«قلة الأدب» سمة عامة !!
للأسف الشديد أن تكون (سمة قلة الأدب) وعدم اللياقة فى الحديث والتهجم أثناء الحوار، والقذف بالسباب أثناء المناقشة أو الاختلاف على رأى أو موقف، هذه هى حال بلادنا اليوم!!الشارع المصرى عضد قلة الأدب بأدوات القتل «سنج وسيوف» وخارجين عن القانون
ليس فقط تلك المساوئ التى كانت رائدة فى (الحارة) المصرية قبل (25 يناير 2011) وكان التعرض لتلك المظاهر السيئة يأتى من خلال معالجات درامية فى السينما المصرية، أو فى المسلسلات التى يقدمها التليفزيون المصرى بغية كشف المستور من سوءات مجتمعنا لكى نتداركها، وإلقاء اللوم كان على المدرسة، والمنزل، والمسجد، والكنيسة، والنادى حيث النشء يربى على سلوك أغلبه نتاج ما يحدث فى المجتمع من سوء الحديث، وظهور عبارات جديدة فى لغة الشباب، غير معروفة بين الكبار من الناس، ولعل (شماعة) الدفاع لكل طرف من أطراف المسئولية فى التربية عن نفسه، حيث يلقى باللوم من بعضهم على الآخر، حيث قيل إن مسرحية (مدرسة المشاغبين) فى أوائل السبعينيات كانت من أهم أسباب سوء السلوك فى المدرسة وفى الشارع المصرى، حيث اقتدى الأولاد بما قيل وبالحوارات التى دارت بين أبطال هذه المسرحية ,والمدُرسة «سهير البابلى»، حيث كان الأولاد قد حفظوا عن ظهر قلب تعليقات وحوارات «عادل إمام» و«سعيد صالح» و«يونس شلبى» وزملائهم فى (الفصل) وهم يتحدثون مع المدرس والناظر. وآخرون ألقوا باللوم على الأغنية الشعبية التى ظهرت فى تلك السنوات، وأيضاً الأفلام الهابطة (التجارية)، كل تلك العوامل كانت أسباباً مباشرة وغير مباشرة للخروج عن الآداب العامة.
ويأتى اليوم. وبعد أن أفاق شعب مصر أمام خروج شباب الأمة، رافضين الظلم، والاستبداد، والتخلف، وبعد أن نجحوا فى إزالة (الغمة) وتخلى الرئيس السابق عن منصبه، وما تلى ذلك من أحداث معلومة!!وقام الشباب بتنظيف الميادين والشوارع وأُعيدت الأماكن إلى ما كانت عليه، بل تطور الموقف إلى اشتراك شباب كل منطقة فى إزالة (القمامة) من الشارع، وإعادة ترتيب الحياة، بل وصل الأمر إلى أن الجميع شارك فى لجان شعبية تلقائية فى الحفاظ على الأمن العام والخاص، وإدارة المرور فى الشارع، خاصة بعد أن اختفى الأمن فى ظروف غامضة، ليس هذا موضوعنا اليوم!
وسرعان ما انقلبت الأوضاع وانقسم المجتمع إلى فئات وطوائف، وأيديولوجيات وعقائد، وخرجت الثعابين من جحورها، وبدأت المؤامرات على كل المستويات ترتب للمستقبل، وكلٍ يبحث عن نصيبه من الإرث، وللأسف ما أشد سوء الإرث الذى ورثناه، لقد ورث شعب مصر من العهد السابق (الجهل، والمرض، والفقر) تلك الثلاثية التى نتذكرها من فلسفة ثورة ( يوليو 1952) والتى قامت الثورة للقضاء عليها ,بالإضافة إلى الفساد الذى استشرى فى المجتمع.
ومع تلك التقسيمات فى المجتمع وتلك الخلافات، خرج على شعب مصر من يطلب استفتاء على مواد دستورية، ومنهم من خرج لكى يقود الشعب إلى طريق (الجنة)!!وكانت النتائج كما هى معلومة أيضاً اليوم وهذا ليس موضوعنا!!وكان البرلمان العجيب الذى جاء بعد الثورة وقيل عنه إنه برلمان الثورة، وكانت تلك الممارسات التى نشاهدها يومياً على شاشة التليفزيون المصرى حيث كما أعتقد وغيرى كثيرون، بأن صدمة عظيمة أصابت شعب مصر من تلك الممارسات البعيدة تماماً عن أحلام وأمانى الشعب.
واختفى الشباب الجميل من الشارع والميدان، وتولى أمور تلك الشوارع والميادين، ومجموعة من البلطجية والجائلين، والمتسولين ,وأصبحت (سمة قلة الأدب) التى مورست فى الحوارات والمناقشات، وشاهدنا بعضها على شاشات الفضائيات، والنقل المباشر من مجلس الشعب شيئا، وقلة الأدب فى الشارع المصرى شيئا آخر، حيث الأخير عضد قلة الأدب بأدوات القتل (سنج وسيوف) وتلثم هؤلاء الخارجون على القانون أثناء غزواتهم على أولاد الناس وسياراتهم، وعلى البنوك، وعلى الأعراض أيضاً ومازالت قلة الأدب سمة عامة.
وكان الأمل الكبير فى أن تنتهى هذه الموجة من العبث بعد وصول الرئيس «محمد مرسى» لموقعه فى رئاسة الجمهورية، لكن للأسف (زاد الطين بلة) مثل شعبى مصرى!!