الثلاثاء 6 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

11 ألف طفل محارب فى الحرب الأهلية بجنوب السودان!

11 ألف طفل محارب فى الحرب الأهلية بجنوب السودان!
11 ألف طفل محارب فى الحرب الأهلية بجنوب السودان!


دفع عدم الاستقرار السياسى فى جنوب السودان أطراف الحرب الأهلية الدائرة هناك إلى تجنيد الأطفال لسد النقص فى القوات المقاتلة. وتتهم جهات خارجية وداخلية كلا من الحكومة برئاسة سلفا كير ميارديت، وقوات المعارضة بقيادة نائبه السابق والمعارض رياك مشار، بتجنيد الأطفال طوعا أو كرها. وتقول جريدة «الإندبندنت» البريطانية: رغم  التجنيد القسرى للأطفال فى الحرب الأهلية الدائرة فى جنوب السودان، فإن هناك عوامل أخرى تدفع الأطفال للانضمام إلى المتمردين أو القوات الحكومية طوعا.

 أحد الصبية، البالغ من العمر 12 عاما، أخبر منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف» بأنه انضم للجيش لأنه يحس ببساطة أنه أفضل مكان للعيش.
ويقول إخصائى حماية الأطفال فى الـ«يونيسيف» ندوربور مورلو، إن «بعض الأطفال ينظر إلى التجنيد فى الجيش كنوع من الوظيفة، وإن الأهل يدفعونهم فى بعض الأحيان للانضمام لقوات الجيش أو المتمردين».
وكلما استعر القتال اشتدت الحاجة إلى قوى بشرية للعمل فى الجيش، ويصبح الأطفال أكثر الشرائح المستهدفة فى بلد نصف سكانه تقريبا دون الـ15 من العمر، كما أن بعض الأطفال ينضمون إلى صفوف الجيش أو المتمردين لأنهم يريدون أن يثأروا لأسرهم أو أقاربهم، فقبل بضعة أسابيع، كان «أكوم»، البالغ من العمر 14 عاما، يعيش مع والدته وأخيه الأكبر فى مخيم قذر فى قاعدة للأمم المتحدة بمدينة ملكال، وفروا من منزلهم فى المدينة بسبب الحرب الأهلية. وشاهد «أكوم» بنفسه القسوة والوحشية التى تصاحب القتال، فقد كانت هناك عمليات قتل جماعى واغتصاب، وفر جميع السكان، ووجد بعضهم الأمان النسبى فى مجمع الأمم المتحدة.
يروى «أكوم» قصته بأنه كان هو وأحد جيرانه عائدين إلى المدينة من قاعدة الأمم المتحدة على أمل استعادة بعض الأغراض من منزليهما. ويضيف: «كان جارى يحمل طعاما ودقيقا، استوقفنا بعض الرجال الذين ظنوا أننا ننهب المنازل، أمرونا بالجلوس على الأرض، وفى هذه الأثناء تجادل اثنان منهم فيما إذا كان يجب قتل الفتى أم لا، ثم جاء رجل ثالث وأطلق عليه النار من الخلف، صرخت بأعلى صوتى، لكنهم طلبوا منى الابتعاد من المكان، قتلوه لأنه كان أكبر منى، ولهذا أصررت على الانتقام له».
وانضم أكوم للميليشيا وتلقى تدريبا عسكريا عن كيفية استخدام البندقية، ولايزال «أكوم» ينتظر الفرصة المناسبة للانتقام لجاره.
أحد رجال الميليشيات دافع عن استخدام الأطفال فى النزاع الجارى، رغم أنه يوافق على أن يكون الأطفال فى المدرسة، وليس فى ساحة المعركة. ويقول إنه «لا يتم وضع الأطفال على خط المواجهة، وليس لديهم أسلحتهم الخاصة». ويضيف: «إنهم يقدمون المساعدة فى أشياء، مثل تقديم الماء للجرحى أو غسل الأوانى، فهم متطوعون فى الانضمام إلينا، وليسوا خائفين من أن يصبحوا جنودا». وتقول إحدى الأمهات إن ابنيها (13 و14 عاما)، انضما طوعا لقوات الحكومة فى أواخر ديسمبر عام .2014 وتؤكد أم أخرى أنها تبعث ابنها البالغ من العمر 13 عاما إلى ثكنة عسكرية بعد أن غادر قاعدة الأمم المتحدة فى ملكال. وتقول إنه رفض العودة إلى المنزل.
لكن بعض الأطفال يتم تجنيدهم قسرا، وتقول امرأة شابة إن قوات مسلحة اختطفت شقيقها البالغ من العمر 11 عاما قبل 25 ديسمبر 2014 خلال وجوده بجانب بركة مياه بالقرب من قاعدة للأمم المتحدة. وتحدثت الأم فى وقت لاحق عن طريق الهاتف لابنها، الذى كان فى ثكنة فى ملكال.
ووصفت إحدى النساء كيف اعتقلت القوات الحكومية ابنها البالغ من العمر 13 عاما فى يناير هذا العام بالقرب من ضفة النهر عندما كان يحمل بضاعة ليبيعها فى السوق، وتحدثت أم أخرى عن اختطاف ابنها من قبل الجيش فى مدينة ملكال ولا تدرى أين هو الآن. وزعم أحد الشباب أنه تعرض للاختطاف بواسطة شاحنة تابعة للجيش مع ستة أطفال صغار أعمارهم ما بين 13 و16 عاما، واقتيدوا جميعا إلى منطقة يشتد فيها القتال. ويقول: «عندما وصلنا إلى منطقة كوكا، حيث يجرى القتال أمرونا بالاشتراك فى القتال وأعطونا أسلحة، وملابس رسمية».
