كذب المنجمون ولو تشيعوا !
مروة سلامة
قبل مطلع كل عام تكثر الأحاديث حول تنبؤات العام الجديد معها تتصاعد تنبؤات المنجمين بين الخرافة وادعاء العلم، وتختلف الأساليب ما بين علم الفلك والأرقام. لكن الجديد هو محاولة بعض علماء الفلك الرجوع إلى المراجع الشيعية والزج بها وترويجها لدى شريحة تنشغل بهذه التوقعات بعضها من باب التسلية والبعض الآخر من باب الإيمان بها.. ربما لا يهم أحد أن يعرف ما يقوله الفلكيون الإيرانيون وتنبؤاتهم للمستقبل.
لكن عندما تتطابق رؤيتهم مع رؤية بعض علماء الفلك مثل الفلكى أحمد شاهين الملقب بـ«نوسترادموس العرب» وعضو الاتحاد الأمريكى للفلكيين المحترفين، نجد أننا بحاجة لتفسير هذه التنبؤات والكشف عن السر وراء اقتباسه وتأثره بها، فهو من أوائل الفلكيين الذين استندوا فى رؤيتهم للمستقبل على «الجفر» وهو كتاب نسبه الشيعة للإمام «على بن أبى طالب» وعلم الأرقام قاموا من خلاله بتقديم تحليلات للأحداث المستقبلية، وهى علوم يدعون أنها تكشف الغيب «غير المحجوب» والذى لا يمكن أن يطلع عليه سوى الدارس لعلوم آل البيت وفى مقدمتها «الجفر».
فى السنوات الأخيرة كثر الحديث عن «الجفر» وعلم الأرقام وقدرتهم على الكشف عن أسرار وخفايا المستقبل ومعرفة الطالع، وذلك بعد أن مل الناس من الحديث عن الأبراج التقليدية وصفات الإنسان والتوافق بين الأبراج وبعضها، فكل هذه المسائل استنفدت قدرتها على الجذب بعد أن صارت هناك ثقافة كبيرة لدى قطاع عريض من الشباب تحديدا الباحث عن معلومات تشبع عطشه لمعرفة جزء من ذلك العالم الغامض والملىء بالأسرار، صحيح أنه لم يستطع أن يمنع نفسه من الحديث عن الأبراج أو الإنصات إلى علماء الفلك الذين أصبحوا يحاصرونه على شاشات القنوات الفضائية وصفحات المجلات والجرائد، إلا أن البحث عن آفاق جديدة دائماً ما تراوده للكشف عن باحثين وعلماء يشبعون رغبته فى التعرف على عالم به مزيد من الغموض ولديه أسرار لم يعرفها من قبل، ولعل هذا السبب كان دافعاً لبعض الفلكيين لأن يلجأوا إلى علوم شيعية فى محاولة منهم للحديث عن عالم ملىء بالرموز والأسرار لجذب شريحة عريضة من محبى ذلك العالم الغامض، فعبر موقع الفلكى أحمد شاهين الإلكترونى كتب معرفاً نفسه بأنه «شاهين الأسرار الآتى نهاية الزمان فى الجفور والنبوءات القديمة»، فهو يعلن أن علمه مستند إلى «الجفر» وهو أحد العلوم التى يدعيها الشيعة بأنها تخص الإمام على بن أبى طالب، وهو أحد العلوم التى ثار حولها جدل كبير حول صحة ما ورد بها، والذى ادعوا من خلاله أن الأخير كان رائدا فى علم «التعمية» أو الكتابة السرية «الشفرات»، مستندين إلى ذلك بمقولات منسوبة لسيدنا «على» عند الشيعة فى أكثر من موضع ومنه على سبيل المثال وليس الحصر: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من باء «بسم الله الرحمن الرحيم»..
