السبت 28 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أزمة «التوك توك» بين رئيس الحكومة والمحافظ

أزمة «التوك توك» بين رئيس الحكومة والمحافظ
أزمة «التوك توك» بين رئيس الحكومة والمحافظ


ما بين دعوة رئيس الحكومة إبراهيم محلب إلى خريجى الجامعات ألا ينتظروا من الدولة توظيفًا، والمبادرة إلى العمل «سائقى توك توك» وقرار محافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد بحظر تلك الوسيلة الشعبية للمواصلات، يضرب الملايين من سائقى «التكاتك» كفًا بكف لا يعرفون ماذا تريد الحكومة؟ هل تشجع هذه المهنة أم تحاربها؟

وإلى جانب السائقين، يستقبل قطاع من الشباب دعوة محلب بإلقاء النكات، على شاكلة ما كتبه أحدهم على صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعى «فيسبوك» «بعد 14 سنة ثانوية عامة يقول لى توك توك»، فيما يرى البعض الآخر أنها دعوة منطقية، لتوفير الرزق الحلال، هذا فى الوقت الذى تنقسم الآراء أيضًا بشأن قرار الحظر بالقاهرة، ففى حين يشيد مواطنون بالأمر كونه سيساهم فى استعادة الانضباط المروري، ينتقده متضررون على اعتبار ألا وسيلة مواصلات قادرة على دخول الحوارى الضيقة والشوارع الوعرة سوى التكاتك.
وحسب آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن عدد التكاتك على مستوى الجمهورية بلغ نحو ستة ملايين عام 2010، والمؤكد أن هذا الرقم ارتفع ارتفاعًا كبيرًا الآن، مما يعنى أن قرار الحظر سيضر قطاعًا لا يستهان به من المواطنين، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن السائقين بالضرورة يعيلون غيرهم.
ويقول عاطف عيد، الذى يعمل سائقًا، ويبلغ من العمر 25 عامًا: «أنا حاصل على شهادة فوق متوسطة، وأقود الـ«توك توك» بمنطقة حدائق المعادي، وما أستطيع تأكيده أن أحدًا أيًا من يكون لن يستطيع تطبيق قرار الحظر، وعلى الرغم من إصدار المحافظ له، إلا أن رجال المرور لن يطبقوه، هذا قرار يجافى المنطق، وسأحارب حتى الرمق الأخير إذا فكر أحدهم أن يسلبنى مصدر رزقي.
ويمضى قائلاً: أوضاعى الاجتماعية «ضاد جيم»، أعيل والدى المقعد بعد حادث منذ خمس سنوات، أعمل 18 ساعة يوميًا، والوظائف ليست لأبناء الفقراء، كل التصريحات الوردية عن إتاحة الفرص للجميع «كلام أجوف»، حتى أن رئيس الحكومة قال مؤخرًا إن على الشباب أن يعملوا «سائقى توك توك»، فكيف يخرج مسئول بقرار ينفى قرار رئيس الحكومة؟
محمد جمال البالغ 32 عامًا، ويعلم سائقًا بمنطقة المطرية، يقول: التوك توك هو مصدر رزقى الوحيد والخوف الآن ليس فقط من أن يصل «حى المطرية» القرار، ولكن من زيادة أعداد المركبات الآتية من مناطق الحظر للعمل فى المناطق غير المشمولة بالقرار، مما سيؤدى إلى وجود موقف كامل ويصبح المكان أكثر ازدحامًا، فإذا منعه من المناطق العشوائية، أكثر من 80 بالمائة من السائقين بالمناطق العشوائية سينتقلون إلينا.
ويشير إلى الحوادث الشهيرة عن «التوك توك» وتورط السائقين فى جرائم سرقة واغتصاب فيها الكثير من المبالغات، ونحن نقول للمسئولين قننوا أوضاع جمهورية التوك توك فأعدادنا وصلت إلى الملايين، وسوف نقبل بتلك الشروط ونلتزم بها ولكن لن نترك التوك توك، كما أن رئيس الوزراء حث الشباب على ركوب تلك المركبات لعدم توافر الوظائف الحكومية، فى حين أن محافظ القاهرة أصدر قراراً بحظرها فإذا كانت الحكومة متضاربة ماذا نحن بفاعلين؟!
