هل «وعى» شعب مصر؟
هل استوعب الشعب المصرى حقيقة الجماعات السياسية الملتحفة بالدين، وخاصة تلك الجماعة المحظور نشاطها قانونا، وهى «الإخوان المسلمين» - المنتشرة فى جميع أرجاء الوطن مواقعها، ومكاتبها، دون ترخيص ودون إذن من المحليات، أو أية إدارة دستورية فى الدولة!!
هذه الجماعات التى سرعان ما قفزت على المشهد السياسى المصرى، عقب حالة الفراغ التى تركها عهد انقضى عمره، وتحت الضغط الشعبى تنازل الرئيس السابق عن الحكم وترك إدارة البلاد للقيادة العليا للقوات المسلحة.
هذه الجماعات التى تكشف وثائق تم نشرها عن تنسيقهم مع قوى أجنبية للهجوم على سيادة مصر وفتح السجون وتهريب المحكوم عليهم بالمؤبد وبالأشغال الشاقة وكذلك رؤوس الحركة الإسلامية السياسية التى كانت فى السجون.
هذه الجماعات السياسية الملتحفة بالدين، والتى وجدت فى الفراغ السياسى والأمنى فى مصر، تربة صالحة لكى تنتشر وتدعو إلى الانصياع لقيادتهم، فهم (الخلف الصالح)، وهم (بعبع) العهد البائد الذى هددوا به شعب «مصر»، بل والعالم، والأكثر من ذلك هم البديل الذى أشار إليه الرئيس السابق، فى خطابه الأخير حينما قال «إما أنا وإما الإخوان المسلمون» وقد كان!!
استطاعت تلك الجماعات، بما لديها من تنظيمات، وجذور فى تربة صالحة للنمو الدينى والإيمانى، فى كل أرجاء المحروسة، جعلت أغلبية شعب «مصر» يسأل نفسه سؤالاً، ولماذا لا نجرب، هؤلاء؟، الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً، ورفعوا شعارات باستخدام الدين، «والإسلام هو الحل»، وهذا أيضا ما نادى به مرشحهم (الاستبن)، «د.محمد مرسى»، فى خطابه أثناء حملته الانتخابية، بأن «الإسلام هو الحل»!!
ولكن للأسف الشديد، كانت منذ الخطوات الأولى فى إجراءات ما بعد ثورة «25 يناير»، حيث اختلفنا حول بداية الطريق لبناء الدولة، «الدستور أو الانتخابات البرلمانية»، وخضعت تلك التعديلات الدستورية إلى الاستفتاء، وكانت الحملة الضارية من جماعات الخير!! بأن من يقول «نعم» فهو إلى الجنة مصيره، ومن يقول «لا» فجهنم وبئس المصير!!، بل وصلت الدعاية الانتخابية الكاذبة إلى أن يقال فى المساجد وفى الشوارع وأمام اللجان الانتخابية، بل فى خطب (الجمع)، بأن الملحدين والعلمانيين والنصارى هم أصحاب القرار (لا) وسمع الشعب الطيب الذى خرج لأول مرة بكثافات لم يسبق لها مثيل، حيث حصرت الصناديق (18 مليون) ناخب تقدموا للإدلاء بأصواتهم فكان (14 مليون) نعم، وأربعة ملايين (لا)، لكى نبدأ الطريق الخطأ، وهذا نتاج ما وصلنا إليه، أقمنا الأفراح والليالى الملاح ونصبنا السرادقات، وجاء البرلمان المنحل بغرفتيه «شعب وشورى»، لكى نشهد مجلساً بلا صلاحيات ونجد حكومات متخبطة، مرة أسموها بالانتقالية ومرة بالإنقاذ، واستدعوا من المقابر بعض الشخصيات التى لم يتميز تاريخها بأى إنجاز بل العكس ممن حازوا على علامة «ستار» فى الخيبة القوية!! جاءوا بهم لكى ينقذوا البلد، للأسف الشديد، تكررت الأحداث والمشاهد، حيث أرادوا «زواج بلا عقد»!!
أرادوا «مؤسسات دستورية بلا صلاحيات»!! تخبطوا، فى إنشاء دستور لا يعبر عن توافق مجتمعى أو إرادة جماعية لشعب مصر، وجاءت الانتخابات الرئاسية بممثلهم (الاستبنْ) محمد مرسى رئيساً للجمهورية!!
وعانت «مصر» من تصرفات الحاكم الإخوانى المنتمى «لعشيرته وجماعته» فكانت الإعلانات الدستورية اللاغية لما قبلها، وكانت «الوكسة القوية» ومازالت البلاد تتخبط فى سياسات فاشلة داخلياً وخارجياً، وكانت زيارات الرئيس المنتخب لدول العالم دلالة على أن «مصر» فقدت هيبتها، وفقدت وزنها، وإذ بالصفعة التاريخية «لمصر»، بقرار منفرد من دولة (أثيوبيا) بتحويل مجرى نهر النيل الأزرق، وتحققت النهضة على يد (مرسى) ولكن فى دولة أخرى!! ومازال الرئيس المؤمن المنتخب يدعو السماء لجلب زيادة فى مخصصات «المياه المصرية»، فى القرن الواحد والعشرين «ومصر» تهدر حقوقها، وتنحدر قيمتها، فهل يصح ذلك يا شعب «مصر»؟