وبالعودة إلى التنبؤات التى جاءت على لسان أحمد شاهين، ومقارنتها بما جاء عند الشيعة والمنجمين الإيرانيين نجد تطابقا كبيرا، بل إن التوقعات الشيعية تسبق ما يرد على لسان «شاهين» ليصبح ناقلا حرفيا لها، ومستندا إلى الأحاديث نفسها الموجودة لديهم، ففى العام الماضى توقع فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالرئاسة وقال إن لهذا الأمر دلالة على قرب قدوم المهدى المنتظر، مدعيا أن هذه بشارات وردت فى النبوءات القديمة عن أحوال مصر، وهى فى حقيقة الأمر علوم ومعتقدات شيعية ليس إلا، كما أن حديثه وتنبؤاته لعام 2015 عن اغتيال «السيسى» وعلاقة ذلك بظهور المهدى المنتظر جاءت على لسان الشيعة قبل أن يتحدث عنه «شاهين»، فبتاريخ 7 سبتمبر 2013 نشر محمد البسيونى، الباحث الشيعى فيديو عبر موقع «يوتيوب» تحت عنوان: استشهاد السيسى المحتوم ومصير مصر بعده وظهور فتى الشرق العظيم «المهدى» استند فيه إلى حديث منسوب للإمام «على» فى الجفر.
لم يكن «شاهين» آخر الفلكيين المصريين الذين استندوا إلى أحاديث الشيعة وأقحموها فى توقعاتهم باعتبار أنهم يعرفون المستقبل ويأتون بما لم يأت به الأوائل فهناك أيضا جوى عياد، والتى تأخذ من الجفر وأحاديث الشيعة وتسند إليها وتقحم من خلالها ثقافة شيعية، فى المقابل فإن المتلقى ينصت إليها بنية حسنة من باب التسلية والفضول لمعرفة ما سيحدث فى المستقبل أو التفاؤل بالعام الجديد، مثل حديثها الذى استند إليه صاحب الزمان والمعروف عند الشيعة بأنه «المهدى المنتظر» وهو آخر الأئمة عند الشيعة ومحاربة جيش السفيانى للأمة العربية والذى سيكون تمهيدا لظهور المهدى، علاوة على الكثير من الأحاديث التى تستند إليها وكلها روايات شيعية.
ومن المعروف أن «عياد» صاحبة نزعة شيعية حيث نشر أدمن صفحة تحمل اسمها صورة لها وهى ترتدى زياً أشبه بالإيرانيات عند رأس الحسين، كما نشرت الصفحة عددا من الصور التى تبشر بقرب ظهور المهدى والتى عليها صور له وهو يغطى رأسه بوشاح أخضر، وهى صور معروفة لدى الشيعة، المهم فى الأمر أن الجمهور لا يدرك خبث التلاعب الذى يتم من خلال هؤلاء بعقولهم، فهو لا يهمه سوى الترفيه والتسلية فى مقابل أنهم يعملون على نشر أفكارهم ومعتقداتهم بطرق غير مباشرة.
من ناحية أخرى فإن حديثه عن زوال ملك آل سعود مطابق لأحاديث وتنبؤات الشيعة، حيث قال فى موقعه الرسمى: من علامات الساعة زوال ملك آل سعود وآل الصباح بغتة، أو كما تسميهم نبوءات آخر الزمان «إخوة قارون» وقيل قديما: «من يضمن لى موت عبدالله أضمن له المهدى».. على حد تعبيره.
الحقيقة أن هذه ليست نبوءة قديمة كما ادعى «شاهين» فهو حديث شيعى منسوب إلى الإمام جعفر الصادق، الإمام السادس عند الشيعة وليس له أساس عند أهل السنة وأصل الحديث هو: «من يضمن لى موت عبدالله أضمن له القائم، أى المهدى المنتظر» الحديث موجود فى معجم أحاديث الإمام المهدى وكتاب بحار الأنوار وهى من أهم المراجع الشيعية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فهناك الكثير من التنبؤات التى وردت على لسان «شاهين» والمتطابقة مع ما جاء به بعض الكتاب الشيعة والمتخصصين فى علم الأرقام والجفر، فهذا التطابق يدعونا للتوقف عنده لا سيما أن هذه الأمور تدعونا للشك، فالأمر لم يعد مجرد توقعات أو تكهنات من باب التسلية والفضول بل إنه إقحام لأفكار ومعتقدات لا دخل للمواطن العادى بها، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الأمور المتطابقة التى نقلها أحمد شاهين والتى جاءت فى كتاب الكاتب الشيعى جابر البلوشى، الصادر فى 2006 تحت عنوان: «ظهور الإمام المهدى عام 2015 ميلادية نبوءة قرآنية»، استند خلاله إلى علم التعمية أو الشفرات، وتحدث فيها عن أن عام 2014 سيشهد الكثير من الكوارث التى تسبق ظهور المهدى المنتظر وظهور جيش السفيانى الذى يشير الشيعة إلى أنه «داعش» والذى سيقضى عليه المهدى المنتظر، ليملأ الأرض عدلاً بعد أن عانت من انتشار الفساد والظلم.. وهو نفس ما جاء على لسان «شاهين» بعد سنوات من إصدار هذا الكتاب.
