مناورات الچنرالين فى موقعة «النواب»
محمود صالح
كيف انقلبت العلاقة بين الجنرالين من الود والاحترام إلى الخصومة والتنابز بالألقاب؟!
هذا سؤال اللحظة الراهنة فى الانتخابات البرلمانية، بعدما تحولت تصريحات اللواء سامح سيف اليزل مقرر قائمة «فى حب مصر» واللواء حسام خير الله المرشح عن قائمة «التحالف الجمهوري»، إلى ما يشبه تبادل إطلاق النيران.. من دون هدنة.
قبل شهر كانت العلاقة بين الرجلين «والقائمتين» تبدو طبيعية ولا تخرج عن تأكيد كل طرف أنه يحترم منافسيه، ويتمنى أن تخرج المعركة الانتخابية نظيفة ومشرفة ومتسقة مع قرارات اللجنة العليا للانتخابات، لكن مع دخول قائمة «فى حب مصر» المرحلة الثانية وهى تشعر بنشوة النصر فى المرحلة الأولى على خلفية فوزها بقائمتى الصعيد والإسكندرية، ورغبة القائمين عليها فى تكوين تحالف كبير داخل البرلمان، يضم أكثر من 250 نائبا.
بالتوازى مع ذلك أحست قيادات «التحالف الجمهوري» بأن رموزها تستحق التواجد فى البرلمان وتشعر بحالة «التعالي» فى سلوك وتصريحات «فى حب مصر» التى تنفق بلا حساب وتستبق المواعيد المقررة لبدء الدعاية الانتخابية، وهكذا اندلعت الحرب بين القائمتين فى واحدة من أعنف موجات الهجوم المتبادل، وزاد الموقف سخونة وجود جنرالين سابقين على رأس كل قائمة.
اللواء سامح سيف اليزل والفريق حسام خير الله، كلاهما لا يحمل ودا للآخر، والاثنان سياسيان طموحان كبيران.
وتقول مصادر قريبة من الجنرالين لـ«روزاليوسف» إن كلا من خير الله واليزل يعتبر وجود الآخر على الساحة السياسية خطرا عليه، فكلاهما يعرف الآخر جيدا وكلاهما يحمل للآخر مشاعر سلبية للغاية!
خير الله من ناحيته يرى أن الساحة السياسية المصرية لابد أن تضم مكونا من القيادات الأمنية أو العسكرية السابقة بحجم المخاطر الإقليمية والدولية التى تحيط بمصر، لكنه يرى فى اليزل رجلا ليس مؤهلا لهذا الدور.
وفى حين كانت البادرة الأولى من الهجوم قد جاءت من قائمة «فى حب مصر»، فى أول ظهور علنى للخلاف، حيث تولى أحد المنابر الإعلامية المقربة من سيف اليزل الهجوم على المستشارة تهانى الجبالى ونشر وثيقة كان قد سبق نشرها بكثافة أيام الإخوان تزعم أن الجبالى كانت «محامية سوزان مبارك»، فكان رد خيرالله مباغتا يليق بعقلية رجل مخابرات سابق، حيث قال إن القائمة المنافسة تضم «تاجر دماء».. أربكت هذه الجملة قيادات قائمة «فى حب مصر» ممن سارعوا إلى نفى وجود «هانى سرور» رجل أعمال الحزب الوطنى صاحب قضية «أكياس الدم» الشهيرة فى عصر مبارك ضمن مرشحى القائمة.
ويدفع خيرالله بأن «اليزل» هو المدير الإقليمى لشركة «جى فور إس» وهى واحدة من شركات الأمن العابرة للقارات وتعتبر بديلا قانونيا لـ«بلاك وتر» التى قامت بالفعل بأدوار بالغة السوء داخل العراق فى غضون الغزو الأمريكي.
لم يقل خيرالله ذلك بصراحة، وإن كان قد أصاب هدفه بإرباك قيادات «فى حب مصر» مما دفعهم إلى موجة من الهجوم العنيف ضد كل رموز «التحالف الجمهوري».
سامح سيف اليزل من ناحيته يرى أن عبارة واحدة جاءت فى إحدى مطبوعات الدعاية لقائمة «التحالف الجمهوري» كفيلة بأن ترد «فى حب مصر» بأعنف طريقة.. قال سيف اليزل هذا فى اجتماع تنسيقى للقائمة وأخرج قصاصة مصورة من أوراق الدعاية مكتوبًا فيها «صوتك لقائمة التحالف الجمهورى لأنك مثلنا ضد نفايات الماضى الملوث.. أى عصابة رجال الأعمال الذين تزوجوا السلطة الفاسدة خلال الأربعين عاما الماضية والذين نكن لهم كل احتقار لأنهم عمود خيمة الفساد الذى يعيش بسببه 40 % من المصريين تحت خط الفقر، معتبرا هذه الجملة غمرا من قناة «فى حب مصر» تحديدا فى ظل الاتهامات المتتالية لها من أعضاء وقيادات التحالف بأنها تضم قيادات الوطني، ورجال الأعمال وتعتمد على قوة المال ليس إلا.
وتصاعدت بعد هذه الجلسة الحرب بين القائمتين وبين الجنراليين على وجه الخصوص.. ونشرت صفحات السوشيال ميديا التابعة لقائمة فى حب مصر أن حسام خيرالله ينتحل صفة «الفريق» وأنه لم ينل هذه المرتبة فى حياته العسكرية، وردت صفحات تابعة لـ«التحالف الجمهوري» أن حسام خيرالله وصل إلى درجة «وكيل أول جهاز المخابرات» وهى تعادل رتبة الفريق، ونشرت أن حسام خيرالله له تاريخ عسكرى كبير، حيث شارك فى حرب اليمن وفى حرب أكتوبر وتولى رئاسة هيئة المعلومات والتقديرات، وألمحت فى نفس الوقت إلى الخروج الغامض لـ«العميد سامح اليزل» من عمله فى المخابرات، مؤكدة أنه لم يكن «لواء» فى يوم من الأيام.
الطموح الحقيقى للرجلين يختلط بمخاوف.. فكلاهما يطمح إلى رئاسة لجنة الأمن القومى بالبرلمان، حيث يعتبر الاثنان ذلك أفضل تتويج لمسيرتهما المهنية.
واليزل قال إنها اللجنة التى «يضع عينه عليها» فى حين لم يصرح بذلك خيرالله وإن أكدت مصادر مقربة منه أنه فى حال دخوله البرلمان ستكون رئاسة اللجنة هى شغله الشاغل.