ويقول الحاج صالح إبراهيم مالك عدد من التوك توك بمنطقة إمبابة أن المشروع مربح، ويحقق خلال اليوم أكثر من 500 جنيه والشارع فى حاجة إلى تلك «المواصلة» ولا غنى عنه، ويعمل معى من الشباب خمسة فى شكل ورديات فى الصباح والمساء ينفقون على بيوت خمس أسر، بالإضافة إلى أسرتي.
ويرى أن هذا النشاط الاقتصادى خرج من رحم معاناة الشباب مع البطالة، مضيفًا: لم نتراجع عنه مهما صدرت قرارات من المسئولين من محافظتى الجيزة والقاهرة، فهم لا يعيشون مثل عيشتنا.
ويقول: مستعدون للتنازل عن المركبات فى حال وفرت الحكومة لملايين الشباب فرص عمل ووفرت لنا الملاك التعويض المناسب، مشيرا إلى العشرات من التجار الكبار يأخذون مشروع التوك توك  تجارة كبيرة، ومنهم من يملكون أكثر من عشرين «توك توك».
ويوضح أن مالك التوك توك يحصل على 70 جنيهًا مقابل الإيجار عن الوردية الواحدة، ولا يشترط فى السائق أى شروط سوى تقديم بطاقة الرقم القومي، وهناك أطفال يقودون المركبات.
فى المقابل رفض سكان المطرية وإمبابة ودار السلام والزاوية قرار المحافظ، مؤكدين أنهم يعتمدون على التوك توك فى جميع تحركاتهم خاصة فى الشوارع الضيقة، خاصة أن أسعاره أرخص قياسًا بسيارات الأجرة.
وتقول صباح حمدى إحدى الموظفات: إن «التوك توك» أصبح أفضل وسيلة لربات البيوت وكبار السن، كما أنه يحل مشكلة تلاميذ المدارس الذين أصبحوا يفضلونه على ركوب الحافلات، لذلك نحن نطالب باستمراره، خاصة فى المناطق الشعبية، على الرغم من تعرضى للسرقة من خلال إحدى المركبات من قبل بمنطقة دار السلام ولم أستطع الإمساك باللص السائق إلا أنه من الوسائل التى ساعدتنا ككبار فى السن كثيرًا لأنه يعتبر الوسيلة الأرخص والتى توصلك حتى البيت مقابل 10 جنيهات على الأكثر، كما أن الأطفال الصغار يفضلون ركوبه عن الأتوبيسات الخاصة وأصبحت أنا وعدد من سكان المنطقة نشترك مع أحد سائقى «التوك توك» لتوصيل الأطفال إلى المدارس يوميًا بمقابل مادى شهري، ويكون الأطفال فى غاية السعادة لذلك.
  وسائل المواصلات
من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادى حمدى عبدالعظيم، أن «التوك توك» أصبح من وسائل المواصلات الأكثر أهمية فى مصر، خاصة لسكان القاهرة، وأصبح لا يمكن الاستغناء عنه فى القارة والمحافظات.
ويقول إن رؤية المحافظة للتوك توك كوسيلة لنقل المواد المتفجرة هو دليل صريح على عجزها وفشلها فى توفير الأمن للمواطنين فلابد من إيجاد حلول قوية لحل الأزمة وليس إصدار قرارات كهذه.
ويمضى قائلاً: إن هناك العديد من المناطق التى تعتبر تجارية كالعتبة والموسكى تكون فى أمس الحاجة إلى تلك المركبات لسهولة النفاذ عبر الحوارى الضيقة لنقل البضاعة، وهو وسيلة اتجه إليها الشباب منعًا للبطالة، وقرار حظر التوك توك سيترتب عليه زيادة معدلات البطالة فأعداد تلك المركبات تصل إلى الملايين فكيف يتشرد هؤلاء الملايين لزيادة طوابير البطالة؟
ويشير إلى أن الآثار السلبية التى ينتجها هذا القرار لا تتوقف فقط عند البطالة، ولكن تصل إلى زيادة معدل الجريمة الذى قد يدفع الشباب إلى ارتكاب الجرائم أو استغلالهم فى أعمال العنف، فإذا أرادت الدولة تنفيذ القرار عليها أن تجد البديل أولاً لهؤلاء وإلا فستكون هناك كارثة اقتصادية أيضًا.