
طارق الشناوي
إنهم يطاردون الضوء!
مساحات مبالغ فيها أصبحنا نتابعها فى صفحات وبرامج الفن ترصد واجب العزاء وقبلها تشييع الجنازات، بينما الجمهور على الجانب الآخر صار نهماً وهو يبحث عن دموع ومشاعر النجوم الحقيقية بعيداً عن الشاشة.
عدد من النجوم والفنانين أصبح يحدد حجم أحزانه باحتمالات تواجد كاميرات تليفزيونية وصحفية لتغطية الحدث.
يظل الفنان يبحث عن تلك البقعة من الضوء، حتى إن بعضهم لو لم يجد ما يثير نهم القراء والمشاهدين يسارع بإطلاق شائعة تعيده مرة أخرى لبؤرة الاهتمام.
هل يطلق الفنانون الشائعات على أنفسهم؟ نعم هذا كثيراً ما يحدث ولكن لا يمكن أن يعترف الفنان بأنه يصنع الشائعة سوف يسارع بالإنكار مؤكداً أنه يعلم أن هناك أيادى مغرضة فعلت ذلك برغم أنه قد يكون هو اليد التى أشعلت عود الثقاب وسكبت أيضاً البنزين.. أسوأ ما يواجه الفنان ليس أن يُكتب عنه مثلاً أنه قدم عملاً رديئاً، ولكن أن تتجاهله تماماً الصحافة وكأنه لم يفعل أو يقدم شيئاً هذا هو أكبر عقاب يوجه إليه. وكثيرة هى الشائعات التى صنعها بعض الفنانين عن أنفسهم خاصة بعد أن تخاصمهم الأضواء حتى إن بعضهم مثلاً ساعد على انتشار خبر موته فعلها مخرج عندما كان شاباً وعندما رحل قبل ست سنوات كتبت أنه مات مرتين.
شائعة الزواج والطلاق والحب والهيام تلعب دوراً فى إتاحة الفرصة للفنان ليظل على قيد الحياة الإعلامية.. أتذكر أن ابن موزع ومنتج سينمائى شهير عندما بدأ مشواره الفنى نصحوه بأن يخترع لنفسه قصة حب يشغل بها الصحافة مع نجمة شابة كانت قد حققت نجاحا لافتا حتى يضمن أن يواصل الإعلام متابعة أخباره. ساهمت «سعاد حسنى» فى مطلع الستينيات مثلاً فى سريان شائعة ارتباطها بعبد الحليم حافظ، وكانت الصحف كثيراً ما تسمح بمساحات تروى فيها قصة الحب ثم مات مشروع الزواج، وقبل نحو 20 عاماً فتحت «سعاد حسنى» النار على نفسها عندما أشارت فى حديث مع الكاتب الصحفى «مفيد فوزى» عن زواج عرفى جمعها مع «عبد الحليم» ولم يكن ذلك صحيحاً على الإطلاق، فلم تتزوج «سعاد» من «عبد الحليم» ولكن كانت «سعاد» قد ابتعدت عن الأضواء - وهذا تفسيرى الشخصى - فاتفقت مع «مفيد» على أن تذكر هذه الواقعة لتجذب القراء لمجلة «صباح الخير» التى كان «مفيد» قد تولى رئاسة تحريرها ودليلى على ذلك أن «سعاد» صمتت تماماً ولم تكن فى حياتها تذكر أبداً تلك الشائعة.. لا هى أكدتها ولا هى أيضاً نفتها والذى يحدث الآن هو أنه فى كل ذكرى ميلاد أو رحيل كل من «سعاد» أو «عبدالحليم» لا نستمع سوى إلى من يؤكد أو ينفى تلك الشائعة.
فى المهرجانات السينمائية تجد فى حفل الافتتاح العشرات من النجوم حيث الصحافة والفضائيات وبمجرد أن ينتهى الحفل ويبدأ عرض الفيلم لن تجد أى امنهم، وذلك لأن الكاميرا التى كانت فى الصالة ذهبت إلى الحفل الساهر فشد النجوم الرحال حيث الكاميرا.
هل الفنان يعشق الضوء أم الإبداع؟.. أغلب نجومنا يحركهم هذا الوميض بينما من الممكن أن تجد هذا العدد المحدود منهم الذى يخاصم الكاميرا ويهرب ومع سبق الإصرار عن أجهزة الإعلام.
مثلا الفنان الكبير «محمود مرسى» لن تجد له أى تسجيل شخصى فى الأرشيف المرئى والمسموع والمقروء كان رهانه فقط على ما سوف يتركه للجمهور على الشاشة.
إنه الاستثناء الذى يؤكد القاعدة وهى أن النجوم يبحثون عن الضوء حتى فى سرادق العزاء!!