الحب والوطن.. أمس واليوم!!
هكذا كان «عبدالحليم حافظ» يتنسم تلك الكلمات برومانسية، مع محبوبته «زبيدة ثروت» «قمة الرومانسية، وقمة التعبير عن الحب» فى فيلم «يوم من عمرى»، صنع هذا الفيلم وعرض فى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وأصبح حديث الأولاد والبنات فى ذلك العصر «عبدالحليم» فى حالة حب جديدة مع «زبيدة ثروت» «على الشاشة» تلمَّسناَ الذهاب إلى دور العرض الصباحية، هروباً من حصص المدرسة أو من مدرجات الجامعة.
وتصور كل شاب نفسه وتمنى أن يكون «عبدالحليم حافظ» وتمنت كل بنت أن تكون «زبيدة ثروت»!!
كان «عبدالحليم حافظ» «حلم جميل» وتعبيراً عن مرحلة مهمة فى تاريخ المصريين، خاصة، والعرب عامة ، وكان تعبيراً أيضاً، بل سجلاً لتاريخ النضال الوطنى!
نضال الأمة تحت راية ثورة يوليو، منادية بالقومية العربية وعدم الانحياز، والحياد الإيجابى، والاشتراكية، والوحدة، كلمات عشناها، وتعايشنا معها فى حالة حب مع «جمال عبدالناصر» حين يخطب فى مناسبات كثيرة، ومع «عبدالحليم حافظ» حينما يغنى تلك الخطب بعد أن ينظم كلماتها العملاق «صلاح جاهين».
«دى مسئولية عزيزة عليا.. معزة الروح والحرية.. معزة العسكرى لسلاحه وأكثر»!!
وغيرها من كلمات أدمت قلوب المصريين، وأذابتها حباً فى تراب هذا الوطن!!.
«ملايين الشعب تدق الكعب، تقول كلنا جاهزين.. كلنا جاهزين.. يا أهلاً بالمعارك».
ولم يترك «عبد الحليم حافظ» مناسبة إلا وكان فى أول طابور العارضين لمشاهدها فى غنوة أو فن سينمائى وكانت «حرب يونيو 1967»، وقد أطلقنا عليها «النكسة» أو «النكبة» وكانت أزمة ثورة وأزمة جيل، وصدمة وطن بأكمله!!.
وكان هناك أيضاً «عبدالحليم حافظ» وعبدالرحمن الأبنودى وبليغ حمدى»
عدى النهار والمغربية جاية.. تتخفى وراء ضهر الشجر
وعشان نتوه فى السكة.. غابت من ليالينا القمر
وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها.. جاها نهار مقدرش يدفع مهرها!!
وبكى المصريون، ورفعوا شعار البناء والكفاح، وإعادة التوازن لقوى الوطن، وكانت حرب 1973وعبورنا من الهزيمة للنصر، وعودة الكرامة العربية، وكان هناك أيضاً «عبدالحليم حافظ».
عاش اللى قال للرجال عدى القنال.. عاش اللى حول صبرنا حرب ونضال.. عاش
هكذا كان هذا الزمان وهؤلاء الفنانون، وهؤلاء الأبطال، أصحاب قضايا وأصحاب رؤية، وعاش الشعب «مر، وفرح، وحزن» هذه الأيام، وما زلت ومازلنا نتذكر كل هذا التاريخ فى غنوة، وفى لقطة أبيض وأسود «لعبدالحليم حافظ» «رحمه الله» ورحم شركاؤه فى تنظيم كلمات أغانيه، وملحنين عايشوه وعبروا معه عن أحاسيس شباب هذا الوطن، وكذا أحلامه وأحزانه، كما نطلب الرحمة لهذا الزمن بأبطاله رجالاً ونساء وشباباً.
نرجو من الله أن يعين شعب مصر، بعد أن نفض عن تاريخه عصراً من الاستبداد الوطنى والفساد، وأنهى عصراً من نهب أمواله وضياع أصوله وأن يعيد لنا مثل هذا الإحساس الرائع بالوطن، وأن نعمل بروح الفريق، وأن يرزق مصر برياح الوطنية التى توحد من قواه وتشد أزر أبنائه، لكى نعبُرْ هذا النفق المظلم الذى نعيشه دون بارقة ضوء أو أمل فى مستقبل معلوم الخطى والطريق!!
وفى ظل جماعة خطفت الوطن وخطفت أحلام المصريين، ولكن لحين!!∎