الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عملية المقاومة فى شبعا لن تكون الأخيرة

عملية المقاومة فى شبعا لن تكون الأخيرة
عملية المقاومة فى شبعا لن تكون الأخيرة


قبل الحديث عن العملية الأخيرة التى نفذتها المقاومة الإسلامية على أطراف مزارع شبعا ضد قوات الاحتلال الصهيونى والتى أدت إلى قتل جنديين وإصابة سبعة آخرين حسب اعترافات المصادر العسكرية الصهيونية، وقبل الدخول فى تحليلات الموقف والاحتمالات المستقبلية وردود الفعل المحتملة على هذه العملية النوعية والناجحة، لا بد من الحديث عن المزارع ووضعها ليتسنى للقارئ الإحاطة الشاملة بالموضوع.

مزارع شبعا هى الأرض الزراعية التابعة لبلدة شبعا اللبنانية والتى لديها نائب فى مجلس النواب اللبنانى حاليا، إلا أن بعد هذه الأراضى عن بلدة شبعا واتساع مساحتها فرضت على أصحابها وهم جميعهم من أبناء شبعا اللبنانية ويحملون الجنسية اللبنانية بتحويلها إلى مناطق سكن وإقامة أثناء فصول الزراعة فتحولت إلى 14 قرية صغيرة سماها أصحابها المزارع. وبحكم موقعها الجغرافى المحاذى للجولان السورى المحتل وبحكم الموقع الاستراتيجى لهذه المزارع وغناها بالموارد المائية (يوجد فيها 23 ينبوع مياه دائماً وموسمياً) والموارد الزراعية ووجود قمم عالية تشرف على لبنان وسوريا (قمم جبل الشيخ التى ترتفع بين 2600 و2800 متر) أقدمت إسرائيل على احتلالها وقضمها تدريجيا بعد احتلال الجولان مباشرة عام 1967 واستمرت فى عمليات الاحتلال والقضم لغاية عام 1972 حيث أقامت بعدها سياجا شائكا حولها وأقامت فيها المراكز العسكرية ومراكز الرصد والتنصت وبنت فيها محطة ومدرسة للتزلج.
ونتيجة لتقصير الدولة اللبنانية والحكومات المتعاقبة فى طرح هذه القضية والاهتمام بها نشأت هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا (مؤسسة من مؤسسات المؤتمر الشعبى اللبنانى برئاسة الأستاذ كمال شاتيلا) منذ أكثر من ثلاثين عاما وحملت هذه القضية إضافة، إلى القضايا الأخرى، وناضلت من أجل إثبات حق لبنان بهذه المزارع وحق أهلها بها من خلال وثائق الملكية الرسمية والدراسات القانونية والتاريخية والإدارية التى أثبتت من خلالها أن هذه المنطقة لبنانية مائة بالمائة وهى أراض لبنانية ما زالت محتلة من قبل العدو الإسرائيلى وهى جزء من القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن عام 1978 والذى يطالب إسرائيل بالانسحاب من كل الأراضى اللبنانية دون قيد أو شرط.
وبعد الاندحار الإسرائيلى عن جنوب لبنان عام 2000 أصر لبنان على إبقاء مزارع شبعا وتلال كفر شوبا خارج خط الانسحاب الإسرائيلى الذى عرف بالخط الأزرق، وبناء على ذلك اعتبرت المقاومة أن حقها المشروع وحق اللبنانيين يبيح لهم استخدام كل الوسائل لتحرير ما تبقى من أرضهم المحتلة فى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والغجر. وتحولت هذه المناطق إلى مسرح للعمليات والقصف المتبادل بين المقاومة الإسلامية فى لبنان وبين قوات الاحتلال الإسرائيلية لغاية تموز عام ,2006 حيث دخل عامل جديد وهو القرار 1701 أو ما يسمى بتفاهم 2006 حيث تم تعزيز قوات الأمم المتحدة فى كل مناطق الجنوب وفرض هذا التفاهم عدم التواجد المرئى والعلنى لحزب الله والمقاومة جنوب نهر الليطانى، ولكن بقيت مزارع شبعا منطقة ربط نزاع، حيث تنفذ فيها المقاومة عمليات محدودة وتذكيرية ضد الاحتلال.
وبناء على ما تقدم نفذت المقاومة عدة عمليات قبل العملية الأخيرة ومنها العملية التى نفذتها المقاومة فى المزارع فى شهر تشرين الثانى (نوفمبر) عام 2014 ودمرت فيها آلية وجرحت جنديين إسرائيليين.
إذا، العملية التى نفذتها المقاومة كانت ردا على اغتيال إسرائيل لستة كوادر من حزب الله وجنرال إيرانى فى الجولان، لكن بالمضمون وقعت العملية فى منطقة لبنانية محتلة ولا تخضع للقرار ,1701 وبالتالى لم يحصل خرق لهذا القرار - التفاهم الذى صدر عام .2006
ومن جهة ثانية، فإننا نعتبر أن هذه العملية هى عملية مباركة وتعتبر حقا طبيعيا للمقاومة وللبنان ولأبناء شبعا والعرقوب مادام الاحتلال جاثما على جزء غالٍ من أرض الوطن.
ونرى أيضا أن العملية تعيد تصويب البوصلة باتجاه قضية مزارع شبعا المحتلة التى يجب تحريرها بكل الوسائل المتاحة لأن العدو لا يفهم إلا لغة القوة كما قال الزعيم جمال عبدالناصر.
فى خلاصة الأمر إننا نرى أن الموقف الإسرائيلى لا يحتمل حاليا أكثر من الرد الشكلى الذى حصل من خلال القصف المدفعى لبعض المرتفعات دون وقوع أية إصابات مدنية، وهذا تأكيد لاحترام قواعد الاشتباك فى منطقة مزارع شبعا.
ونحن نعلم أن مفاعيل العملية خلال 24 ساعة أدت إلى نزوح قسم من سكان المستوطنات الصهيونية شمال فلسطين المحتلة ونزول القسم الآخر إلى الملاجئ وإخلاء موقع التزلج فى جبل الشيخ . فى حين استمرت الحياة طبيعية فى الجانب اللبنانى، هذا الواقع لا تحتمله الساحة الداخلية للعدو فى حالات الاستنزاف إلا إذا كانت هناك حرب شاملة، وهذه مستبعدة حاليا لأن إسرائيل تستعد لانتخابات وهى لا تضمن نتائج أية مغامرة ضد حزب الله ولبنان بعد فشلها فى عدوان غزة وتجربة عدوان تموز عام 2006 حيث لا تزال روائح تقرير فينوغراد تفوح حتى يومنا هذا.∎
بيروت فى 29-1-2015