الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الشيطان «فريمان» يبحث عن الله فى مصر

الشيطان «فريمان» يبحث عن الله فى مصر
الشيطان «فريمان» يبحث عن الله فى مصر


لا حديث فى الشارع السينمائى خلال الأسبوع الماضى إلا عن زيارة المخرج الأمريكى العبقرى الشهير «مورجان فريمان» وتداول صور له فى مناطق متفرقة فى مصر منها الحسين وخان الخليلى ومصر الفاطمية والأهرامات والأقصر.
المخرج الشهير سبق زيارته أنباء عن شروعه فى تصوير فيلم وثائقى يحمل عنوان قصة الله أو «STORY OF GOD» وأن مصر أحد الأماكن التى ستظهر فى فيلمه إلى جانب تصريحاته الملحدة عن وجود الله.. وكل هذه الكواليس دفعت الكثيرين للانزعاج من وجوده خصوصًا بعد خروج رئيس الرقابة المصرية برفض فريمان بحجة عدم وصول سيناريو للفيلم كما هو متبع، وأنه تجاوز المتعارف عليه.

فى المقابل اعتبر السينمائيون زيارته مهمة ولابد من استثمارها على مستوى السياحة أو السينما، والغريب أن السفارة الأمريكية لا تعلم عن الزيارة شيئًا رغم إعلان وزارتى السياحة والآثار علمهما بالزيارة الغريبة ومازالت الزيارة محل شكوك وانتقادات.
قصة الفيلم تتضمن أجزاء الأول فيها عن بعض معتقدات الشعوب وأفكارهم عن الله، والألوهية، وتبدأ الرحلة والتى يقوم فيها «فريمان» بدور الراوى بزيارة بعض المواقع الدينية الأكثر شهرة فى العالم بدءاً من أمريكا تحديدًا من أكبر كنيسة فى تكساس كنيسة لايكوود وهى واحدة من أكبر الكنائس البروتستانتية التبشيرية فى العالم وتضم حوالى 40 ألف عضو مرورًا بتركيا تحديدًا فى منطقة «تشاتال هويوك»، الواقعة على حدود بلدة كاراتاى بمدينة قونية وسط تركيا والتى أسس فيها نحو 8 آلاف شخص فى العصر الحجرى مدينة سكنية وهى منطقة أثرية فريدة وتعد واحدة من المناطق التى شهدت تفاعل الإنسان مع البيئة والحياة الطبيعية وإطلال العشر آلاف عام «بجوبيكلى تيبي» بعدما قرروا الاستقرار ثم حائط المبكى فى القدس ومعبد المايا وشجرة بودى فى الهند!
مصر لم يكن كما هو واضح من الأخبار التى انتشرت عنه فى حسبان القائمين على سلسلة الأفلام التى تتحدث عن الله لكنهم وجدوا قصورًا كبيرًا فى سلسلة حلقات تطور معرفة الإنسان بالله وأرست ديانة التوحيد وقصة الخلق وتطور الديانات إذا أغفلوا وجود مصر تحديدًا مصر الفرعونية، لكن الغريب والمريب حقًا هو أن المكتب الصحفى والإعلامى بالسفارة الأمريكية فى تصريح خاص لـ«روزاليوسف»  أكد أنهم لم يكونوا يعلمون بوجود «مورجان فريمان» فى مصر، وأنه فى زيارة تستغرق خمسة أيام، الأغرب حسب قول المكتب الإعلامى أنهم علموا بوجوده من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى ولا يعرفون عن المهمة التى يفعلها هنا فى مصر!
المعلومات التى حصلنا عليها أيضًا أكدت أن العاملين معه والذين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة يحملون معدات تصوير خاصة بالقناة لكنهم دخلوا بوصفهم سائحين وليس من أجل تصوير فيلم.
ونفت الرقابة على المصنفات الفنية ورئيسها عبدالستار فتحى ونقيب الممثلين أنهم حصلوا على تصاريح من أجل التصوير، رغم أن الزيارة مدعومة من وزارة السياحة على رأسها وزير السياحة هشام زعزوع الذى أكد ترحيب الحكومة المصرية به بالتعاون مع هيئة الاستعلامات للترويج للسياحة وجذب الضيوف الأجانب إلى مصر، ولم يتطرق الوزير للتصاريح والمبالغ المالية التى يجب أن تدفعها الجهة المنتجة الممثلة فى ناشيونال جيوجرافيك للحكومة المصرية خاصة أن واقعة مشابهة حدثت فى فيلم «نوح» حيث حصل فريق العمل على كل التصاريح والإجازات عدا تصريح إجازة السيناريو مما عرض الفيلم للمنع فى مصر.
«زيارة مورجان» أحدثت انقسامًا لدى الرأى العام، فرئيس الرقابة على المصنفات الذى أبدى تخوفه الشديد من التجاوز فى الذات الإلهية خاصة أن «فريمان» لديه فيلمان سابقان أحدهما كوميدى «بروس تعالي» مع جيم كارى وجنيفر أنيستون وقد جسد فيه دور الله، ثم فيلم «إيفان عز وجل»!
