
محمد جمال الدين
حزب النور!
ما الذى يريده حزب النور؟ سؤال يتردد كثيرا على ألسنة كل المهتمين بالشأن السياسى فى البلاد، ففى صباح كل يوم نفاجأ بتصريحات أو تلميحات تعقبها تهديدات بأن الحزب معترض أو أنه منسحب من لجنة الخمسين التى تعدل دستور مصر، أو أنه سينسحب من لجنة التوافق فى حالة عدم الأخذ بملاحظات ممثله، إلا أنه فى نفس الوقت مستمر فى لجنة الخمسين.. إلغاء المادة 219 خط أحمر والمساس بها مساس بالإسلام.
أقوال وتصريحات وتهديدات كثيرة ليس لها من دون الله كاشفة.. وجميعها تأتى على اعتبار أن الحزب يعد هو المتصدر للشأن الإسلامى فى البلاد بعد إقصاء الشعب المصرى لجماعة الإخوان عن الساحة بفعل جهل وغباء قادتها فى الشأن السياسى.
بداية اعتراض حزب النور بدأت فور إعلان أسماء لجنة الخمسين، وقتها اعترض الحزب بأن تمثيل التيار الإسلامى فى اللجنة ضعيف، مؤكدين أن اختيار عضو واحد من الحزب فقط غير كافٍ «انسحب بعد ذلك»، وتناسى الحزب وقادته أن هناك العديد من الشخصيات التى تنتمى للتيار الإسلامى، إلا أنهم يريدون أن يحتكروا هم وليس غيرهم التيار الإسلامى، فهم المسلمون أما غيرهم فلا، فشخصيات مثل كمال الهلباوى ومفتى الجمهورية ومستشار شيخ الأزهر وباقى أعضاء اللجنة من المسلمين لا يعترف بهم الحزب، ثم عاد الحزب وقادته مهددين من مغبة الاقتراب من المادة الثانية من الدستور المعطل والمادة 219 المفسرة لها، ثم عاد الحزب وطالب بحذف كلمة مبادئ من المادة الثانية «الخاصة بالشرعية الإسلامية» حال حذف المادة 219 المفسرة لها، واعتبر الإخوة فى النور أن لجنة المقومات الأساسية تفرض اتجاها بعينه لعلمنة الدولة، مما يؤكد السعى للقضاء على مواد الهوية فى الدستور.
واستكمالا لمسلسل التهديد بالانسحاب طالب «خالد علم الدين» القيادى بالحزب بالانسحاب من لجنة الدستور وكشف حقيقة الدستور الجديد الذى يتم إعداده الآن ومدى خطورة حذف مواد الهوية الإسلامية التى يسعى إليها قادة التيار العلمانى، لأن غالبية المشاركين فى لجنة الدستور لا يمثلون شعب مصر تمثيلا حقيقيا وينتمون دينيا وثقافيا وحضاريا إلى الغرب، وبالتالى هم بعيدون تماما عن الشعب المصرى العربى المسلم المحب لدينه والذى يعتز بعاداته وثقافته وحضارته.
ما صرح به خالد علم الدين يمكن الرد عليه بسهولة، ولكن قبل الرد عليه لابد أن نعترف بأن الرجل كشف نفسه وبالتبعية كشف حزبه، فبالنسبة إلى كشفه لنفسه فأنا أعتذر مقدما لك عزيزى القارئ بأننى سبق أن تعاطفت إنسانيا معه عندما أجهش بالبكاء أمام الكاميرات وقت إقالته من منصبه كمستشار للرئيس المعزول، فقد خدعتنى دموعه، ولم أكن أعرف أنها خادعة، وتخفى خلفها نفسية لا تريح من يتعامل معها، وإلا فكيف يسمح لنفسه بأن يقول إن أعضاء لجنة الدستور لا يمثلون شعب مصر، فهو حسبما يعتقد يمنح الصفة بمصرية هذا ويمنعها عن ذاك، وأنا بدورى أسأله من أعطاك حق تمثيل شعب مصر، هذا من ناحية، أما فيما يخص كشفك لحزبك فأقول له هل أنت فقط وحزبك من تحبون دينكم وتعتزون به وبحضارته وثقافته؟ وهل تستطيع أن تقولها صريحة واضحة بأن من يعملون على تعديل الدستور المعطل ليسوا مصريين، ذلك الدستور الذى مررتم فيه بالمشاركة مع أعضاء المحظورة وحزبها ما تريدون ويخدم أهدافكم بما تضمنه من مواد بها مخالفات صريحة وفجة للدين ويقنن لوجود الكفر والإلحاد والوثنية فى مجتمعنا ولا يجرم من يسب الأديان والرسل.
ولك ولأمثالك أيها «الخالد» أحب أن أقول لكم جميعا، لن تستطيعوا أن تسرقوا منا نحن شعب مصر الدستور مثلما سبق أن سرقتم ثورة 25 يناير، ولن يوافق أبدا المصريون أن تفرضوا عليهم الفكر الوهابى الذى يجعل من مصر دولة عنصرية طائفية، لا تعترف إلا بما تريدونه، وبالتالى لن تصبح مصر دولة دينية كما تبتغون، ولهذا سنحارب حتى يخرج لنا دستور لا يسمح أبدا بتكوين أحزاب دينية مثل حزبكم الذى سمحنا له بأن يشارك فى كتابة دستور مصر، وبعد زوال دولة الأوصياء تريدون فرض دستور يخدمكم أنت وليس غيركم.
فنحن لن نسمح لكم بأن تصدروا لنا من يحرم تعليم الإنجليزية، أو من يعتقد بأنه لا يكذب عندما يسعى لتجميل أنفه ويفبرك قصة مهلهلة، أو لمن يقف بسيارته على الطرق ليهدى الفتيات، أو لمن يشرعن الاعتداء على الشيعة أو يضطهد المسيحيين.
السادة أعضاء لجنة الخمسين.. كفانا تدليلا لهذا الحزب ولمن يسيرون فى فلكه، فقد سبق أن جربنا من هم على شاكلتهم وكادت أن تذهب البلاد معهم إلى الدمار والهلاك لولا شعب مصر الذى ثار عليهم وأيده فى ذلك جيشه العظيم، ولهذا أقول لهم كفى فنحن لن نقبل منكم سوى دستور يحترم الشعب ويضع له طريقا يعرف من خلاله ما له وما عليه لأن حزب النور لم ولن يختلف عن أقرانهم من الطغاة الذين أسقطهم الشعب من فوق بروجهم المشيدة.