
محمد جمال الدين
ألا تفهمون؟!
الحكم الأخير بحل الجماعة كان متوقعا، فلم تبد الجماعة أو قادتها أى كرامة تشير إلى استعدادها للتجاوب مع الشعب بتمسكهم بمنهجهم الإقصائى والاستعلائى الذى لا يعترف إلا بهم المنتمين إليهم.
بيدهم وليس بيد غيرهم تم حل جماعة الإخوان المسلمين للمرة الثالثة، بعد رفض قادة الجماعة الانصياع لصوت الحكمة والعقل، ولم يبادروا بإنقاذ جماعتهم وإنقاذ أنفسهم من المصير المحتوم الذى فرضه عليهم شعب مصر الذى سبق أن تعرضت له الجماعة من قبل مع قادتها السابقين.
حل الجماعة الأخير كان متوقعا بعد أن رفضهم الشعب حتى قبل صدور حكم الحل، فلم تبد الجماعة وقادتها أى كرامة تشير إلى استعدادها التجاوب مع غالبية الشعب المصرى بتمسكهم بالمنهج الإقصائى والاستعلائى الذى لا يعترف إلا بهم والمنتمين إليهم، فحاولوا الانفراد بالسلطة وبكل الأجهزة التنفيذية التى تساعدهم فى تحقيق هذا الهدف، حتى وإن تم ذلك على حساب الشعب الذى لم يكن أبدا من ضمن حساباتهم، لذلك جاء الحكم ليضعهم عند حدهم، ليعودوا مرة أخرى إلى العمل تحت الأرض الذى لم يجيدوا إلا سواه.
الجماعة اعتادت صدور أحكام الحل، مما يؤكد أن الخطأ فى منهجها الذى بدأ معها منذ نشأتها الأولى، فقد سبق أن قام الملك فاروق بحلها ومصادرة أموالها عام 8491، عقب اتهامها بالضلوع فى اغتيال النقراشى، ثم عاد مجلس قيادة الثورة وقام بحلها مرة أخرى لاعتبارها حزبا سياسيا وينطبق عليها قرار حل جميع الأحزاب السياسية بعد ثورة 32 يوليو، حتى كان قرار الحل الأخير.
إدمان الجماعة لقرارات الحل ليس له سوى معنى واحد، وهو أنها جماعة تعمل وفق منهج لايعبر عن شعب مصر وإنما يعبر عن الجهة التى تعمل به ويمثلها فقط، فلا يعقل أن تكون جميع قرارات الحل الخاصة بالجماعة خاطئة، وهم فقط من يرون أنهم على صواب، والمؤكد أنها جماعة تسعى بكل جهدها للاستحواذ على السلطة، مستخدمة فى ذلك أساليب الرشوة والإرهاب والكذب والتضليل المغلف بالدين الذى يتم استخدامه وفق أغراضهم التى تحقق لهم أهدافهم، وما فتوى جهاد النكاح التى خرجوا بها علينا وقت اعتصام «رابعة العدوية» إلا دليل يفضح أساليبهم واستخدامهم للدين دون وازع من ضمير أو وطنية، وما الدين سوى غطاء وستار يأخذون به ويطبقونه وينادون به لتحقيق ممارساتهم المفضوحة، والذى من خلاله أهدرت حقوق المصريين الذين خرجوا على هذه الجماعة وعلى قادتها فى ثورة 30 يونيه بعد رفضهم ظلم هذه الجماعة ومندوبها السابق فى مؤسسة الرئاسة.
الغريب فى الأمر أن قادة الجماعة المحظورة الذين لفظهم الشعب يتشدقون اليوم بأنهم حصلوا على السلطة عن طريق الديمقراطية، وأن الحكم القضائى الخاص بحلهم فيه قضاء على هذه الديمقراطية الوليدة، وتناسى هؤلاء عن قصد أن هذه الديمقراطية هم أول من تغافل عنها حتى نصدقهم، فديمقراطية الصناديق التى أتت بهم ثبت كذبها بل تزويرها، لذلك لم يكن مستغربا منهم استخدامهم للسلاح فى مظاهراتهم واعتصاماتهم، حتى وصل بهم الحال إلى الدعوة للعصيان المدنى، وهذا ما كشفته الأجهزة الأمنية بعد حرق الكنائس والاعتداء على الأقباط وتفجير أقسام الشرطة وقتل وسحل وحرق من فيها من أبناء الوطن، هذا بخلاف المناداة بعدم دفع فواتير المياه والكهرباء، وخلق حالة من التوتر فى الجامعات والمدارس وتحريض الأتباع والمريدين على استخدام العنف.
من أجل كل هذه الممارسات التى نالت من المصريين فإن شعب هذا البلد ينتظر تطبيق هذا الحكم الأخير بحسم، يعقب ذلك إصدار قرار بوضع هذه الجماعة على لائحة الإرهاب استنادا لما جاء فى منطوق الحكم، تلك هى الخطوة الأخيرة التى ينتظرها شعب مصر للقضاء نهائيا على هذه الجماعة التى اعتمدت القتل والعنف والإرهاب لتطبيقه علينا من خلالها ومن خلال الجماعات الإرهابية الأخرى التى خرجت من رحمها، مهددة أمن مصر القومى، وحتى يتم إسدال الستار على عهد الإرهاب وتجفيف منابعه، بعد أن ذقنا مرارته طوال 58 عاما وعشنا خلاله فى ظل كابوس اسمه جماعة الإخوان المسلمين التى لم تراع أى منطق أو دين.
بالحكم الأخير لمحكمة الأمور المستعجلة الذى حظر فيه تنظيم جماعة الإخوان والتحفظ على أموالها وممتلكاتها، لابد من توجيه تحية لكل شهداء الوطن التى نالتهم يد العنف والإرهاب الذى ارتكبته هذه الجماعة وباقى الجماعات الإرهابية الأخرى، فأرواحهم الطاهرة لم تضع هباء.