«فريمان» ظهر فى شوارع قاهرة المعز وخان الخليلى ومقهى الفيشاوى كسائح وتضمنت أجندة زيارته زيارة منطقة سقارة والمتحف المصرى ورحلة نيلية فى القاهرة وزيارة للأقصر ومقابر وادى الملوك.
ويبدو أن الشركة المنتجة ستكتفى ترشيدًا للنفقات أو لأسباب أخرى بظهور «مورجان» كسائح عادي، وترك الأمر برمته للتعليق فى الاستديو الخاص بهم وانتهى الأمر، وبالتالى ضياع أموال كبيرة على مصر فى حالة تصويره مشاهد بها.
تفكير الشركة بهذه الطريقة فهى بالتالى سوف تتجنب الكثير من المعوقات ودفع الأموال وأيضًا منح حرية الحركة والتعبير له مع الاحتفاء بالنجم صاحب الأوسكار وتحت رعاية وزارة السياحة التى ترى أن وجود نجم بحجم مورجان فريمان فى مصر يمثل ما وصفوه بالقوة الناعمة لما لها من أثر إيجابى فى تحسين الصورة الذهنية للأجانب وترويج للمقصد السياحى المصرى مؤكدًا أن وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة الآثار سوف تقدم لفريمان فى منطقتى الأهرامات وأبو الهول دعما وترويجا لمنتج السياحة الثقافية.
وهذه الطريقة الماكرة قد اتبعتها الشركة المنتجة فى تركيا أيضًا وكنيسة تكساس.
وسلسلة «قصة الله» من المنتظر أن تبث على ناشيونال جيوجرافيك فى 171 دولة بـ45 لغة وتحاول فى كل حلقة تناول فكرة وجود الله ومعتقدات الناس عنه بأشكالها المختلفة، ومحاولة استكشاف موضوعات مثل سر الخلق، السلطة الحقيقية، استمرارها أو توقفها فى زمن معين، وعد الغفران، الإلهى للخاطئين، يوم القيامة وفكرة الدين والتدين.
وإذا كان البعض يرون أن وجود فريمان فرصة ذهبية للترويج السياحى بغض النظر عما يقدمه والبعض الآخر يرونها فرصة لجذب مزيد من تصوير الأفلام بعد أن سحبت المغرب ودبى البساط الفترة الأخيرة من مصر بتسهيلاتهما واحتفائهما بالنجوم وطاقم التصوير.
فى المقابل أبدى عدد من المتخصصين فى الشأن السينمائى تخوفهم بما سيقدمه فى مصر من معلومات مغلوطة وغير صحيحة خاصة أنه لم يصور فى كنيسة قبطية ولم يتطرق إلى الدين الإسلامى السنى فى مصر وأن زياراته كانت لمساجد شيعية.
والمعروف عن فريمان الذى جسد شخصية الشيطان فى أحد أعماله السينمائية وباعترافه أنه يشكك منذ وقت طويل فى وجود الله الذى يعتبره من أكبر الألغاز التى فشل الإنسان فى حلها وواحدة من الأفكار العصية على الفهم البشرى حتى الآن، وأن لديه شكوكاً كبرى حول الأديان عمومًا وأن لديه تأملات شخصية سوف يلقيها فى جميع أنحاء المغامرة أى سلسلة الحلقات عن قصة الله.
وبعد الانتهاء من زيارة مصر سيطير مورجان فريمان وطاقمه إلى إسرائيل لتصوير «حائط المبكي» المعروف عن فريمان عدم اتخاذه موقفا عدائيًا طوال مشواره تجاه إسرائيل عكس الكثير من زملائه النجوم فهو مرحب به فى إسرائيل فى أى وقت ورغم وجوده فى القدس إلا أنه تجاهل تصوير كنيسة المهد وقبة الصخرة والمسجد الأقصى والاكتفاء بتصوير «حائط المبكي» فى خطوة تبدو غريبة بعض الشيء فى رؤية الفيلم وبنائه الفكرى والدرامي!
سينطلق فريمان بعدها إلى الهند لتصوير شجرة «بودي» متجاهلاً، الديانات الروحانية وغير الروحانية التى تزخر بها الهند مكتفيًا أيضًا بأكثر المعتقدات بدائية وهى الشجرة ثم معبد المايا الوثني.
منتج الفيلم «لورى ماكريري» قال إن الله هو بلا شك أهم قضية فى عصرنا، بينما أضاف رئيس شركة مونرو كونترى الجغرافية الوطنية والمشاركة فى الإنتاج أن «قصة الله» ستكون رحلة ملحمية شديدة الخصوصية لفهم الولاء الدينى للجنس البشرى والطقوس التى يمارسونها للتقرب إلى الله وتطورها، والسلسلة هى خليط من العلم والتاريخ والإنثروبولوجيا بحث فريد ورائع عن تاريخ الأديان والروحانيات من خلال مختلف التيارات وإيمانهم.
قناة ناشيونال جيوجرافيك المنتجة للعمل من جانبها أحاطت بقدر عال من السرية بحيث لا يعرف كل فريق مسافر إلى دولة ما فعله الفريق الآخر فى الدولة الأخرى كما أنها تمنع التصوير وترفض الإفصاح عن تفاصيل الاستعانة بنجوم آخرين أو وجود مؤثرات حركية أو لفظية فى الأفلام، واكتفت بتأكيد أن السلسلة ستكون شديدة الإبهار وأنها فريدة من نوعها بسبب خلطتها الفريدة مزيج من السحر والإيمان والمعجزات.