شرعية الأقلية!!
دائما حينما تتولى أقلية من شعب ما، مقاليد الأمور فى بلد من البلاد، سرعان ما تعلن عن وجهها القبيح، تكشر عن أنيابها، تنسى وعودها للشعوب بأنها جاءت حتى تحقق العدل والحرية والعيش الكريم، وأنها تبذل ما فى وسعها لوضع حلول لمشاكل الشعب!! ونستمع كل يوم لنظريات، ونداءات، وحجج فارغة، لكن المضمون هو نفسه مضمون أقلية سبقتها فى خطف الأوطان!!
الإسلاميون لم يستطيعوا أن يبثوا حتى الاطمئنان من خلال ممارستهم الحياة السياسة
وحتى إذا جاءت تلك الأقلية بدعوى حصولها على أغلبية أصوات فى انتخابات برلمانية، أو محلية، أو حتى ربما رئاسية كما حدث فى انتخابات الرئاسة المصرية!! فهى جاءت والكل يعلم بشرعية أقلية الشعب الذى تحرك إلى الصناديق بأساليب مختلفة، إما بأصوات منظمة مشتراة، وبفساد فى الصناديق كما كان يحدث فى أيام وسنوات حكم الحزب الوطنى المنحل عن طريق البلطجة والأمن الموجه لحماية النظام، أو بطريقة الجماعات الإسلامية السياسية التى جاءت هذه المرة أيضا بشك كبير فى عملية شفافية الانتخابات، المقدم فى صحتها «طعون» وصلت إلى ستمائة وخمسين طعناً أمام المحاكم، وأيضا طعون أمام صحة القواعد القانونية التى جاءت بهم إلى سدة البرلمان، ومقدم هذا أيضا أمام المحكمة الدستورية، والكل يعلم أن «الدين السياسى» لعب لعبة مكشوفة، حيث استخدمت المساجد والشعارات والوعود لأغلبية من الأميين والفقراء أو المحتاجين فى دوائر انتخابية سواء فى مصر أو فى غيرها من دول الربيع العربى.
ومع ذلك لم يتعظ هؤلاء القادمون بعد من غياهب السجون، والمطاردة، واللجوء إلى دول أخرى، جاءوا غير متعظين بإرادة الشعوب التى لا تقهر!!
حيث الأغلبية هم يعلمونها أين هى وكيف تفكر، ويعلمون «الجماعات» أيضا بأن إرادة الأغلبية لا تتماثل أبدا مع إرادتهم حيث هم فعلا أقلية، وشرعيتهم غير دستورية، وعن مظاهر هذا التوجه الذى أسوقه اليوم فى مقالى، أن الإسلاميين لم يستطيعوا أن يبثوا حتى الاطمئنان من خلال ممارستهم فى الحياة السياسية لشعوبهم، لم يستطيعوا أن يكبحوا جماح تسلطهم، وشهوة السلطة لديهم، حيث نجد أن لجنة تأسيسية لوضع الدستور تقدم لها بين أعضاء مجلسى الشعب والشورى حوالى ثلاثمائة وخمسين عضوا، أى جميعهم تقدموا لاحتلال الخمسين مقعدا التى اختاروها بأنفسهم أى أن «المقسم هو الذى يختار».
ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بإعداد قوائم بأسماء التابعين لهم من خارج البرلمان لكى تقوم الأغلبية البرلمانية بالتصويت لهم، فتصبح اللجنة التأسيسية للدستور كما رأيناها لا تصلح «طبلة ولا طار» وكان الناتج «دستور ملفق» غير توافقى.
شىء ضد الطبيعة والواقع، وكان الأولى بهم أن يعزفوا عن هذا «الجنح» من ممارستهم لإدارة دولة مثل «مصر» أو دولة من دول الربيع العربى، انتفض فيها شبابهم وضاعت فيها أرواحهم من أجل حرية وعدالة اجتماعية لن تتحقق أبدا بأيادى هؤلاء «البكليميين» المتسلقين والملتحفين برداء الإسلام!!
وكذلك الكاذبون المدعون بأنهم «جنود الله فى الأرض» والله برىء منهم ومن ادعائهم، وإن الغد لناظره قريب!!