الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
أزمة الرئاسة والمستشار!

أزمة الرئاسة والمستشار!


سواء بقصد أو بدون قصد تسبب المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية «حتى الآن» د. ياسر على فى نشوب أزمة سياسية بين مؤسسة الرئاسة وحزب النور، عقب تصريحاته بشأن إقالة الدكتور خالد علم الدين مستشار رئيس الجمهورية لورود تقارير رقابية حول بعض تصرفاته، رأت معها مؤسسة الرئاسة استحالة تواجده بين جدرانها حتى لا تتأثر بما فعله مستشار الرئيس.

 
 
تصريحات المتحدث الإعلامى تنم عن نقص شديد فى الخبرة والذكاء والقدرة الإعلامية التى يجب أن يتسم بها من يتولى هذا المنصب، خاصة فى الجزء الخاص بتقارير الأجهزة الرقابية، فقد كان يكفيه إعلان نبأ الإقالة دون التعرض لهذا الجزء «لو لم تكن هذه التقارير تحت يديه»، الذى سرعان ما أشعل فتيل الأزمة وتبارى الجميع فى تحليل أسبابها ومدى علاقتها باقتراب انتخابات مجلس النواب ورفض حزب النور احتكار جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة لمفاصل الدولة دون إتاحة فرصة حقيقية لباقى القوى السياسية الأخرى، كما أن تصريحات المتحدث الإعلامى وما تضمنته حول ما يتعلق بشخص مستشار الرئيس وما أعقبها من بيان يتضمن عدم التعرض لحزب النور وسياسته وتحالفاته واجتماعات قادته مع بعض رموز جبهة الإنقاذ، كانت محاولة من الرئاسة لتجنب الصدام مع الشريك الرئيسى لجماعة الإخوان وحزبها فى الانتخابات الماضية ويثبت بما لا يدع هناك أدنى مجال للشك بأن مؤسسة الرئاسة تعانى من ارتباك شديد فى ظل غياب المنهج والرؤية الواضحة لتحالفات الجماعة وحزب الحرية والعدالة المنتمى إليه الرئيس مرسى، كما أن كثرة عدد المستشارين والمساعدين كانت وبالا عليها بعد أن فشلوا فى تحسين صورة هذه المؤسسة، «استقال بعضهم فيما بعد» بل إن هؤلاء المستشارين كانوا سببا رئيسيا فى توريط الرئيس نفسه فى العديد من المشاكل، مما أفقد هذه المؤسسة الكثير من رصيدها لدى الشعب، وزاد من حدة الاحتقان والتندر عليها بين جميع القوى السياسية سواء المعارضة أو المؤيدة للنظام.
فحالة الاغتيال المعنوى التى تم اتباعها مع الدكتور خالد علم الدين مرفوضة لدى الجميع وأساءت لسمعة الرجل، وإذا كان لابد من محاسبته لما ارتكبه من أفعال فكان يجب أن يتم بالطرق القانونية الكاشفة وليس عن طريق تصفية الحسابات، لمجرد أن الحزب أعلن اختلافه عن المنهج الذى يقاتل أصحابه لسيطرة فصيل واحد على مقدرات البلاد أو باجتماعه مع رجال جبهة الإنقاذ المعارضة لأنه من وجهة نظر الإخوان التواصل معهم مرفوض، فى الوقت الذى يجتمع فيه الكتاتنى مع بعض أعضاء هذه الجبهة طبقا لنظرية حلال علينا وحرام عليهم.
عشوائية فى اتخاذ القرار ثم العودة عنه فى كثير من الأحيان بفضل مستشارين ومساعدين تنقصهم الخبرة، وتلطيخ للسمعة دون سند أو دليل يتم تقديمه للجميع ليعلموا سبب إقالة رجل حزب النور ومدى الجرم الذى ارتكبه، وبعيدا عن الشفافية المفترى عليها والتى نتحدث عنها ليل نهار دون أن نطبقها على أرض الواقع منذ ثورة 52 يناير.
نحن نطالب مؤسسة الرئاسة بضرورة إعلان سبب الإقالة، وكذلك نطالب بالتحقيق مع الدكتور خالد علم الدين إذا كانت أسباب الإقالة حقيقية، بل معاقبته أو إبراء ساحته إذا كان بريئا لنرد للرجل اعتباره، كما نطالبه بكشف ما لديه من حقائق للرأى العام حتى وإن كانت تدين مؤسسة الرئاسة لأن ما لديه من حقائق أعلن عن كشفها فى مؤتمره الصحفى «لم يعلنها» ليست ملكه أو ملك الرئاسة، وإنما هى ملك للشعب.
أما عن عشوائية التصريحات التى فى مجملها نفى فى نفى حتى نصل إلى الأخذ بالشبهات فى محاسبة الناس ثم نقدمها للرأى العام فهى سياسة غير واضحة ولا أساس لها فى العمل السياسى أو حتى الإعلامى، وهى بالمناسبة نفس الشبهات التى يمكن أن تلاحق الكثيرين ممن يتدثرون بعباءة مؤسسة الرئاسة والجماعة، لهذا تحديدا لا يصح محاسبة الناس وفقا لهذا المنهج، وكفانا استخفافا بعقول المصريين فهم أذكى من أن يخدعهم أحد، فلابد من الأخذ بالقانون ولا شىء سواه حتى تنجلى الحقيقة أمام الشعب.
من المؤكد أن إقالة د. خالد علم الدين سببت أزمة بين الرئاسة وحزب النور، وهذا ما جعل الحزب يطالب باعتذار علنى، وجعلت نادر بكار المتحدث باسم الحزب يطالب الرئيس مرسى بالتقدم باستقالته لشبهات تورط بعض مرءوسيه فى قتل المتظاهرين، قد تكون درسا لمؤسسة الرئاسة فى تعاملها مع الأزمات القادمة، وذلك بدراستها جيدا والاستعانة بأهل الخبرة وليس المحاسيب والمتعاونين ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب «لأن البلد مش ناقصة مشاكل ومش ناقصة إصدار قرارات ثم العودة فيها».
أعتقد أن هذا هو الحل الأمثل لمواجهة أى مشاكل أو أزمات، أما غير ذلك فستكون نتيجته كارثية على مصر وشعبها، وبالتالى لا يصح أبدا أن يتولى طبيب بشرى رئاسة مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء بعد نجاحه التام فى أداء مهمته كمتحدث رسمى لمؤسسة الرئاسة فى نفى كل شىء..!! ورغبة فى استمرار نجاحه المزعوم فى النفى تمت الاستعانة به لإحكام السيطرة والاستحواذ على باقى مفاصل الدولة.
إنها مصر العظيمة والكبيرة التى نتحدث عنها والتى ستكون دائما عصية على مجموعة أو حزب واحد دون مشاركة فعالة من جميع أفراد شعبها.∎