
طارق الشناوي
السينما المستقلة أنقذت وجه مصر ولكن!
أكتب هذه الكلمة قبل إعلان جوائز مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى فى دورته السابعة، وبغض النظر هل حصلت مصر على جائزة أم لا، فإن المؤكد هو أن مصر وفى السنوات الاخيرة خاصة بعد الثورة لم يعد لديها ما تُقدمه فى المهرجانات سوى هذه الأفلام التى نُطلق عليها مستقلة ولولا ذلك ما كانت لنا أفلام تحمل اسم مصر وهكذا شاركت مصر بفيلمى «فرش وغطا» و«فيلا 69».
هل ثورة 25 يناير حجمت السينما؟ البعض وجدها فرصة لكى يرى فى الثورة الجانى الذى غير وجه مصر إلى الأسوأ. كانت السينما تنتج أفلاماً بالتأكيد أكثر، شركات الإنتاج الكبرى حتى الآن لا تزال تتحسب للخطوة القادمة بينما لدينا سينما أخرى مختلفة لا تجد لها مساحات فى دور العرض، إنها السينما التى تعارفنا أن نُطلق عليها مستقلة ومصر القادمة سوف تفتح قلبها لتلك السينما.
أتذكر قبل ثلاثة أعوام فى نهاية شهر أكتوبر كنا نحتفل بحصولنا على جائزتين واحدة من ترايبكا فى دورته الثانية عن فيلم إبراهيم بطوط «الحاوى» والثانية من قرطاج «تانيت ذهبى» عن «ميكرفون» لأحمد عبدالله، ولكن الجمهور المصرى من المؤكد لا يعرف شيئا عن الفيلمين، بالمناسبة عرضا تجاريا فى صمت رهيب.. هل تلك السينما معزولة عن الناس أم أن صناعها لا يعنيهم الجمهور.. المشكلة أن البعض ارتاح إلى تلك التقسيمة نصنع فيلماً قليل التكلفة بلا نجوم لا ننتظر مردودا من شباك التذاكر وفى نفس الوقت نحصل على مكسب صغير من بيعه لمحطات وتسويقه فى مهرجانات، وكأن السينما من الممكن أن تُصبح سينما منزوعة الجمهور.
الاستسلام أرى فيه مقتل هذه السينما فلا توجد أفلام مصنوعة لعدد محدود أو لقطاع ولكن ينبغى أن تمتد الرؤية إلى دائرة جماهيرية أوسع لكى تصل الرسالة إلى الجمهور وحتى تتحقق أيضا لصناعة السينما دورة رأس المال.
السينما التجارية بمعناها التقليدى تعانى أكثر بسبب ضبابية سوق الإنتاج، الأجور المليونية صارت تُشكل حائلا أمام تنفيذ الأفلام، ربما هذا يفسر لك لماذا هذا الزحف الضارى الذى شاهدناه من نجوم السينما على المسلسلات التليفزيونية ؟ الإجابة هى أن سوق الفيديو لا تزال تضمن لهم تلك الأجور بينما فى السينما التقليدية المغامرة غير مأمونة.
النجوم الكبار سوف يجدون أمامهم فرصة أراها أخيرة لكى يتغيروا إذا أرادوا أن يكملوا المشوار، لا حل سوى أن يتوافقوا مع الإيقاع الجديد لتلك السينما التى تعنى أن العصمة بيد المخرج وليس النجم، السينما بملامحها التقليدية لن تختفى، فى العالم نرى أفلاما تُصنع على ملامح وإمكانيات نجوم الشباك، ولكن حتى هذه الأفلام ترى فيها إرادة المخرج حاضرة. ويبقى مفهوم الاستقلال فى السينما المصرية فهى مستقلة ولكن عن أى كيان، الشىء المشترك فى تلك الأفلام أنها تعبر عن إرادة مخرجيها، مثلا جهاز السينما المصرى التابع لوزارة الإعلام أنتج عام 2009 فيلم «واحد صفر» إخراج كاملة أبوذكرى، أى أن رأس المال تابع للدولة، ولكن من الممكن أن نعتبر هذا الفيلم مستقلا بالمعنى الأدبى فهو فيلم ترى فيه إرادة المخرجة ولايعبر عن نجوم الفيلم، بينما المأساة الحقيقية هى أن نفس الجهاز هذا العام شارك فى إنتاج فيلم «8٪» بطولة أوكا وأورتيجا وهذه قصة أخرى.
السينما المستقلة فى مصر ليست هى بالضرورة السينما التى نرى فيها وجوها جديدة وليست هى أيضا الفقيرة إنتاجيا، ولكنها السينما التى تتحرر من سيطرة النجوم وعليها ألا تُخاصم الجمهور. هذه السينما إذا أرادت الحياة عليها أن تحتمى بالناس، ومع الأسف الفيلمان المصريان اللذان شاهدتهما فى هذه الدورة من مهرجان أبوظبى «فرش وغطا» أحمد عبدالله و«فيلا 69» آيتن أمين أرى بينهما والناس مسافة وتلك هى المشكلة!!