وفى حلقة أجراها العام الماضى على إحدى القنوات الفضائية حول توقعاته لعام 2014 قال إن هناك حدثاً جللاً أشبه بيوم القيامة سيحدث فى أكتوبر 2014 وسقوط نيزك أو جرم سماوى على الأرض وهو نفس ما جاء فى كتاب «البلوشى» قبل سنوات من تحليل «شاهين».
وهو ما دفع الكثير من الشيعة سواء العرب أو الإيرانيين للاهتمام بتوقعات أحمد شاهين، لاهتمامه واستناده إلى علوم منسوبة لأئمتهم وتدعم أفكارهم ومعتقداتهم الدينية والمذهبية، بل إنهم يعتبرونها دلالة على صدقها فنجدهم يستشهدون بها فى كثير من منتدياتهم ومواقعهم الإلكترونية ومن بين هذه التوقعات حديثه عن «علو شأن آل البيت وخفوت نجم المملكة السعودية»، فى إشارة واضحة إلى استغلال مثل هذه التوقعات والزج بها فى صراع الهلالين السنى والشيعى السياسى بين المملكة السعودية وإيران، وكلها أمور بعيدة كلية عن علم الفلك الذى يعتبره المواطن العادى من باب الترفيه والتسلية والفأل الحسن بالعام الجديد لكسر رتابة الحياة اليومية الملئية بالكثير من الهموم والضغوط.
من ناحية أخرى فإن بعض التوقعات التى وردت على لسانه جاءت بديهية ومألوفة ولا تحتاج إلى تأكيد منه مثل حديثه عن خفوت نجم المتحدث العسكرى السابق العقيد أحمد محمد على، وهو أمر بديهى فمنذ أكثر من عام وهو بعيد عن الظهور الإعلامى بحكم تعيين آخر فى منصبه وبالتالى فلا عجب من عدم ظهوره مرة أخرى.
تصريحات أحمد شاهين، مثيرة للجدل لا سيما فى الفترة الأخيرة بعدما ادعى إجراءه حوارا مع إحدى الكائنات الفضائية وأحد الملائكة المجنحين والذى كشف عنه لبرنامج 90 دقيقة الذى يبث على شاشة قناة المحور، مدعيا بأنهم التقوا به بالقرب من واحة سيوة وأبلغوه رسالة نصها: إنا قادمون.
واصفا إياه بأنه يشبه البشر تماما وأطول من قامة البشر قليلا، لكنه «مجنح» أى له أجنجة ويتحدثون جميع لغات العالم، على حد تعبيره.
وعن طريقة التواصل مع هذه الكائنات الفضائية قال إنه تم عن طريق عدة مراحل جاء فى مقدمتها «التخاطر عن بعد»، ثم تم اللقاء وجها لوجه ولخص لقاءه معهم بأنهم أبلغوه: أننا فى نهاية الزمان.. وأنهم قادمون لحماية الإنسان فى معركته الأخيرة بين الخير والشر والتى يقودها «الزواحف» على حد تعبيره، واصفا بعض رؤساء دول فى العالم بأنهم مجرد بشر متحولون أى شياطين فى صورة آدمية لإفساد الأرض، على حد وصفه. ∎