كان الطفل ستيفن و80 من زملائه فى مدرستهم فى مايو الماضى عندما حاصر المتمردون الفصول الدراسية لاقتياد الأطفال لتجنيدهم فى الجيش. ويتذكر الطالب ستيفن لحظة اقتياده مع زملائه إلى مكان ما ليصبحوا أحدث الأطفال المجندين فى حرب أهلية دامية بجنوب السودان. ويروى ستيفن وثلاثة من زملائه قصصا مماثلة. وتراوح أعمار المجندين بين 12 و17 عاما. ويروى أحد الصبية كيف يجبرونهم على التدريب على القتال، ويقول: «إذا رفضنا أن نفعل ذلك نتعرض للضرب بشدة». ويضيف: «عندما نتحرك ويكون بعضنا مريضاً يتركونهم هناك ليموتوا حيث سقطوا». وسأل أحد الصبية عن سبب تجنيده وردوا عليه بأن عليه أن يدافع عن قبيلته.
يتم تجنيد الأطفال رغم حظر قانون الطفل فى جنوب السودان عام 2008 تجنيد الأطفال، إذ يحدد هذا القانون سن الـ18 حدا أدنى لأى تجنيد أو تطوع فى القوات المسلحة أو الجماعات. ويعد تجنيد أو استخدام الأطفال دون سن الـ15 من قبل أطراف النزاع جريمة حرب بموجب قوانين الحرب، يخضع بموجبها القائد للمساءلة الجنائية.
وتقدر إحصاءات الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 11 ألفا من الأطفال تم تجنيدهم فى هذه الحرب من كلا الطرفين المتحاربين. وتطرقت منظمات حقوقية إلى هذه المسألة فى سبتمبر 1995 فى بيان صحفى، ذكرت فيه أن الجيش الشعبى «ظل يتبنى منذ فترة طويلة سياسة فصل الأطفال عن ذويهم لأغراض عسكرية، وأن آلاف الأطفال ذهبوا إلى معسكرات اللاجئين فى إثيوبيا آملين فى الحصول على تعليم جيد، والحصول على تدريب عسكرى فى منشآت عسكرية منفصلة، إلا أن الحركة ظلت تنكر هذه الممارسات».
ووثقت المنظمات أيضا رفض نائب الرئيس السودانى الراحل جون جارانج المتكرر التعاون مع برنامج منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف» للم الشمل، مصرّا على الاحتفاظ بالصبية فى مؤسسات عسكرية مغلقة لاستدعائهم عند الضرورة.
وتعمل الـ«يونيسيف» مع الحكومة لرعاية الأطفال وإعادة دمجهم مرة أخرى فى مجتمعاتهم. ونفى المتحدث العسكرى باسم جيش جنوب السودان الحكومى، العقيد فيليب أجوير، تجنيد الأطفال، مصرّا على أن هناك أوامر دائمة تمنع الجيش من تجنيد الأطفال. وإذا حانت للأطفال فرصة للهروب عندما تم إرسالهم لجلب الماء والنار والحطب، وساروا على أقدامهم أياما. وكانوا يربطون أنفسهم فوق الأشجار ليلا ليتمكنوا من النوم بأمان. ووصلوا فى نهاية المطاف إلى مخيم للأمم المتحدة فى مدينة بانتيو، الواقعة فى شمال جنوب السودان. وهنا واجهتهم مشكلة، فإذا حاولوا مغادرة المخيم والسير مسافة قصيرة داخل المدينة فقد يتعرضون للرصد من قبل الجنود وتتم معاقبتهم كجنود فارين من القتال.
وتقول «التايمز» البريطانية إن مجموعة متمردة فى جنوب السودان سرحت خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من 300 من الجنود الأطفال، مما أعطى دفعة قوية لجهود الأمم المتحدة الرامية لإنقاذ آلاف الأطفال من براثن الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين. وسلم فصيل «كوبرا» التابع للجيش الديمقراطى لجنوب السودان المتمرد 350 طفلا مجندا على الأقل فى نهاية الأسبوع الماضى لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف» كجزء من اتفاق سلام بين الحكومة وهذا الفصيل المتمرد. ويلزم الاتفاق فصيل «كوبرا» بإطلاق سراح مجموعة مكونة من 3000 طفل مجند قبل دمج مقاتليه فى الجيش الوطنى. ويعد هذا التسريح هو الأكبر من نوعه منذ اندلاع النزاع الجارى فى ديسمبر عام ,2013 ما أدى إلى طفرة فى تجنيد واستخدام الأطفال فى الجيش، إلا أن وضع الجنود الأطفال لايزال حرجا مع حوالى 12 ألف طفل لايزالون يقاتلون فعليا مع الطرفين المتقاتلين؛ الحكومة والمتمردين.∎