشديد الرقابة على الإنترنت، أتت بنتيجة عكسية تسببت فى ابتعاد معظم الإيرانيين عن دينهم، مضيفا أنه على الرغم من القمع، فإن أعداد الذين يخرجون من التشيع بل من الدين الإسلامى عموما، ويتوجهون إلى اعتناق مذاهب وأديان أخري، فى ازدياد مستمر، حيث إن الإيرانيين فى الأساس أقل تدينا من معظم الدول الإسلامية فى المنطقة رغم ما تصوره طهران.
ووفقا لأحدث الإحصاءات فإن ما بين 20 % و25 % من الإيرانيين لا يؤمنون بالله، ورغم ما تقوم به الحكومة الإيرانية من وقف بعض التقاليد الثقافية للحضارة الفارسية، فإنها لم تقض عليها، والدليل على ذلك تزايد استهلاك الكحول، وممارسة الجنس قبل الزواج.
وحتى فى الأدب فإن الإيرانيين يفضلون الشعراء والكتاب المتحررين أو الذين تظهر على كتاباتهم صفة البعد عن القيود الدينية، ومنهم عمر الخيام الشاعر الفارسى الذى فسر البعض رباعياته على أنها بعيدة عن تعاليم الله، كونها تدعو إلى اللهو والمجون، وهو محبوب لدى الشعب الإيرانى والأوساط الأكاديمية، ويفضل الكثيرون قراءة أعماله أكثر من قراءة ما كتبه المتصوف جلال الدين الرومى مثلا.
ويفسر خبراء توجه الإيرانيين للثقافة الغربية، بأنه نتيجة لشعورهم بالأفضلية على العرب، فالإيرانيون فخورون جدا بجنسهم الفارسى كنوع من ازدراء متغطرس للعرب، حتى إن الإسلام الذى يمارس فى إيران غرس فيه كثير من قيم الثقافة الفارسية.
وبحسب الخبراء فإن هناك فرقًا شاسعًا بين المجتمع الإيرانى وبين النظام وما ينادى به، حيث إن عدد السكان يسيطر عليه الشباب بأكثر من 75 مليون نسمة، أى أن ثلثى تعداد إيران تحت سن الـ35 عاما، وهناك تقارب واضح تجاه أنماط الحياة الغربية، بما فى ذلك الأزياء والموسيقى والجنس، وهم يحاولون الالتفاف على الحدود المجتمعية وأوامر آيات الله وتشديد الحرس الثورى على الحريات.
والمثير أنه على الرغم من وسائل القمع، فإنه يوجد ما يشبه اتفاق غير رسمى وغير معلن، بين آية الله والشعب الإيراني، فى أن يفعل كل شخص ما يحلو له، ما دام يفعله وراء الأبواب المغلقة.