الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«فضل شاكر» ملك الرومانسية وغسيل مخ!!

«فضل شاكر» ملك الرومانسية وغسيل مخ!!


هل تخيلت قبل بضع سنوات أن تشاهد صورة المطرب فضل شاكر وهو يحمل السلاح، فضل اعتلى قمة الرومانسية وتوجوه ملكاً للقلوب المجروحة المتعطشة للمسة حب، كان صوته بمثابة النبرة الحانية التى تطبطب علينا  وتدغدغ مشاعرنا بأغنيات مثل «يا حياة الروح» و«الله أعلم» و«بياع القلوب» و«نسيت أنساك» و «متى حبيبى متى» و«لابس وش الطيب» كما أننى أستمتع به وهو يردد الأغانى المصرية الكلاسيكية مثل رائعة محمد قنديل «ثلاث سلامات» والذى كانت صوره تزين دائماً صفحات الفن فجأة ينتقل إلى الصفحات السياسية، وبدلاً من أن نراه يعتلى خشبة المسرح ممسكاً بالميكروفون شاهدناه مؤخرا فى ساحة الوغى رافعا الكلاشنكوف مهدداً ومتوعداً.
 
 مجموعة من المتناقضات فى هذا الفنان الكبير الذى احتل مكانة خاصة على الخريطة الغنائية، كان صاحب رأى فى بداية الثورة السورية وانحاز للشعب، برغم صمت وترقب أغلب الفنانين والمثقفين والذين اختار أغلبهم ولايزال - مع الأسف - أن يمسك العصا من المنتصف، قال فضل وقتها إن ما يجرى فى سوريا مجازر تتم تحت رعاية بشار، خاف القطاع الأكبر من الفنانين والمثقفين السوريين واللبنانيين من بطش مخالب يد الأسد التى تمتد خارج الحدود، بينما فضل واجه بشجاعة الطاغية إلا أن قرار اعتزاله بل تحريمه الفن جاء مباشرة بعد هذا الموقف الثورى، كان من الممكن أن يحيل صوته الشجى إلى أحد أسلحة المقاومة، مثلما فعل المطرب السورى الشاب إبراهيم قاشوش موجهاً أغنياته ضد بشار، تمنيت أن يأخذ بثأر قاشوش الذى انتزع الشبيحة حنجرته وألقوا بجثته فى نهر «العاصى»، لماذا لم يكمل فضل الرسالة؟
 
 دائما ما أرى فضل مشاركا فى مظاهرات سلفية، كنت أتمنى ألا تصبح الطائفة هى العنوان ،كل تصريحاته تؤكد أن زاوية الرؤية لا تتعدى تلك الدائرة الضيقة، أصبح يفسر كل المواقف التى يتعرض لها بأنها انعكاس لظلم يعانى منه بسبب كونه سنياً سلفياً، وفتح النيران بعدها مباشرة ضد عدد كبير من زملائه، معلنا أن الفن حرام فهل كان فضل يمارس الحرام طوال أكثر من ربع قرن، وهل كل من يبدع الفن بمختلف صوره وأنماطه غارقا فى الرذيلة.
 
«لا تبصق فى بئر شربت منه» حكمة قديمة ولكن مع الأسف كثيراً ما شرب البعض من آبار كانوا هم أول من لوثوها، بديهى أن من يعيش فى وطن لا يسبه ومن يعيش أيضاً فى وسط لا يشهر به، ولكننى كثيراً ما دهشت وأنا أقرأ تصريحات فضل شاكر وهو يحيل صوته الدافئ إلى سوط عذاب يلهب به كل من مارس الغناء!!
 
بالتأكيد كل الصفات السيئة ضد الغناء عندما يعلنها فنان بحجم فضل تصبح أداة لطعن كل من يمارس الفن، خاصة مع تنامى سطوة تيار رجعى يتدثر كذبا بالدين لديه قناعة بأن الفن رجس من عمل الشيطان وهكذا سوف يقولون «شهد شاهد من أهلها».
 
 نعم الحياة الفنية وطوال التاريخ بين الحين نلمح فيها تلك الأصوات وهى تعلن عن غضبها ضد الفن، إلا أن كل ذلك يهون أمام قسوة الكلمات التى أطلقها فضل شاكر، ما الذى من الممكن أن يقوله المتطرفون دينياً لو أرادوا تحريم الفن أكثر مما أعلنه فضل.
 
 
هل من الممكن أن تصبح هذه هى الصورة النهائية التى تتبقى فى الذاكرة لهذا الفنان وهو مطلقا ذقنه ممسكاً بسلاحه الآلى واقفا بجوار السلفى الجهادى أحمد الأسير منذراً بحرب يخوضها ضد أى طائفة تتعارض مع طائفته؟ عندما يمنح الله الفنان موهبة تصبح هى الأمانة التى عليه أن يوصلها للبشر أجمعين، فكيف يفرط فضل فى الأمانة؟ لا أزال أتوق أن أسمعه وهو يغنى بصوته «ثلاث سلامات»!!