الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
امسك حرامى!

امسك حرامى!


فى تصرف عفوى ينم عن الشهامة والجدعنة وحب الخير ودون أدنى إملاءات من أحد ويحدث فى شوارع المحروسة ليل نهار نستطيع أن نرى الجميع يشارك فى القبض على لص عندما يصرخ البعض ويقول «امسك حرامى»، مشهد معتاد يتكرر فى أى وقت ويتم التصرف حياله بتلقائية للإمساك بهذا اللص.. تصرف لا يستوجب أو يستدعى إخراج مادة قانونية من الثلاجة تنم عن سوء تقدير وعدم مراعاة لوضع البلاد الحالى لتزيد من حالة الالتباس التى تنتاب الشارع المصرى وتزيد من انقسامه وفرقته والتى بسببها خرج مسرعا المتحدث باسم النيابة ليصحح ما صدر عن النيابة نفسها ويزيل ولو جزءا من الانقسام والفرقة التى باتت تلازم أغلبنا، فحسنًا فعل المتحدث باسم النيابة العامة عندما نفى إصدار أى قرارات تتضمن منح المواطنين حق الضبطية القضائية استنادا لنص المادة 37 من القانون والتى تم تفعيلها مؤخرا لأهداف لا يعلمها إلا الله.. «المستفيد من نص هذه المادة يؤكد أن سببها الحالة الأمنية المتدهورة التى تزايدت عقب إضراب ضباط وأفراد الشرطة عن العمل لعدم تحقيق مطالبهم».
 
وسواء نفت النيابة العامة أم لم تنفِ إلا أن البعض استغل حالة النفى أو اللانفى ليعلن عن تكوين قوى وكيانات لحفظ الأمن والممتلكات العامة أو الخاصة، هذا ما أكدته طوابير استعراض القوى فى بعض محافظات الصعيد لأفراد الجماعة الإسلامية للقيام بمهام الشرطة لضبط أحوال الشارع والقضاء على البلطجة ومكافحة الجريمة بوجه عام مادامت الشرطة مضربة عن أداء مهامها تلك الميليشيات هى التى بشرنا بها المهندس عاصم عبدالماجد أحد قادة الجماعة بأن الشرطة التابعة لجماعته ولقوى تيار الإسلام السياسى الأخرى ستتولى حماية الوطن والمواطنين.
 
وبالمناسبة هذه الميليشيات أو الشرطة الإسلامية هى نفسها التى سبق أن شاركت من قبل فى اقتحام مديرية أمن أسيوط وقتلت عددا لا بأس به من رجال الشرطة عقب اغتيال الرئيس السادات!
 
الأحوال تبدلت وأصبح المتهمون باقتحام مديرية أمن أسيوط عام 1891 مسئولين الآن عن الأمن وحفظ النظام وحماية الأرواح التى أزهقوها من قبل!
 
بالطبع لم يكن هذا سيحدث لولا قيام ثورة يناير التى ساهمت فى خروج هؤلاء ومن يسيرون فى فلكهم من الظلمات، حيث اعتادوا العمل تحت الأرض، بل أدمنوه، وعندما خرجوا إلى النور ظهرت قلة حيلتهم وعدم قدرتهم على القيام بأعباء إدارة البلد بمفردهم بعيدا عن باقى القوى الأخرى، ولذلك عندما وجدوا ضالتهم فى التردى الحالى لمؤسسة الشرطة سارعوا للإعلان عن أنفسهم بإجبار الناس على تقبلهم دون النظر لصالحهم وصالح الوطن، وذلك لتحقيق غايتهم بالسيطرة على مفاصل الدولة واستخدام مؤسسة الشرطة لخدمتهم مثلما كانت تفعل مع النظام السابق والذى بسببه دفعت الثمن غاليا وتناسى هؤلاء أنه بعد الثورة لن يسمح الشعب بأن تكون هناك جهة أو مؤسسة تخدم النظام على حسابه.
 
لا يخفى على أحد أن هناك محاولات قوية من قوى تيار الإسلام السياسى ظهرت على الساحة للاستقواء على الشرطة والمناداة بإعادة هيكلتها لإخضاع هذا الجهاز لإرادتهم، وهذا ما تجلى فى إقالة الوزير «أحمد جمال الدين» الذى رفض أن يتم استخدام الشرطة لحساب أى جهة ضد أخرى، وبدلا من وقوف الجميع خلف الشرطة وانتشالها من عثرتها سعى قادة هذا التيار إلى هدمها والحديث الدائم عن تطهيرها وهيكلتها واستخدامها «مؤخرا» فى البطش بمن يخالفهم، وهذا تحديدا ما أدى إلى إضراب العاملين فى هذه المؤسسة، وللأسف لم ينظر هؤلاء إلى الجريمة التى يرتكبونها فى حق الشرطة والتى ستنال من الجميع، وسيكتوى الجميع بنارها لأن الغطاء القانونى الذى يسعى البعض لتوفيره لميليشيات التيار الإسلامى لترويع المواطنين من شأنه تدمير البلاد وإدخالها فى أتون حرب أهلية وسنتفرغ جميعا لا إلقاء القبض على بعضنا البعض، وسيجعل من جماعة مثل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تخرج من الشقوق لتنفيذ شرع الله الذى تريده هى أو يريده القائمون عليها، مثلها فى ذلك مثل باقى الميليشيات الإسلامية التى نصبت نفسها وليا على الشعب والتى أعلنت بشكل واضح استعدادها التام لمواجهة أى أشكال احتجاج ضد النظام الحاكم الذى يضمن تنفيذ رغباتها ومطالبها.
 
إن حفظ أمن الوطن والمواطن ليست مسئولية هذا الفصيل أو ذاك، وإنما هى مسئولية الدولة وتحديدا مسئولية وزارة الداخلية التى تعد من مؤسسات الدولة والتى يسعى البعض إلى هدمها، لهذا نطالب من مؤسسة الرئاسة الحفاظ عليها بالفعل وليس بالبيانات لأن فى غيابها قضاء على الدولة وعلى القانون الذى ينظم حياتنا حتى لا تجرفنا هذه الميليشيات إلى حافة الهاوية التى ستقضى على الجميع.